شباب غزة يتجرعون ويلات حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي للقطاع
آخر تحديث GMT09:59:59
 العرب اليوم -

ضمن سلسلة انتهاكات الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين

شباب غزة يتجرعون ويلات حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي للقطاع

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - شباب غزة يتجرعون ويلات حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي للقطاع

معاناة شباب غزة
غزة ـ ناصر الاسعد

يعيش ما يقرب من مليوني شخص محاصرين في شريحة دقيقة من الأرض تمتد على طول البحر المتوسط، وإذا ما تجولت جنوبًا على طول الطريق السريع الساحلي لإسرائيل لا تبدو أي علامات تشير إلى الاقتراب من غزة، إذ يقتصر زوار القطاع على الدبلوماسيين وعمال الإغاثة والصحفيين فقط، حيث تعد المحطة الأخيرة في إسرائيل محطة خدمة، حيث يحتسي السياح والركاب المتجهون إلى البحر الأحمر الشراب ويتناولون الكرواسون في مقهى على الطراز الأميركي، وعند العودة إلى سيارتهم ربما يلمحون العلامة الوحيدة على وجود غزة، حيث يوجد في السماء الجنوبية بالون أبيض ضخم يوفر للجيش الإسرائيلي رؤية علوية لمدة 24 ساعة عن القطاع.

ويمكنك مشاهدة محطة مطار مهجورة خلف الحقول الخضراء لمعبر إيرز الطريق البري الوحيد للأشخاص الذين يدخلون ويخرجون من غزة، وفي المطار المهجور هناك موضعين استقبال فقط، وبمجرد تمرير جواز السفر يفتح الباب الخرساني إلى ما يؤدي إلى ممر طوله 900 متر قبل الدخول إلى ما يسميه سكانه بأكبر سجن في العالم، وهناك يتبدل الإسرائيليون بالفلسطينيين، وتبدو الطرق ممهدة مع علامات بيضاء ساطعة للمسارات تحت أشعة الشمسن وتتبدل السيارات بعربات يدوية وعربات خشبية تجرها الحمير.شباب غزة يتجرعون ويلات حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي للقطاع

ويصف خالد النيرب (22 عاما) من قطاع غزة المنطقة بأنها "مقبرة المواهب"، ويعتبر خالد من جيل سكان غزة، حيث أنهى تعليمه وقضى حياته في هذه المنطقة المسورة، على عكس والديه الذين يتذكرون الوقت الذي عمل فيه آلاف الفلسطينيين في إسرائيل، وكانوا قلما يقابلون إسرائيليا، وتأثرت حياة الأسرة بثلاث صراعات كبرى أولها المعارك المنتظمة بين إسرائيل وحكام غزة: حماس والفصائل الفلسطينية المتناحرة، كما تأثر نيرب وأقرانه بالأزمات الاقتصادية في ظل وصول نسبة البطالة بين الشباب إلى أكثر من 70%، مع انهيار نظام الرعاية الصحية، في مجتمع يشرب فيه الناس من مياة سامة، ويواجه انقطاعا شديدا في الطاقة.

وحافظت إسرائيل ومصر كجيران لغزة على حصار خانق على البضائع التي تدخل إلى القطاع البالغ طوله 25 ميلا، وتقول إسرائيل التي استعادت قواتها لاحتلال المنطقة عام 2005 إن هذه القيود تتعلق بأمنها، لكن الأمم المتحدة تعتبر الحصار عقابا جماعيا، تلك هي الحياة التي دعت عشرات الآلاف للاحتجاج على طول الحدود الإسرائيلية في كل يوم جمعة لمدة عام تقريبا، حيث قاموا بإلقاء الحجارة وزجاجات البنزين المحترقة دون جدوى على الجنود الإسرائيليين على الجانب الآخر، وطالبت الاحتجاجات بتخفيف الحصار وحق الفلسطينيين في العودة إلى منازل الأجداد في إسرائيل، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على أكثر من 6 آلاف شخص وقتل 180 شخصا على الأقل.

اقرأ أيضا:

خلافات إسرائيلية بشأن آلية التعامل مع الوضع المُتفجّر في قطاع غزة

وأدرك نيرب لماذا يخاطر الناس بكل شيء عن طيب خاطر، فهو مثل معظم سكان غزة ينتمي لعائلة من اللاجئين الذين فروا من منازلهم أو طُردوا منها في وقت قريب من تأسيس إسرائيل عام 1948، وكتب نيرب الشعر في سن مبارك، واتجه حاليا إلى موسيقى الراب، وهو على وشك التخرج من دورة الوسائط المتعددة لكنه يواجه الحياة الصامتة في غزة، ويضيف نيرب " تخيل الذهاب إلى مكان ما كل يوم في نفس التوقيت، ومقابلة نفس الأشخاص، إذا كنت تريد السفر لأي سبب من الأسباب فلن يمكنك ذلك".

وبشكل ظاهري يعيش نيرب حياته بين جولات التفجيرات، حيث ينام في شقه صديقه ويستيقظ في وقت متأخر ثم يشرب الكوكاكولا ويعمل على تحرير مقاطع الفديو الموسيقية، ثم يعاود البحث عن وظيفة بأجر ضئيل، ويسجل أغاني الراب في ستوديو صغير بوسط المدينة حيث يوفر بعض النقود الاحتياطية  ويلعب البلياردو، ولكن مثل كل شباب غزة فليس لديه سيطرة على حياته لأن الحصار يؤثر على أبسط مهامه.

وتتغير السلع المتاحة للشراء في غزة بناء على ما تسمح به مصر وإسرائيل، فعندما بدأ المتظاهرون بإحراق الإطارات فرضت إسرائيل قيودا عليهم ورفعت الأسعار ثلاثة أضعاف، وفي الأسابيع الأسوأ لا يمكن الحصول على البطاريات،  ويعتبر تحول الأموال داخل أو خارج الأراضي التي تحكمها حماس التي تعتبرها أمريكا منظمة إرهابية صعب للغاية، حيث تخضع العملة المحلية لسيطرة إسرائيل في ظل استمرار تداول الشيكل، وفي الوقت نفسه خفضت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية رواتب موظفي الخدمة المدنية لمعاقبة منافستها السياسية.

ويتذكر السكان كبار السن وجود شاحنات للقمامة، ولكن الآن نظرا للقيود على واردات السيارات، فالعديد من الأحياء لديها عربات تجرها الخيول لالتقاط النفايات، وكان توجد في غزة دور السنيما لكن الأشجار حاليا تنمو في ممرات السنيما ، وعلى الرغم من أن الحصار أو سلطات حماس غير الفعالة لا يمكنها سلب الشاطئ المذهل إلا أن نظام الصرف السيئ يعني أن المياة قذرة للغاية بحيث لا يمكن السباحة فيها.

وفي ظل تلك الظروف يحرص نيرب على قراءة الكتب pdf لأن استيرادها أمر صعب، ويشعر نيرب بالغضب من مشاكل غزة لكنه يحتاج إلى توخي الحذر لأن حماس لا تعطي مساحة كبيرة للأصوات الناقدة، ونادرا ما يسمح فكرها الصارم بإقامة الحفلات العامة، ويضيف نيرب "أنا مغني راب، ولكن لا يمكنني الغناء عن أي موضوع، لأ استطيع الوقوف في الشارع مع الميكروفون أو السماعات والبدء بالغناء".

وقام بعض أصدءا نيرب بالفرار إلى مصر عبر أنفاق تحت الأرض تم تدميرها منذ ذلك الحين، ثم دفعوا للمهربين لنقلهم إلى أوروبا بالقوارب، لكنه أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة له لكنه يتفهم لماذا يهرب الناس، ويعتقد نيرب أن التجمعات الحدودية لن تنقذ غزة قائلا " الخطأ ليس في التظاهر بل في طريقة الاحتجاج، إننا لا نملك الدفاع أمام جندي يحمل سلاح، في النهاية ثمني بالنسبة لهم هو مجرد ثمن رصاصة".

وتوافقه الراي غدير أيوب (27 عاما) " بدلا من دفع الأطفال إلى الموت يجب أن نعلمهم حقوقهم، مثل حقهم في العيش"، وبدأت التظاهرات في 30 مارس/ أذار 2018 كحملة مدتها 6 أسابيع لكنها استمرت إلى ما بعد هذا التاريخ، وتحدث أيوب في مقهي يقع في مول من ثلاثة طوابق في غزة يضم متاجر بيع ملابس من أحدث الصيحات التركية، وفي بعض الأيان ربما تشاهد سيارة BMW تقف بالخارج لبعض من يملكون دخلا في غزة، وافتتح مركز التسوق عام 2017 كخطوة نحو حياة يتوقع وجودها في مكان آخر.

وتتذكر أيبو أحد اللحظات القاسية غير المتوقعة، عندما شاهدت مقطع فديو على الإنترنت فيه عرض لأحد الطهاة الموهوبين في اسطنبول، وعرضت المقطع على والدها لعله يستمتع به، لكنه أخبرها حزينا " حقا، نحن لسنا على قيد الحياة هنا"، وتوضح أيوب أن الحياة مقيدة بشكل أكبر على النساء بسبب القيود الاجتماعية المفروضة عليهن، مضيفة " أريد أن أركض في الشارع لكن لا يمكنني ذلك، أحيانا أنتظر وجود عاصفة يوما ما حيث لا يوجد أحد في الشارع حتى أتمكن من الركض إلى الشاطئ".

ويقول حسن زيادة الطبيب النفسي في غزة " يشعر الناس أنهم يعيشون في بيئة لا يمكن السيطرة عليها، فهناك شعور بالضعف وفقدان الأمل، وفي بعض الحالات يعاني المرضى من ألم شديد دون سبب واضح"، وأدى العدد الكبير من الإصابات الناجمة عن الاحتجاجات الأخيرة إلى تفاقم أزمة الصحة العقلية، ويوضح زيادة أن الفلسطينيين في غزة يحتاجون إلى وجود وكالة للرعاية الصحية، واضاف زيادة "الانخراط في صراع أمر نفسي مهم للغاية، فلا يمكنك أن تكون ضحية سلبية، ولكن من الناحية النفسية تحتاج إلى احترام وتقدير الذات ".

ويلقي جيش إسرائيل باللوم على حماس في إراقة الدماء على الحدود، حيث انطلقت رصاصة من داخل غزة قتلت جنديا، ثم قتلت القوات الإسرائيلية مجموعات تطلق بالونات وطائرات ورقية محملة بعبوات بنزين مشتعلة أدت إلى حرق المزارع على الجانب الآخر، وشارك الفلسطيي محمد وديع (29 عاما) سائق تاكسي في المظاهرات في مايو الماضي، واتجاه إلى الرشق بالحجارة قبل أن يطلق قناص إسرائيلي النار على ساقه، ما دفع وديع إلى بيع سيارته، وهو يتحرك الأن بقضبان معديه في ساقه، وأضاف وديه " كنت بطلا، ولكن بعد الأسبوع الأول لم يهتم بي أحد، لقد كانت الحركة برمتها كذبة"، وعندما سئل وديع عما كان سيفعله إذا حال نجاحه أجاب " كنت سأهزم الجنود والمدنيين، إنهم محتلين".

وأجاب المتظاهرون إجابا متعددة على مدى عدة أشهر من المقابلات، حيث أوضح البعض أنهم يريدون فقط العبور إلى إسرائيل للوقوف على أرض الأجداد، فيما ركض آخرون إلى السياج وقطعوه أو يرفعون العلم الفلسطيني، وفي بعض الحالات ألقى الأفراد المتفجرات لتدمير الأسلاك، وعندما تمكنت إحدى المجموعات من العبور ركضوا بشكل هستيري قبل أن يعودوا مرة أخرى، ويشير زيادة إلى عدم دهشته من جواب ويدع معتبرا حياة الشباب في غزة عبارة عن مجموعة مستمرة من الصدمات، والنتيجة تصبح للبعض أن "الحياة بلا معنى".

قد يهمك أيضا:

مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الاوسط يصل إلي غزة

استشهاد شاب فلسطيني متأثرًا بجراحه جنوب قطاع غزة

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شباب غزة يتجرعون ويلات حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي للقطاع شباب غزة يتجرعون ويلات حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي للقطاع



إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 العرب اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 09:47 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 08:30 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن بداياته الفنية
 العرب اليوم - خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن بداياته الفنية

GMT 15:16 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب أثناء محاكمة نتنياهو

GMT 12:39 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل يتحمل كهربا وحده ضياع حلم الأهلى؟!

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 08:34 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

جديد في كل مكان ولا جديد بشأن غزة

GMT 04:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إنزال إسرائيلي قرب دمشق استمر 20 دقيقة

GMT 16:56 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

السيتي يعلن وفاة مشجع في ديربي مانشستر

GMT 20:06 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

انتشال 34 جثة من مقبرة جماعية في ريف درعا في سوريا

GMT 10:58 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ضربة جوية أمريكية تستهدف منشأة تابعة للحوثيين باليمن

GMT 08:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 03:01 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حظر الطيران الجوي في أصفهان وقم الإيرانيتين

GMT 02:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بغزة

GMT 02:54 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 7.3 يضرب المحيط الهادئ وتحذير من تسوماني

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دوي انفجار يهز صنعاء وسط أنباء عن استهداف وزارة الدفاع

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يدمر منشأة قيادة تديرها مليشيا الحوثي

GMT 12:43 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

لماذا سقط الأسد؟ ولماذا يسقط الطغاة؟!

GMT 02:50 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

انقطاع التيار الكهربائي عن مستشفى كمال عدوان شمالي غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab