العبادي يغادر موقع رئاسة الحكومة العراقية بهدوء بعد 4 سنوات من توليه المنصب
آخر تحديث GMT18:03:10
 العرب اليوم -

في عملية رافقها الكثير من الضجيج والشدّ والجذب والعَنَت

العبادي يغادر موقع رئاسة الحكومة العراقية بهدوء بعد 4 سنوات من توليه المنصب

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - العبادي يغادر موقع رئاسة الحكومة العراقية بهدوء بعد 4 سنوات من توليه المنصب

حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي "السابق"
بغداد ـ نهال قباني

 للمرة الثانية منذ العام 2003 تحصل في العراق حالياً عملية "انتقال سلس وسريع" للسلطة التنفيذية من رئيس وزراء سابق إلى رئيس وزراء جديد. المرة الأولى كانت في 3 مايو/أيار 2005 عندما سلّم إياد علاوي رئيس الحكومة المؤقتة السلطة إلى خلفه إبراهيم الجعفري الذي كلّفته الجمعية الوطنية (البرلمان) بتشكيل حكومة انتقالية لحين كتابة الدستور والاستفتاء عليه وإجراء أول انتخابات دستورية (نُظّمتْ في ديسمبر/ كانون الأول 2005). أما المرة الثانية فهي الجارية حالياً بعدما كُلف عادل عبد المهدي مهمة تشكيل الحكومة الجديدة لتخلف حكومة العبادي التي بدأت عملها قبل أربع سنوات.

بين هاتين التجربتين الإيجابيتين، كانت هناك ثلاث تجارب ليست كذلك، فعندما حان موعد انتقال السلطة من حكومة الجعفري مطلع 2006 بعد أول انتخابات برلمانية دستورية، سعى الجعفري الذي كان زعيماً لحزب "الدعوة الإسلامية" في سبيل البقاء في رئاسة الحكومة، لكنّ الأميركيين الذين كانت لهم اليد الطولى في البلاد رفضوا ذلك، واستغرق الأمر أشهراً عدة لإقناع الجعفري بالتخلّي عن فكرة الولاية الثانية له. وكحلّ وسط اختير أحد أعضاء قيادة "الدعوة"، وهو نوري المالكي ليخلفه في رئاسة الحكومة.

الحكومة المنبثقة عن انتخابات 2010 كانت ولادتها متعسّرة أيضاً، فتلك الانتخابات أسفرت عن فوز القائمة العراقية برئاسة إياد علاوي بأكبر عدد من الأصوات وأكبر عدد من مقاعد مجلس النواب، لكنّ المالكي الطامح بولاية ثانية رفض الإذعان للنتيجة وشكّل مع قوى شيعية أخرى كتلة برلمانية وذهب إلى المحكمة الاتحادية ليستصدر حكماً بأن الكتلة الأكبر التي نصّ الدستور على تكليفها بتأليف الحكومة هي التي تتشكل داخل البرلمان بعد الانتخابات وليست الفائزة في الانتخابات.

المشهد تكرّر بعد انتخابات 2014، فقد سعى المالكي للبقاء في السلطة في ولاية ثالثة، بيد أنه جُوبه بمعارضة شديدة حتى داخل الائتلاف الشيعي (الائتلاف الوطني) الذي فاز بأعلى الأصوات وأكثر مقاعد البرلمان، خصوصاً أن ولاية المالكي الثانية شهدت كارثة وطنية كبرى، هي كارثة احتلال تنظيم "داعش" ثلث مساحة البلاد، وإقامة "دولة مزعومة عليها، فضلاً عن تفشّي الفساد الإداري والمالي على نحو غير مسبوق. وبعد أشهر وجدت الطبقة السياسية الشيعية حلّاً فرضته فرضاً على المالكي بتكليف قيادي من حزبه بتشكيل الحكومة، هو العبادي الذي ظل محل ضغينة المالكي إلى اليوم".

العبادي هو الآخر كان راغباً في التجديد له بولاية ثانية مهّد لها بتشكيله ائتلافاً انتخابياً لم يسعفه الحظ في الحصول على المركز الأول ولا الثاني، لكنّه لم يشأ أن يقتفي خطى سلفيه فيتشبّث بكل وسيلة. استسلم بهدوء وتقبّل تكليف غيره بهدوء مماثل. هذا ممّا يُحسَب له.

في ظروف أخرى كان يُمكن للعبادي أن يكون قد دشّن الآن ولايته الثانية منتقلاً إليها بكامل اليُسر والسلاسة، لكنّه صنع لنفسه ظروفاً مختلفة تماماً، غير مناسبة حتى لأدنى المطامح.

أورث المالكي العبادي تركة ثقيلة الوطأة، هي «الدولة الداعشية» التي وصلت حدودها إلى مشارف العاصمة الاتحادية بغداد وعاصمة إقليم كردستان، أربيل، مجتذبة إلى صفوفها من شتى بقاع الأرض عشرات الآلاف من المقاتلين الشرسين والانتحاريين الذين كانت مهمة مواجهتهم شاقّة في الواقع. والحمل الثقيل الآخر الذي ورثه العبادي الفساد الإداري والمالي الذي تحوّل إلى ظاهرة زعزعت أركان الدولة والمجتمع، وأنشأ له دولة عميقة داخل الدولة.

في عهد العبادي أمكن قصم ظهر "داعش" وطرده من العراق (لم تزل له جيوب متحرّكة محدودة الفعالية). صحيح أن الدعم الجوي الهائل الذي قدّمه التحالف الدولي المناهض لـ"داعش" كان له الدور الحاسم في هزيمة التنظيم في العراق، لكن القوات المسلحة العراقية بقيادة العبادي هي التي صنعت النصر على الأرض. هذا وحده كان يكفي للتجديد للعبادي عند انتهاء ولايته، لكنّه، ربما من فرط نشوته وزهوه بالنصر، أوقع نفسه في أخطاء كبيرة لم تعزّز الثقة به سياسياً وشعبياً ليمنحه الآخرون الولاية الثانية عن طيب خاطر.

الاختبار الأول الذي فشل فيه العبادي وأكل من رصيده الشعبي والسياسي كان في صيف 2015 (هو تولّى السلطة في صيف 2014)، فقد اندلعت حركة احتجاجية قوية امتدّت من البصرة في أقصى الجنوب إلى بغداد مروراً بكل المحافظات ذات الأغلبية الشيعية. كانت الحركة المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة، من القوة بحيث أجبرت حكومة العبادي على الإعلان عن مشروع إصلاحي يستجيب لمطالب المحتجين. العبادي بتلك الحركة اكتسب تأييداً قوياً من الحركة الاحتجاجية، ما اضطر مجلس النواب إلى القبول ببرنامج العبادي الإصلاحي، بل إنه نفسه قدّم ملحقاً لذلك البرنامج في سبيل امتصاص النقمة الشعبية وتهدئة الشارع. كانت تلك فرصة ذهبية للعبادي لكي ينال من البرلمان التشريعات المطلوبة لتحقيق برنامجه، لكنّه لأسباب غير مفهومة ظلّ متردداً، بل إنه نكص عمّا تعهد به، فتراجع رصيده الشعبي، بالذات عندما أظهر فشلاً ذريعاً في مكافحة الفساد؛ المطلب الرئيسي لكل الحركات الاحتجاجية التي شهدها العراق منذ 2010.

كما أنه لم يُظهر الحصافة المطلوبة عندما واجه مشكلة استفتاء إقليم كردستان بشأن حق تقرير المصير، فقد اتخذ موقفاً وإجراءات اتّسمت بالتطرف آلت إلى ما يشبه الانهيار في العلاقات بين حكومة العبادي وإدارة الإقليم. وفضلاً عن هذا كان هناك تواكل كبير في معالجة مشكلات النازحين من المناطق التي احتلّها «داعش»، وفي إعادة إعمار المدن التي دمّرها التنظيم والحرب ضده.

ولقد جاءت العبادي "رصاصة الرحمة" من الجنوب الشيعي، (البصرة) بالذات، فهو في الأساس لم يُحسن التعامل مع أزمة الكهرباء والماء التي كان السكان يكابدونها، وعندما تفجّرت الحركة الاحتجاجية انطلاقاً من البصرة كان ردّ فعل حكومته بارداً وبطيئاً جداً، بل إنه بدا في الأيام الأولى غير مدرِك تماماً لحجم المشكلة، وهذا ما أدّى إلى تفاقم الاحتجاج وأعمال العنف المرافقة له، خصوصاً بعدما دخلت على خطّها ميليشيات وقوى مسلحة، أكد العبادي نفسه أنها هي التي نظّمت أعمال الحرق في المقار الحكومية والحزبية من أجل تشويه الحركة الاحتجاجية وحرف مسارها تمهيداً للهجوم عليها.

هذا كلّه قاد إلى تصفير رصيد العبادي وحكومته شعبياً وبالتالي سياسياً. وبعد هذا كلّه كان سيبقى من النشاز تمكينه من ولاية ثانية، وهو ما أدركه فانسحب بهدوء ليُسجّل لنفسه أنه لم يتشبّث بالسلطة، كما غيره.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العبادي يغادر موقع رئاسة الحكومة العراقية بهدوء بعد 4 سنوات من توليه المنصب العبادي يغادر موقع رئاسة الحكومة العراقية بهدوء بعد 4 سنوات من توليه المنصب



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 15:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار
 العرب اليوم - إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab