توغل الجيش الإسرائيلي أكثر باتجاه عمق مدينة رفح في جنوب قطاع غزة وعلى مشارف مخيم جباليا شماله، بعد اشتباكات ضارية استهدفت خلالها الفصائل المقاتلة قوات الجيش ودباباته بالكمائن والصواريخ. وفي حين قال جيش الاحتلال إنه نفذ غارات على رفح وجباليا ومخيم النصيرات وسط القطاع، مخلفاً عشرات الضحايا، قصفت «كتائب القسام» بالصواريخ سديروت وعسقلان، في مشهد أعاد إلى الأذهان الأيام الأولى للاجتياح البري.
وتقدمت الدبابات الإسرائيلية من جهة معبر رفح في الشرق، متجاوزة شارع صلاح الدين إلى مناطق في غرب ووسط رفح، حيت يتكدس أكثر من مليون فلسطيني هناك، تحت نيران قصف جوي ومدفعي.
وقالت مصادر ميدانية إن الدبابات توغلت للمرة الأولى في منطقة تقع جنوب حي تل السلطان في المنطقة الغربية التي تُعدّ ضمن محور فيلادلفيا، مشيرة إلى أن ما حصل «تقدم محدود».
واستخدم الجيش الإسرائيلي قوة نيران كبيرة شرق رفح، وقال ناطق باسم الجيش إن قواته اشتبكت مع مسلحين في معارك وجهاً لوجه على الجانب الغزي من معبر رفح، وفي شرق رفح.
وأضاف: «قوات غولاني قضت على عدد من المخربين خلال اشتباكات وعثرت على وسائل قتالية. في حين أغارت القوات الجوية على خلايا ومنطقة إطلاق وموقع تصرف منه مسلحون».
فلسطينيون يملأون عبوات ماء من خزان في خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)
في المقابل، أكدت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، أنها تخوض اشتباكات ضارية مع القوات الإسرائيلية في محاور التقدم شرق رفح، وفجّرت عين نفق بقوة هندسة إسرائيلية في محيط محطة القدس وأوقعت أفرادها بين قتيل وجريح، كما فجّرت منزلاً مفخخاً في قوة إسرائيلية خاصة في شارع جورج. وأضافت أنها استهدفت دبابات وناقلات جند ومواقع جنود، ودكّت قوات العدو الموجودة داخل معبر رفح البري جنوب قطاع غزة بقذائف الهاون.
كما أعلنت «سرايا القدس»، الجناح المسلح لحركة «الجهاد الإسلامي»، أن مقاتليها خاضوا اشتباكات وقصفوا بقذائف هاون حشود الاحتلال وآلياته المتوغلة في محيط معبر رفح جنوب قطاع غزة، وفي محيط المقبرة الشرقية بحي السلام شرق رفح.
وجاء التقدم الإسرائيلي في وقت قدّرت فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن إسرائيل حشدت ما يكفي من القوات على أطراف مدينة رفح للمضي قدماً في هجوم واسع النطاق في الأيام المقبلة.
وقال اثنان من كبار المسؤولين الحكوميين لشبكة «سي إن إن»، صباح الثلاثاء، إنهما ليسا متأكدَين مما إذا كانت إسرائيل قد اتخذت بالفعل قراراً بشن مثل هذا الهجوم، أم لا، وهو ما سيمثل تحدياً مباشراً لإدارة بايدن.
وحذّر أحد المسؤولين من مثل هذا الهجوم باعتبار أن إسرائيل لم تنته من إجراء التحضيرات الكافية، بما في ذلك إقامة البنية التحتية المتصلة بالغذاء والصحة العامة والإيواء قبل الإجلاء المحتمل لأكثر من مليون نازح فلسطيني يقيمون حالياً في رفح.
فلسطينيون يبحثون عن ناجين أو ضحايا بين أنقاض مبنى قصفته إسرائيل ليلة الاثنين - الثلاثاء في النصيرات بوسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
وتعارض الولايات المتحدة هجوماً واسعاً في رفح، وأكد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، أن عملية في رفح ستكون خطأ، متوقعاً عقد اجتماع مباشر مع مسؤولين إسرائيليين في غضون أيام وليس أسابيع لمناقشة الوضع في رفح.
لكن الرئاسة الفلسطينية هاجمت الإدارة الأميركية، وحمّلتها مسؤولية الهجوم على رفح.
وقال الناطق باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إن الإصرار على اجتياح رفح سيكون خطأ كبيراً، ستتحمل الإدارة الأميركية المسؤولية عنه؛ لأنها الوحيدة القادرة على وقفه.
وأضاف: «نحمّل الإدارة الأميركية مسؤولية هذه التداعيات الخطيرة والتي سيكون لها تأثير على المنطقة والعالم أجمع؛ وذلك لتقاعسها عن التدخل بالشكل المطلوب لإلزام حكومة الاحتلال على وقف اجتياح مدينة رفح، وتهجير المواطنين منها».
واستخدم أبو ردينة مصطلح «العدوان المدعوم أميركياً» في توصيف المجازر في غزة، مؤكداً أنه «لولا قيام الإدارة الأميركية بتوفر الدعم المالي والعسكري للاحتلال، ومنع إدانته في المحافل الدولية، لما تجرأ على الاستمرار في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، بما فيها القدس».
وأكد ضرورة تحرك الإدارة الأميركية، وعدم الاكتفاء بالبيانات والإدانات، والعمل على وقف العدوان فوراً، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، و«وقف تهجير أبناء شعبنا، خاصة من مدينة رفح».
حافلة تقل فلسطينيين عائدين إلى خان يونس في جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
وحتى الآن تسبب الهجوم على شرق رفح بنزوح 450 ألف فلسطيني.
وقالت وكالة «أونروا» إن 450 ألف فلسطيني في رفح «نزحوا قسراً» منذ 6 مايو (أيار)، عندما دخلت القوات الإسرائيلية شرق المدينة.
وأضافت الوكالة أن «الناس يواجهون الإرهاق المستمر والجوع ولا يوجد مكان آمن، والوقف الفوري لإطلاق النار هو الأمل الوحيد».
ورافق التقدمَ الإسرائيلي الحذر في رفح، تقدم آخر في محيط مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، حيث تدور معارك طاحنة هناك.
وقال قائد فرقة 98 البريغادير دان غولدفوس إن طاقم القتال اللوائي للمظليين توغل في شمال القطاع بغطاء إطلاق نار كثيف وغارات جوية على العشرات من الأهداف.
وأكد ناطق باسم الجيش أن الفرقة 98 وسعت رقعة العملية في مخيم جباليا، وخاضت معارك عديدة، وقضت بنيران الدبابات على عشرات المسلحين الذين أطلقوا النار باتجاه القوات المتوغلة ودمرت ساحة عبوات ناسفة زُرعت في المنطقة.
وبحسب الناطق، فقد أغارت طائرات حربية وقطع جوية تابعة لسلاح الجو على أكثر من 100 هدف في أنحاء قطاع غزة، منها مسلحون، ومبانٍ مفخخة وبنى تحتية أخرى.
ومقابل ذلك، أعلنت «كتائب القسام» أنها تخوض معارك ضارية ضد جيش الاحتلال في جباليا بمشاركة عدد من الفصائل الفلسطينية.
وكان 5 جنود على الأقل قُتلوا في اشتباكات شمال غزة منذ أيام قليلة في حين يصاب يومياً عشرات منهم.
وقصفت «القسام» أيضاً مدينة عسقلان في غلاف غزة برشقة صاروخية، وقصفت سديروت.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الصواريخ أُطلقت من منطقة تتواجد بها فرقتان من الجيش الإسرائيلي بشمالي قطاع غزة.
ومع مواصلة المعارك ارتفع عدد الضحايا في قطاع غزة.
وقتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 في ضربة واحدة على مخيم النصيرات، بينما لا يمكن حصر أعداد الضحايا في جباليا التي تتعرض لقصف عنيف مستمر وحصار.
ومنذ بدأت الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قتلت إسرائيل أكثر من 35 ألف فلسطيني، ولا يشمل هذا الرقم 10 آلاف يقول الدفاع المدني إنهم تحت الأنقاض.
وقد يهمك أيضًا :
الجيش الإسرائيلي يأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال غزة
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة
أرسل تعليقك