شهدت بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد أمس، موجة جديدة وكبيرة من الاحتجاجات، شكَّل طلاب الجامعات والمدارس رأس الحربة فيها. وكان لمحافظة واسط (180 كيلومتراً جنوب العاصمة)، الحصة الأكبر من حيث حدة التوتر.والمواجهات بين المحتجين من الطلبة وقوات مكافحة الشغب، تسببت بحسب ناشطين في إصابة نحو 60 شخصاً من الطلاب وقوات مكافحة الشعب، كما تسببت في حرق البوابة الرئيسية لجامعة واسط، وبعض عجلات قوات مكافحة الشغب، في حادثة هي الأولى من نوعها، منذ انطلاق التظاهرات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقالت مفوضية حقوق الإنسان، الأحد، إن إجمالي الإصابات التي وقعت بين صفوف المتظاهرين وعناصر الشرطة ومكافحة الشغب في محافظتي كربلاء وواسط، بلغت 52 إصابة.وتعليقاً على تطورات الأحداث في محافظة واسط، يقول الناشط والمحامي سجاد سالم، إن «الناشطين يتهمون قائد الشرطة علي هليل المياحي بإثارة المشكلة، بعد قيامه باستفزاز المتظاهرين، وتحديهم في مسألة انتظام الدوام في الجامعات والدوائر الحكومية التي يرفض المحتجون عودتها لحين تحقيق مطالبهم».
ويقول سالم لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأوضاع في واسط أضحت أكثر تعقيداً، مع عدم وجود محافظ ومجلس محافظة بعد إقالة المحافظ السابق وإلغاء البرلمان لمجالس المحافظات، وهذا أمر ترك فراغاً واضحاً في السلطة وعملية اتخاذ القرار». وعن الأسباب المباشرة التي تقف وراء الصدامات بين الطلبة المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، ذكر أن «طلبة الجامعة أقاموا اعتصاماً أمام الجامعة لمنع الدوام، فتدخلت عناصر مكافحة الشغب لفضهم، واعتدوا عليهم بالهراوات، فلما سمع المحتجون في ساحات التظاهر بهذا، هرعوا إلى مساعدة الطلبة، وحدثت صدامات بين الجانبين».
ويؤكد سالم «إصابة ما لا يقل عن 60 شخصاً بين الطرفين؛ لكنها إصابات غير خطيرة في معظمها، لحسن الحظ». ويرجح بعض المتظاهرين - والكلام لسالم - قيام عناصر الشرطة ومكافحة الشغب «بحرق بوابة الجامعة للحيلولة دون دخول المحتجين الغاضبين إلى الحرم الجامعي».
وأكد أن «متظاهرين نظموا حملة لتنظيف بوابة جامعة واسط بعد الظهر، للتأكيد على سلمية التظاهرات، ورفض كل أشكال العنف، والحفاظ على الممتلكات العامة للبلد».
وكانت جماعات الحراك في محافظة واسط، قد أسست في وقت مبكر من انطلاق التظاهرات، فرقاً خاصة لمنع الدوام في المدارس والجامعات والمؤسسات الرسمية، باستثناء دوائر الصحة والبلدية والمحاكم. كما أنها أول من نصب سرادق الاعتصام في ساحة التظاهر.
ويشير ناشطون إلى أن الأنباء التي ترددت عن إمكانية إعادة ترشيح رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي لشغل رئاسة الحكومة المؤقتة، أسهمت في تحريض المواطنين على الخروج في تظاهرات حاشدة، رفضاً لهذا الترشيح المحتمل، كما أن التعليمات التي أطلقتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بشأن عودة طلبة الجامعات إلى مقاعد الدراسة، ساهمت هي أيضاً في تصاعد موجة التحدي بين صفوف الطلاب، وخروجهم بكثافة إلى الساحات والشوارع لكسر تعليمات الوزارة.
وشهدت غالبية الجامعات العراقية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد، أمس، إضراباً شبه عام، وخرج الطلاب في بغداد في مسيرة حاشدة انطلقت من وزارة التعليم العالي في الباب الشرقي وصولاً إلى ساحة التحرير. كما خرج آلاف الطلبة في مسيرات حاشدة بمحافظات بابل والديوانية وميسان والبصرة والنجف وذي قار.
وفي محافظة كربلاء، وبينما يؤكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط» أن «قوات مكافحة الشغب هي من قامت مساء أول من أمس بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة زيد، وتسببت بمقتل اثنين وإصابة 4 متظاهرين»، قال المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، عبد الكريم خلف، أمس، إن «مجموعة إجرامية في كربلاء استهدفت المتظاهرين، ما تسبب في سقوط 3 جرحى». وأمر القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، بتشكيل لجنة تحقيق في استهداف المتظاهرين في كربلاء.
وفي موضوع ذي صلة باغتيال الصحافي أحمد عبد الصمد، والمصور صفاء غالي، أول من أمس، قاطع صحافيو البصرة المؤتمر الأمني الذي نظمه وفد من وزارة الداخلية حول حادث الاغتيال. وعزا الصحافيون مقاطعتهم إلى «عدم ثقتهم بالإجراءات الحكومية في ردع الفاعلين».
ووجه وزير الداخلية ياسين الياسري، أمس، بإرسال فريق عالي المستوى من الوزارة، للتحقيق في حادث قتل الصحافيين أحمد عبد الصمد وصفاء غالي في البصرة. وقالت الوزارة في بيان، إن «الوفد برئاسة وكيل الوزارة لشؤون الشرطة وعدد من الضباط، للتحقيق في حادث القتل. وأُمر الفريق بعدم العودة لحين اكتمال التحقيق والكشف عن الجناة». وذكر أن «الوزير توعد القتلة بأشد العقاب، حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن العراق واستقراره».
وكان الوزير قد أصدر، أول من أمس، تعليمات خاصة بمنح المراسلين ومديري المكاتب والفضائيات تراخيص خاصة لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، إن رغبوا في ذلك، ما عرضه إلى حملة انتقادات من قبل الصحافيين الذين يرون أن حمايتهم تقع على عاتق الوزارة، وليست مسألة شخصية.
قد يهمك أيضًا
تلويح الرئيس برهم صالح بالاستقالة مِن منصبه يُقسِّم الشعب العراقي
الهجوم على قاعدة عسكرية في كركوك ومقتل أميركي وإصابة عدد من الجنود
أرسل تعليقك