دمشق - نور خوام
تفقد الرئيس السوري بشار الأسد شوارع مدينة داريا المُدمرة والتي هجرها سكانها بسبب الحرب والخرب، وهو مبتسم بعد أن نجحت قواته في السيطرة عليها. وظهر الأسد بعد يوم واحد من احيائه عيد ميلاده الـ51، في مقطع فيديو وزعته الحكومة السورية وهو يقود سيارته بنفسه، ثم بعد ذلك قام بتأدية صلاة عيد الأضحى في داريا.
وقال الأسد الى أحد المراسلين الصحافيين إنه "على الرغم من وقف إطلاق النار الذي أعلنته الولايات المتحدة وروسيا، قام هو بالقصف من أجل تطهير جميع المناطق من الإرهابيين"، واصفًا خصومه بأنهم "ثوار مستأجرون." نافيًا "مسؤوليته عن الدمار الذي تسبب في تمزيق بلاده وأدى إلى نزوح نصف سكانها ومقتل مئات الآلاف من الناس".
وتم خرق وقف إطلاق النار بعد أقل من أسبوع على اعلانها، حيث تم استئناف الهجمات في جميع أنحاء البلاد. كما أن المساعدات المخصصة للسكان المحاصرين في مدينة حلب، أكبر المدن السورية، لا تزال عالقة عند الحدود التركية. ولا يزال يحتفظ الأسد بمكانه وامنه بسبب الداعمين الخارجيين له في الوقت الذي تتمزق فيه البلاد، وذلك على الرغم من الاراء القليلة التي ترجح انتهاء الحرب في سورية ببقاء الأسد في مكانه، حيث أنه من غير المرجح أن يتوقف القتال من قبل المعارضة ما دام الرجل الذي يحملونه مسؤولية الحرب مستمراً على رأس السلطة.
وقال مدير مركز الشرق للبحوث في دبي، سمير التقي: إن "المشكلة هي انه لا يمكن أن يفوز وفي الوقت نفسه لا يخسر، ففي نهاية المطاف مازال هو القائد ولكنه خسر الدولة".
وكانت تركيا، الحليف المقرب للمعارضة، قد تراجعت عن مطالبتها للأسد بأن يترك السلطة فوراً، وكذلك فعلت الولايات المتحدة.
وفي 11 سبتمبر/أيلول الجاري، اعلنت الولايات المتحدة وروسيا عن عملية وقف إطلاق النار في سوريا، ولكن اتفقا على استمرار قصف الجهاديين الذين يهددون حكم الأسد.
لم يخطط الأسد لكي يكون سياسياً حيث أنه درس طب العيون، ولكن بعد ذلك تم استدعاؤه من لندن من قبل والده حافظ الأسد بعد أن توفي شقيق بشار الأكبر باسل والذي كان يتم اعتباره ولي العهد، في حادث سيارة في عام 1994. وفي عام 2000، تولى بشار منصب الرئاسة خلفاً لوالده حيث كان يأمل الكثيرون في اجرائه خطوات إصلاحية في البلاد. ولكن هذه الآمال تبخرت مع بداية انتفاضات الربيع العربي في عام 2011، وذلك عندما قام الرئيس السوري بقمع الاحتجاجات السلمية وهذا ما أدى إلى بداية الصراع في البلاد.
وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، نديم حوري: "انه ديكتاتور دموي من نوع مختلف، هذا النوع يمكنه التسوق من المحلات التجارية على الانترنت مستخدماً (الأي باد) ولذلك فهو يعد ديكتاتورًا عربيًا من الجيل الثاني"
واضاف حوري: "أنه لأمر مخزٍ للسياسة العالمية أن نرى العديد من القادة الذين يفكرون أو على استعداد تام للتعامل مع الأسد، متجاهلين هجومه على شعبه بالغاز أو قيامه بتعذيب الآلاف".
وكان الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي والرئيس العراقي السابق، صدام حسين قد لقيا مصرعهما بعد تدخلات خارجية لإزالتهما من السلطة، ولكن على ما يبدو أن الأسد قد هرب من مثل هذا المصير على الرغم من أن عدد القتلى في عهده قد تجاوز عدد القتلى في عهدي القذافي وحسين.
وقال الدبلوماسيون المطلعون على المشهد السوري إنه في حين لا تزال إيران داعمة للأسد، فإن روسيا على استعداد للتفاوض بعيداً عنه إذا كان هذا الأمر في مصلحتها. وكان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو قد قام بزيارة سورية في يونيو/حزيران الماضي من دون إبلاغ الأسد، وهو الأمر الذي سبب احراجا كبير للرئيس السوري الذي يتحدث دائماً عن السيادة الوطنية.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال يحظى الأسد بدعم كبير في المناطق التي يسيطر عليها، بما في ذلك العديد من السوريين الذين يريدون انتهاء الحرب ولا يرون بديلاً لحكمه. وقالت المحامية اللبنانية، بشرى الخليل: "إنْ اعطاه الله العمر، أعتقد أن الأسد سيبقى رئيساً حتى تعود سورية كما كانت، فالناس يحبون وطنهم والكره والعدوان سيزولان في النهاية".
أرسل تعليقك