بغداد ـ نهال قباني
تشكل مسألة الخدمات أولوية على لائحة مطالب أهل مدينة الصدر في وسط بغداد، التي كانت منسية ومهمشة في عهد نظام صدام حسين، ومازالت الأعلام الزرقاء للتحالف غير المسبوق الذي عقده الزعيم الشيعي الشعبي مقتدى الصدر مع الحزب الشيوعي، تحجب الشمس عن شوارع المدينة التي تفيض بمياه المجاري وبقايا النفايات.
وفي السوق الواقعة قرب ساحة تسمى "الصورة"؛ حلت صورة ضخمة لـ"الشهيدين الصدريين"، مكان صورة صدام حسين بعيد السقوط في عام 2003. وأكد غسان مطر، الأربعيني العاطل عن العمل والساعي إلى تأمين لقمة عيش لأولاده الثلاثة، قائلًا "إن اليوم صار لدينا أمل، والناس ملت وتعبت. الناس هنا فقراء ولا يطلبون إلا الخدمات. لم نرَ الكهرباء ليوم كامل إلا وقت الانتخابات".
ولا يبدي مطر اهتمامًا كبيرًا بالسياسة، ولا بالتحالف غير المسبوق بين الزعيم الشيعي والحزب الشيوعي، ولا حتى بمن سينال منصب رئاسة الوزراء. وقال "المظاهرات آتت ثمارها. واليوم تجب محاربة الفساد. نريد الخير لنا وللعراق"، في إشارة إلى المظاهرات التي يقودها التيار الصدري والشيوعيون ضد الفساد منذ عام 2015. وتعد مدينة الصدر، التي كانت تسمى "مدينة الثورة" قبل السقوط، أبرز مناطق وجود التيارات الشيعية التي يشارك مقاتلون منها في فصائل "الحشد الشعبي"، التي ساندت القوات الأمنية العراقية في حربها ضد تنظيم "داعش".
ويغزو "التوك التوك" اليوم شوارع المدينة التي تعرضت لحصار قاس إبان الاجتياح الأميركي، وخاضت معارك شرسة ضد الأميركيين. ويخرج أحد الشبان من "التوك التوك" ويصرخ: "غلبناهم 5 صفر" ثم يضحك، ساخرا من الخصوم الذين حلوا وراء الصدريين في الانتخابات.
على الجهة المقابلة للسوق، يحمل صلاح جمال (24 عاما) خرطوم مياه لتنظيف الأرض أمام متجره لبيع الملابس. ويرى جمال أن الحل هو استغلال الفوز في الانتخابات إلى أبعد الحدود والسيطرة على الحكم. يقول: "نحن نريد التغيير. والتغيير يأتي بأن يكون رئيس الوزراء من (سائرون)". وأضاف "جربنا الجميع منذ عام 2005، ولم نرَ شيئا. واليوم المجرب لا يجرب، أتينا بالجديد".
ويوافقه صديقه حسين هامل (23 عاما) التطلعات، مشيرًا إلى أن "الناس هنا تعيش في خراب". وأضاف "نريد من يعيد بناء مدينتنا؛ نريد الكهرباء والماء، نريد النظافة، انتهينا من سنوات الإهمال". وحين تسأل عن نتائج الانتخابات في مدينة الصدر، يرفع الجميع شارة النصر ويبتسم، ما عدا حيدر جولان، صاحب الأعوام الـ25. وقال جولان إن الفرحة تملؤه لرؤية عملية إقصاء نخبة سياسية فشلت في تحقيق طموحات الناس رغم بقائها في الحكم 15 عاما. لكنه يؤكد في الوقت نفسه: "إذا لم تلب (سائرون) تطلعاتنا، فسنخرج في مظاهرات ضدها كما تعودنا على التظاهر ضد الفساد".
أرسل تعليقك