كثّفت أجهزة الأمن السودانية وجودها في الخرطوم وحول ميدان "القندول"، حيث ينتظر أن يلتئم موكب دعا له "تجمع المهنيين السودانيين" اليوم الإثنين. ونشر التجمع دعاية كثيفة لتشجيع المشاركة في الموكب الذي سيقام تحت شعار "من صينية القندول حتى القصر".
وأعلنت تحالفات المعارضة دعمها للموكب. وقال "حزب المؤتمر السوداني" في بيان، أمس الأحد، إن الحزب سيشارك بقادته وأعضائه في هذه المسيرة، وندعو المواطنين والمواطنات إلى المشاركة السلمية الفاعلة في مسيرة تستهدف "دعوة النظام إلى الرحيل". وكانت أحزاب "الأمة القومي"، و"الشيوعي"، و"البعث العربي الاشتراكي"، أعلنت دعمها وتأييدها للموكب.
وعشية المسيرة الموعودة، دعا الرئيس السوداني عمر البشير الشرطة إلى الامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين على الحكومة، إثر دعوة الأمم المتحدة إلى التحقيق في مقتل متظاهرين خلال "احتجاجات الخبز" التي تواصلت أمس الأحد في البلاد. وهدد البشير بشنّ "حرب على التخريب والنهب والسرقة والتدمير".
وقال البشير، خلال لقاء مع قيادات الشرطة في الخرطوم، أمس: "نحن حريصون على الأمن، لكن على الشرطة أن تحافظ على الأمن بأقل قدر من القوة". وأضاف: "لا نريد لبلادنا أن تنزلق كما حدث في بلدان أخرى، ولن نسمح بأن يكون شعبنا لاجئين ونازحين، ولو حدث ذلك إلى أين سنذهب، انظروا إلى المنطقة حولنا".
وأقرّ الرئيس السوداني بأن "هناك مشكلة في الاقتصاد، والحكومة تعمل ليلاً نهاراً على حلها"، معتبراً أن "هذه المشكلة لن تحل بالتخريب والتدمير والسرقة والنهب، ولن تحل بتدمير الممتلكات العامة والخاصة".
أقرا أيضًا: نائب الرئيس السوداني يبحث الأوضاع السياسية والأمنية في دارفور وكردفان
وأكد أن "حكومته ستخرج من الأزمة رغم وجود جهات تحاول تركيع السودان". وقال: "سنتجاوز المرحلة، لكن هذا يحتاج إلى الصبر والعمل المستمر... الأمن سلعة غالية، ولن نفرّط في أمن المواطن والمنشآت، والهدف ليس قتل المواطنين".
ويأتي لقاء البشير مع قادة الشرطة بعد لقائه الأسبوع الماضي بقادة القوات المسلحة. وأعلن بعد الاجتماع الأول أن قيادة الجيش تلتف حول القيادة، وهي النتيجة نفسها التي خرج بها اجتماعه مع قادة الشرطة وأعلنها وزير الداخلية أحمد بلال عثمان أمس.
وقال عثمان إن "قوات الشرطة تعلن وقوفها التام والكامل مع البشير، وإنها لن تسمح للذين يحاولون استغلال الظروف بزعزعة الأمن". وأكد أن الطريق الوحيد لتبادل السلطة ليس التظاهر، وإنما بالانتخابات، ولا سبيل للفوضى.
واعترف بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، بيد أنه قلّل منها ووصفها بأنها "شدة وتزول"، متعهداً "بعدم السماح باستغلالها لإشعال الفتنة".وقال مدير الشرطة السودانية الفريق أول الطيب بابكر إن ما جرى في الأحداث تخريب وتدمير للممتلكات، وإن قواته ستلاحق المجرمين الذين استغلوا الاحتجاجات للنهب والسرقة.
وأعلن أطباء مدينة الأبيض إضراباً عاماً عن العمل لكل الحالات، إثر اقتحام قوات الشرطة مستشفى المدينة وضرب واعتقال بعضهم. وذكر بيان صادر عن لجنة أطباء السودان المركزية، وهي تجمع طبي موازٍ لاتحاد الأطباء الرسمي، أن أطباء مستشفى الأبيض التعليمي أعلنوا الإضراب العام احتجاجاً على اقتحام قوة مكثفة من جهاز الأمن للمستشفى وضرب الأطباء واعتقال بعضهم.
وشهدت مدينة الأبيض، حاضرة ولاية شمال كردفان، مظاهرات شارك فيها مئات، مستجيبين لدعوة "تجمع المهنيين السودانيين"، وتصدت لها الشرطة بالعصي والغاز، بعد أن تحولت المدينة إلى ساحة معركة كبيرة نشر فيها عدد كبير من القوات.
وقال شاهد من المدينة إن عشرات الأطباء خرجوا في مظاهرة بعد أن تجمعوا في مستشفى المدينة، بيد أن القوات التي كانت تحاصر المستشفى تصدت لهم بالعصي وفرّقتهم قبل أن تطاردهم داخل المستشفى، وتلقي القبض على عدد منهم.
كما نظّم مواطنون في مدينة الهدى، بوسط البلاد، مظاهرات حاشدة شارك فيها مئات من سكان المدينة، وأحرق بعضهم عدداً من المنشآت الحكومية. وقال شاهد إن مظاهرة كبيرة جابت الشوارع الرئيسية وسوق المدينة، وأحرقت جزءاً من المبنى الحكومي الإداري وبعض الصيدليات.
وأدت الأزمة الاقتصادية والسياسية الخانقة التي تعيشها البلاد إلى احتجاجات شعبية غير مسبوقة في عدد كبير من المدن، بدأت منددة بالغلاء وارتفاع أسعار الخبز وندرة النقود والوقود والسلع الرئيسية، ثم تطورت لتطالب بإسقاط حكم الرئيس البشير وتنحيه وحكومته. وقُتل 19 متظاهراً، بحسب حصيلة رسمية، فيما جُرح أكثر من 400 آخرين.
وقد يهمك أيضًا:
عمر البشير يؤكد أن السودان سيخرج من هذه الأزمة رغم أنف كل من يحاربونه
البشير يدعو الشرطة السودانية لتجنب استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين
أرسل تعليقك