برلين ـ جورج كرم
يستعدّ قادة "مجموعة العشرين" لعقد قمة صعبة في هامبورغ، يومي الخميس والجمعة المقبلين، ستطغى عليها خلافات متعلقة بـ"حمائية واشنطن" واتفاق باريس للمناخ، ولقاء الرئيسين الأميركي والروسي على هامش القمة. وجرت العادة أن يتابع السياسيون ورجال الأعمال والمستثمرين عبر العالم اجتماعات العشرين كل سنة لأهميتها في رسم السياسات الاقتصادية الدولية، إذ يشارك فيها دول تمثل 80 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي. ويترقب السياسيون في هذه القمة، الأشبه إلى مجلس وزاري لحكومة العالم وفق وصف صحيفة "الإنبندنت" البريطانية، مؤشرات عن مستقبل العلاقات الأميركية الروسية والأميركية الصينية، ووجه الاتحاد الأوروبي الجديد عقب انطلاق مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل.
ولم تخف الأوساط الألمانية تشاؤمها، إذ توقعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قمة صعبة لمجموعة العشرين انطلاقاً من مواقف دونالد ترمب الذي ستعقد معه اجتماعا منفردا قبل بدء القمة. وقال شتيفن سيبرت، المتحدث باسم ميركل، للصحافيين في برلين: «من المطروح عقد لقاء مع الرئيس الأميركي قبل بدء قمة مجموعة العشرين، وعلى الأرجح مساء الخميس». ولكن ليس مؤكدا أن يؤدي هذا الاجتماع المنفرد إلى تبديد الخلافات.
ولاحقاً، قالت ميركل في مؤتمر صحافي كانت تعرض خلاله برنامجها للانتخابات التشريعية في سبتمبر/أيلول: تنتظرنا سلسلة من القضايا الشائكة. وأشارت خصوصاً إلى مكافحة التغير المناخي، في وقت أعلنت واشنطن انسحابها من اتفاق باريس، إضافة إلى المجال التجاري حيث تتبنى واشنطن خطابا حمائيا، مهددة دولا مثل ألمانيا بفرض رسوم جمركية لكبح صادراتها المبالغ فيها. وأضافت: نعلم بمواقف الحكومية الأميركية، ولا أتوقع أن تزول لمناسبة قمة ليومين في هامبورغ، متوقعة حصول خلافات.
وحذرت ميركل من المبالغة في توقع نتائج من القمة، مذكرة بأن البيان الختامي لاجتماعات مماثلة يجب أن يحظى بموافقة بالإجماع. وتوقعت التوصل إلى نقاط تفاهم على الأقل بالنسبة إلى قضية مكافحة الإرهاب، متداركة أن هناك خلافات كثيرة حول باقي الموضوعات. ولا تخفى الخلافات بين المستشارة الألمانية والرئيس الأميركي على صعيد قضايا الاحترار المناخي، والتجارة، والنفقات العسكرية.
وكانت ميركل قالت في مجلس النواب الأسبوع الماضي إن الخلاف مع الولايات المتحدة على صعيد المناخ كبير، ولن يكون مفيداً التكتم عليه. وفي كل الأحوال، لن أفعل ذلك.
وفي هذه المناسبة، وجهت انتقادات إلى ترمب محذرة من سياسة البحث عن المصالح الوطنية فقط، ورأت أن أيا من التحديات الدولية لا يعرف حدودا، لذلك فإن الذين يعتقدون أنهم قادرون على تسوية مشكلات العالم من خلال الحمائية والانعزالية، يرتكبون خطأ فادحا. وأعرب الرئيس الأميركي عن استيائه إزاء نقص النفقات العسكرية الألمانية في إطار الحلف الأطلسي.
على صعيد متصل، أثارت ثغرة زمنية في رحلة ترامب إلى أوروبا هذا الأسبوع تساؤلات في بريطانيا، إذ لفتت صحف محلية إلى احتمال قيام الرئيس الأميركي بزيارة مفاجئة إلى لندن واستكتلندا بعد انتهاء قمة هامبورغ في الثامن من الشهر الحالي وزيارته المقررة إلى فرنسا للمشاركة في العيد الوطني الفرنسي "الباستيل" بتاريخ 14 يوليو/تموز. وأفادت صحيفة "ذي تايمز" أن بريطانيا متأهبة لزيارة مفاجئة للرئيس الأميركي، وفق ما أكدته مصادر حكومية. وأوضحت المصادر نفسها للصحيفة أن كلاً من لندن وإدنبره تستعدان لاحتمال زيارة ترامب منتجعا للغولف يملكه في اسكوتلندا، وأن البيت الأبيض لن يخبر السلطات البريطانية إلا قبل الزيارة بـ24 ساعة، لتقليل احتمال تنظيم مظاهرات.
من جهتها، رجحت صحيفة "الغارديان" أنه في حال زيارة ترامب لاسكوتلندا بالفعل، فإنه من المتوقع أن يعقد مباحثات غير رسمية مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في لندن.
في المقابل، اكتفى مكتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالقول إن الحكومة ليست على علم بأي خطط للرئيس الأميركي لزيارة البلاد في الأسابيع القليلة المقبلة. وأوضح متحدث باسمها أن ترامب قبل دعوة الحكومة البريطانية لزيارة البلاد بعد القمة التي عقدها الطرفان في واشنطن، لافتاً إلى أن التفاصيل ستعلن في الوقت المناسب. ووجهت ماي الدعوة إلى ترمب خلال رحلتها إلى واشنطن في يناير/كانون الثاني، لكن توقيت الزيارة أصبح موضع تساؤل في الإعلام بعد ورود تقارير إعلامية عن تأجيلها بسبب مخاوف من تنظيم احتجاجات.
وقد أعلنت كثير من المنظمات والناشطين أمس اعتزامهم تنظيم احتجاجات على الزيارة المحتملة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية. وكتبت إحدى هذه الجماعات على "تويتر": يبدو أن ترمب يعتقد أن بإمكانه أن يتسلل إلى المملكة المتحدة لتجنب المحتجين.
أرسل تعليقك