طرابلس - العرب اليوم
يأمل جل الليبيين في أن تُجرى الانتخابات العامة في موعدها المحدد قبل نهاية العام الجاري، لكنهم يخشون استمرار بعض العراقيل التي قد تهدد هذا المسار الديمقراطي، ومن أبرزها عدم إخراج المقاتلين الأجانب و«المرتزقة»، وبقاء الميليشيات، وانتشار السلاح، بالإضافة إلى عدم تعيين حكومة «الوحدة» الوطنية وزيراً للدفاع إلى الآن.
ويرى سياسيون ونواب برلمانيون أن هذه العراقيل قد تستمر إلى موعد الانتخابات المقبلة في 24 ديسمبر (كانون الأول)، وربما بعدها، إذا ما نجحت الضغوط الأميركية والأوروبية في إلزام الجميع بالموعد المقرر للاستحقاق؛ وهو ما ذهب إليه عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، الذي تضامن مع تشكيك الشارع الليبي في «مدى مصداقية» المساعي الأوروبية والأميركية لإخراج «المرتزقة» قبل إجراء الانتخابات، أو حل الميليشيات ونزع سلاحها. وقال: «الشعب يعرف جيداً أن الوجود التركي في ليبيا جاء بموافقة أميركية، ولو أرادت الولايات المتحدة إخراج الأتراك سيخرجون هم ومن جلبوهم من (المرتزقة) السوريين، بالإضافة لإدراك الجميع أن ما يطرح في قاعات مجلس الأمن وساحات الأمم المتحدة يختلف بدرجة كبيرة عما يتفق عليه في الاجتماعات غير المعلنة».
واستغرب الزرقاء، عضو ملتقى «الحوار السياسي»، تمسك بعض الأطراف في مدن الغرب بالإبقاء على القوات التركية والسوريين، والحديث عن التخوف من «الجيش الوطني»، ملمحاً «لرغبة بعض القوى المؤدلجة، التي تدرك تراجع شعبيتها في الشارع بالاستعانة بـ(المرتزقة) بهدف إتمام سيطرتها على مراحل العملية الانتخابية كافة، وبالتالي تضمن الفوز نظراً لارتفاع الكثافة السكانية بمدن الغرب، التي تقدر بأربعة ملايين نسمة».
وفي معرض حديثه عن الميليشيات تساءل الزرقاء عن عدم توجيه أي ملاحظات دولية لما ورد في الميزانية المقدمة من الحكومة للبرلمان، والتي تضمنت مخصصات مالية كبيرة لدعم عدد من الميلشيات المسلحة بالعاصمة، وإن اتخذت الأخيرة مسميات جديدة كـ(جهاز دعم الاستقرار)، وتابع متسائلاً: «كيف نتحدث عن جدية تفكيك الميليشيات ونحن سنستمر في تمويلها»، مبرزاً أن الهدف الحقيقي لقطاعات كبيرة في المجتمع «هو انتخاب رئيس بطريق مباشر، يستمد شرعيته من الشعب ليتمكن من مخاطبة الدول الغربية الإقليمية، والتنديد بمواقفهم المتعنتة في عدم ترحيل (المرتزقة) بعيداً عن بلادنا، ويتمكن أيضاً من إصدار قرارات مقبولة للجميع فيما يتعلق بحل الميليشيات وتعيين وزير للدفاع».
أما الباحث الليبي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، فرج زيدان، فقد أعرب كغيره من المواطنين الليبيين عن عدم تفاؤله بإمكانية زيادة الضغوط الدبلوماسية الأميركية أو الأوروبية على تركيا لإخراج قواتها من البلاد، رغم «قناعة المجتمع الدولي بمسؤولية أنقرة في تعثر المشهد السياسي الليبي، خاصة قضاياه الرئيسية، وأبرزها خروج المرتزقة، أو تفكيك الميليشيات، أو تعيين وزير للدفاع».
وقال زيدان إن المصالح الاستراتيجية التي تربط أميركا وأوروبا بتركيا «أكبر بكثير من المصالح التي تربطهما ببلادنا، وبالتالي لا نتوقع زيادة الضغط الدبلوماسي، ونستبعد بشكل مطلق ما يطرحه البعض من ضرورة رفع الأميركيين والأوروبيين لعصا العقوبات الاقتصادية في وجه تركيا». وفي هذا السياق، رأى زيدان أنه «لا يمكن فصل المسار الأمني عن السياسي، ووجود شخصية وطنية تتولى حقيبة الدفاع يعني ببساطة دعم مقررات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) بخصوص إخراج المرتزقة، وفضح الجهة المعرقلة».
وبمواجهة ما يروج عن رفض قائد الجيش، المشير خليفة حفتر، تعيين أي وزير للدفاع، وعدم امتثاله لأوامر الأخير في حال تكليف شخصية ما، قال زيدان إن القيادة العامة للجيش «أوضحت أن اختيار المرشح لهذا المنصب سيتم بالتشاور مع اللجنة المشتركة، وقيادة الجيش الوطني ممثلة بهذه اللجنة، أي أنها ستطلع على شخصية المترشح قبل تكليفه».
بدوره، استبعد الكاتب والمحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، تحقيق أي تقدم بالقضايا المشار إليها في ظل وجود الكيانات والشخصيات الراهنة بالمشهد، معولاً على أحداث التغيير عبر الانتخابات أولاً، واعتبر أن الحل لمثل هذه القضايا الشائكة يستلزم «إزاحة الطبقة السياسية المسيطرة الآن، وانتخاب سلطة جديدة تملك شرعية حقيقة».
وصنّف الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قضية توحيد المؤسسة العسكرية بالأكثر إلحاحاً في الفترة الراهنة والمستقبل القريب، نظراً «لتولي رئيس الوزراء حقيبة الدفاع بالإنابة كحل لعدم التوافق حولها»، مبرزاً أنه «لم يتحقق أي شيء في قضية توحيد المؤسسة العسكرية، ولم يتم تحديد المعايير للتفرقة بين الميليشيا والقوة العسكرية المنضبطة». وقال بهذا الخصوص إن «الكثير من الميليشيات المسلحة لا تخضع إلا لقادتها، وبعضها يخضع شكلياً للسلطة المدنية، وبالتالي فإن تحديد المعايير قد يحل الملفين معاً، توحيد المؤسسة والميليشيات؛ ولكن هذا يحتاج لسلطة منتخبة بصلاحيات واسعة، وتعاون دولي».
وذهب الكبير إلى أن العراقيل التي وضعت أمام حكومة الدبيبة كانت السبب وراء تأخرها في حل بعض القضايا، وفيما لفت إلى رفض البرلمان اعتماد الميزانية العامة حتى الآن؛ وصف الأمر بأنه «ابتزاز» من قبل مجلس النواب، وبعض قياداته لعدم الإفراج عن الميزانية إلا بعد ضمان مناصب حكومية، بذريعة التقاسم العادل بين الأقاليم والحصول على مخصصات مالية لـ«الجيش الوطني».
قد يهمك أيضا
تركيا تنعش اقتصادها من خزائن ليبيا بمساعدة الإخوان
السفارة المصرية في طرابلس تنجح في إعادة 140 مصريا عالقا في ليبيا
أرسل تعليقك