وصف رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، اليوم الاثنين، حزمة الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بعد تفجير سيارة مفخخة في منطقة الكرادة، وسط بغداد، بـ "المهمة"، فيما تلقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من نظيره التركي بن علي يلدريم رسالة، قدّم خلالها تعازيه وتعازي الشعب التركي للعبادي وللشعب العراقي بالتفجير الارهابي في منطقة الكرادة ببغداد امس، والذي راح ضحيته العشرات من المواطنين، مبديًا استعداد تركيا لاستقبال جرحى التفجير في مستشفياتها.
وأكد أن تركيا تعرضت قبل ايام لعملية ارهابية مماثلة، ولذلك فإن العراق وتركيا يمران بنفس الظروف ويجب أن تتوحد الجهود للقضاء على عصابات "داعش". مشددًا على أن امن واستقرار العراق مهم جدًا لتركيا "ونحن معكم في مجال محاربة الارهابيين وعلى استعداد لمزيد من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين كما نقل عنه المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراق في بيان صحافي الليلة الماضية.
وأشار العبادي إلى أنّ العراق وتركيا تواجهان الارهاب نفسه الذي يقتل المواطنين الابرياء في هذا الشهر الفضيل، وابلغ يلدريم قائلاً "إن تعاوننا مع دول المنطقة والمجتمع الدولي سنقضي عليه".
واضاف "أن قواتنا ماضية بتحرير الاراضي وتحقق الانتصارات، ونحن متجهون لتحرير الموصل والتفجيرات هي محاولة من العدو ليقول انه موجود لأننا انتصرنا عليه وحررنا اغلب الاراضي".
واوضح أن العراق يسعى الى علاقات تقوم على اساس الاحترام المتبادل والحفاظ على السيادة وعدم التدخل والمصالح المشتركة بين الشعبين الجارين.
ووجّه رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي نداء إلى العالم وخاصة الدول العربية إلى التعاون مع بلاده من اجل القضاء على تنظيم داعش.
هذا وخرج المئات في تظاهرة امام المنطقة الخضراء في بغداد، الاثنين، للمطالبة باقالة وزير الداخلية وقائد عمليات بغداد والضباط المسؤولين عن موقع التفجير في الكرادة.
ويذكر إن، المئات من المتظاهرين تجمعوا في ساعة متأخرة من ليلة الاحد-الاثنين، امام المنطقة الخضراء للمطالبة باقالة وزير الداخلية محمد الغبان وقائد عمليات بغداد والضباط المسؤولين عن موقع التفجير في الكرادة.
واضاف ان مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء مهدي العلاق، خرج للمتظاهرين وتفاوض معهم بشأن مطالبهم، مبينا ان المتظاهرين هددوا باقتحام المنطقة الخضراء يوم غد في حال لم يتم تنفيذ مطالبهم
وعند الساعة الواحدة من صباح الأحد، هزّ الانفجار الرهيب الناجم عن سيارة مفخخة قلب حي الكرادة في بغداد. وحتى الساعة الواحدة من ظهر أمس ، ظلت اعمدة الدخان تتصاعد من الأبنية التجارية على جانبي الطريق.
يقول أغلب من استطاع الوصول الى موقع الانفجار: "لم نر قبل ذلك، مثل هذا الجحيم!".
أكثر من سبعة مباني احترقت بمن فيها، من اشخاص واثاث وسلع مختلفة. احصاءات وزارة الصحة أكدت أن أكثر من 200 شخص سقطوا بين قتيل وجريح، وان نحو" 50 جثة متفحمة لم يتم التعرف على هويات اصحابها حتى الآن".
وقد أرسلت "الجثث المتفحمة الى مختبرات الطب العدلي لإجراء فحوصات الـ(DNA) للتعرف على ذويهم". وتفيد بعض المصادر ان حصيلة الضحايا من الاموات فقط بلغت نحو 165 شخصا.
شهود عيان ذكروا لـ"العرب اليوم" قصة شاب فقد زوجته واطفاله الثلاثة دون ان يتمكن من العثور على جثثهم برغم مراجعته أغلب المستشفيات التي استقبلت ضحايا الانفجار، شهود العيان يقولون، انهم شاهدوا الشاب مذهولا في موقع الانفجار على امل العثور ولو على اثر من بقايا اسرته! وكذلك شاهدوا عشرات النساء والرجال وهم يبحثون عن ابنائهم وسط الركام دون جدوى. فقدت احدى الاسر 7 من ابنائها، واخرى 5 ابناء.
لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم السابق غانم عريبي، فقد نجله ذو الفقار غانم في الحادث. الفنان والممثل ثامر الشطري اصيب اصابات بليغة ونقل الى المستشفى، وثمة انباء تقول بوفاته. المطرب جمعة العربي اعلن وفاة اثنتين من بنات شقيقه. وقال فاضل سالم (21 عاما) "تركت اثنين من اخوتي في المحل وهما الان مفقودان".
واضاف "اعتقد انهما لا يزالان داخل المحل هناك لكنني لا استطيع ان ارى شيئا نظرا لكثافة الدخان"، وفي احد المحلات التي انهارت سقوفه الثانوية تجمع خمسة اشخاص معهم مجارف للحفر بحثنا عن أصدقائهم.
ويقول سامي كاظم وهو موزع انترنت على المحلات التجارية ويسكن قرب مجمع الليث "كنت بصحبتهم فانا اعرفهم جميعا، كلهم اصدقائي، ازودهم بخدمة الانترنت"، واضاف "قبل الانفجار بلحظات تناولت عصيرا عند صديقي مصطفى بائع العصير على جانب الطريق الذي يبعد عن التفجير ثلاثة امتار، ذهبت الى المنزل لانام وبعدها وقع الانفجار".
واضاف "بعد الانفجار لم يكن هناك الا النيران، كل شي يحترق ولم استطع رؤية مصطفى لان مكانه بات شعلة من اللهب"، وتابع كاظم وهو يبحث مع فرق الدفاع المدني وسط الركام عن بقايا اصدقائه، "لا استطيع الدخول الى المنزل". جثث مجهولة وفي هذه الاثناء عثر عناصر الدفاع المدني على جثة بين الركام تجمع حولها من فقدوا احدا، لكنهم سرعان ما شعروا بالاحباط اذ لم تتبق اي معالم تدل على صاحبها، وقال احدهم "لا يمكن معرفة لمن تعود هذه الجثة، لقد اختفت سماتهم لابد من اجراء فحص دي ان أي"، وعلقت مستشفى الطوارىء ورقة بمجموعة من الاسماء بينهم ضحايا كتب امامهم "مجهول الهوية" بسبب احتراق اوراقهم الثبوتية واختفاء معالمهم.
حي الكرادة، هو الحي الاكثر مدنية بين إحياء العاصمة بغداد، لذلك يتوجه الى أسواقه العامرة آلاف المواطنين يومياً من مختلف انحاء العاصمة، وقد تعرض الى عشرات الهجمات الارهابية برغم التنوع الاثني والطائفي الذي يتمتع به.
المتأثرون بالانفجار المروّع لم يلتفتوا لإعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الحادث عبر انتحاريه "ابو مها العراقي" وصبوا جام غضبهم على السلطات الحكومية وإخفاقها في توفير الحماية للناس.
رئيس الوزراء حيدر العبادي المولود في حي الكرادة، زار موقع الحادث في ساعة مبكرة، فانهال عليه اهالي الضحايا بالسباب والشتائم المختلفة وامطروا موكبه العسكري بوابل من الحجارة، الأمر الذي اضطره الى مغادرة الموقع بأقصى سرعة. ثم اصدر بيانا قال فيه: " واجبي الوطني والاخلاقي تفقد احوال المواطنين في جميع الظروف"، مضيفا " اتفهم مشاعر الانفعال والتصرفات التي صدرت في لحظة حزن وغضب من بعض ابنائي الأعزاء، والتي رافقت زيارتي لمنطقة الكرادة".
وكان رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي أتخذ، أمس الأحد (3 من تموز 2016)، حزمة إجراءات لتعزيز الأمن في بغداد والمحافظات، وفي حين أوعز بسحب أجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدويا وإعادة التحقيق بموضوعها، وجه بانجاز حزام بغداد الأمني وإعادة تنظيم السيطرات والحواجز الأمنية بما يخفف عن المواطنين وتكثيف الجهد الاستخباري.
من جهتها ذكرت صحيفة الديلي تلغراف في تقرير بعددها الصادر اليوم الاثنين ان العنف سيبقى مستمراً الى ان يحس المكون السني انهم ممثلون بشكل عادل، فيما رات ان تنظيم داعش نجح باستراتيجيته في البلاد.
وذكرت الصحيفة في تقريرها ان "العراق، وبعد 13 عاما من الغزو الذي شاركت فيه بلادنا، لا يزال يعيش وسط اضطرابات".
وتشير الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن المسؤول عن هذه الهجمات هو تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يتعرض لضغوط في كل من العراق وسوريا، لذلك فهو يحاول تأجيج النعرة الطائفية التي يقتات منها.
وترى الصحيفة أن هذا التكتيك الذي يستخدمه التنظيم قد نجح، والدليل أن موكب رئيس الوزراء حيدر العبادي تعرض للرشق بالحجارة من المواطنين حين وصل إلى منطقة الانفجارات.
وتتساءل الصحيفة عن الحل، وتتابع في افتتاحيتها أن البعض قد يجيب أن الحل يكمن في متابعة الحرب ضد تنظيم الدولة حتى هزيمته، خاصة وأن هزيمة قد ألحقت به في مدينة الفلوجة، وهو ينتظر معركة أخرى في الموصل.
لكن الصحيفة ترى أن الموضوع ليس بهذه السهولة، فهناك تنظيم آخر قد يحل محله. وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالاستنتاج ان هذا العنف سيبقى في العراق حتى يحس السنة أنهم ممثلون بشكل عادل وليسوا خاضعين لحكومة يسيطر عليها الشيعة.
أرسل تعليقك