في محاولة لمنع استمرار التصعيد والاحتراب السياسي والعسكري في ليبيا، بين حكومة «الاستقرار» الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لوح المجتمع الدولي مجدداً أمس بمعاقبة معرقلي العملية السياسية في البلاد. وكررت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا دعوة أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى جميع الجهات الفاعلة بالامتناع عن الأعمال التي قد تقوض الاستقرار في ليبيا. وأعربت الدول الخمس في بيان مشترك، مساء أول من أمس، عن قلقها إزاء التقارير الأخيرة عن العنف والتهديدات بالعنف والترهيب وعمليات الاختطاف، وأكدت أن «أي خلاف على مستقبل العملية السياسية يجب حله دون اللجوء إلى العنف».
وفى تهديد واضح أضاف البيان: «نحن على استعداد لمحاسبة من يهدد الاستقرار بالعنف أو بالتحريض عليه»، وذكر بأنه قد يتم تحديد الأفراد أو الكيانات داخل ليبيا، أو خارجها، والذين يعرقلون أو يقوضون الاستكمال الناجح لعملية الانتقال السياسي في ليبيا، من قبل لجنة عقوبات ليبيا التابعة لمجلس الأمن، وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والقرارات ذات الصلة.
كما كررت الدول الخمس دعمها لجهود الوساطة، التي تبذلها الأمم المتحدة من خلال بعثتها، ومستشارتها الخاصة ستيفاني ويليامز، للحفاظ على الانتقال السلمي للبلاد، ولتسهيل الحوار بين الجهات الفاعلة السياسية والأمنية والاقتصادية، والحفاظ على تركيزهم على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ذات مصداقية وشفافة، وشاملة في أقرب وقت ممكن، من أجل تحقيق التطلعات الديمقراطية للشعب الليبي.
كما، شجعت الدول الخمس جميع الأطراف الليبية المعنية، بما في ذلك مجلسا النواب و(الدولة)، على التعاون الكامل مع هذه الجهود، وفي الخطوات التالية للانتقال السلمي على النحو، الذي اقترحته الأمم المتحدة، من أجل إرساء أساس دستوري توافقي، من شأنه أن يؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت ممكن. مجددة التأكيد على «استعدادنا للعمل مع ليبيا، وجميع الشركاء الدوليين لبناء مستقبل أكثر سلماً واستقراراً للبلاد وشعبها، ودعم استقرارها واستقلالها، وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية».
بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي تأييده لهذه الدعوة، وضم صوته إلى الأمين العام للأمم المتحدة في دعوته جميع الجهات السياسية الفاعلة في ليبيا إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات، من شأنها تعميق الانقسامات وتقويض الاستقرار، الذي تحقق بصعوبة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020. وأكد بيان للاتحاد مساء أول من أمس دعمه الكامل لمبادرات الأمم المتحدة، التي تمثلها بعثتها ومستشارتها الخاصة ستيفاني ويليامز، داعياً جميع الأطراف إلى استئناف العملية السياسية، التي يقودها ويملك زمامها الليبيون تحت رعاية الأمم المتحدة.
وحاول الدبيبة وباشاغا تأويل هذه التصريحات لصالحهما، واستخدامها ضد الآخر، حيث اعتبر الدبيبة أن بيان الدول الخمس ينسجم مع خطة حكومته لإجراء الانتخابات، لافتاً إلى تناغمه مع بياني الأمم المتحدة وويليامز، ويتوافق مع خطة الحكومة لإجراء الانتخابات في يونيو (حزيران) المقبل.
كما رحبت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، بهذه البيانات، وقالت إنها «تصب في دعم الاستقرار والسلام في ليبيا عبر انتخابات نزيهة وشفافة وقاعدة دستورية توافقية»، كما ثمنت جهود البعثة الأممية في هذا الاتجاه.
في سياق ذلك، نفت حكومة الوحدة استقالة رئيسها الدبيبة، وأدرجت بياناً «مزوراً» تم توزيعه بهذا الشأن، مساء أول من أمس، في إطار ما وصفته بـ«الحملة الممنهجة والمضللة ضدها».
وفي خطوة تؤكد استمرار تمسكه بالسلطة، أجرى الدبيبة مساء أول من أمس اتصالاً هاتفياً مع الأمين العام للأمم المتحدة، تناول فيها الأوضاع السياسية في ليبيا، وسبل دعم جهود الأمم المتحدة، والمستشارة ويليامز للمضي قدماً في المسار الانتخابي في أسرع الآجال الممكنة.
من جانبه، أشاد باشاغا بتشديد بيان الدول الخمس على ضرورة احترام السيادة الليبية بالكامل، من أجل إرساء أساس دستوري توافقي يُفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية. وأكد في بيان أن مهمة حكومته هي إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، دون أي تأخير وبكل شفافية، وذلك لتحقيق رغبة 2.8 مليون ناخب.
وأدى عثمان عبد الجليل، وزير الصحة بحكومة باشاغا، اليمين القانونية أمس أمام عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد.
من جهة أخرى، نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر مسؤول بمصلحة الطيران المدني تأكيده صدور أوامر مباشرة من مكتب الدبيبة بإيقاف الرحلات الداخلية، بين شرق البلاد وغربها، بينما أكد المكتب الإعلامي لمطار معيتيقة الدولي استمرار إغلاق الرحلات الداخلية، المتجهة إلى المنطقة الشرقية منذ مساء أول من أمس. في غضون ذلك، هدد بعض أهالي و«ثوار مدينة مصراتة»، الموالين للدبيبة، برد قاسٍ على باشاغا، إذا حاول الذهاب إلى العاصمة طرابلس، ووصفوه بـ«مهووس السلطة»، وقالوا في بيان لهم أمس: «ردُّنا سيكون قاسياً وفي محله، ولن تأخذنا بكم رحمة ولا شفقة حتى تكونوا عبرة لمن لا يعتبر».
قد يهمك ايضا
حكومة عبد الحميد الدبيبة تُعلن أنها مستمرة في عملها وتَحذر من إقتحام مكاتبها في ليبيا
مجلس النواب الليبي يُتَّهَم عبد الحميد الدبيبة بمحاولة منع التصويت لحكومة فتحي باشاغا
أرسل تعليقك