بغداد ـ نهال قباني
أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن أسفه لاستغلال جلسة البرلمان التي عقدت أول من أمس لأغراض سياسية، متهمًا خصومه بالقيام بذلك ، وقال العبادي في بيان صدر عن مكتبه أمس وتلقت "الشرق الأوسط" نسخة منه، إن "جلسة البرلمان الخاصة لمناقشة أوضاع البصرة جرى استغلالها للتسقيط وتوفير ظروف جديدة للتحالفات".
وأعرب العبادي عن "الأسف الشديد لاستغلال جلسة مجلس النواب الاستثنائية لغير الهدف الذي عقدت من أجله وهو مناقشة مشكلة البصرة والخدمات والإجراءات الحكومية المتخذة وإيجاد الحلول اللازمة في ضوء استجابتنا لدعوة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر"، وأوضح العبادي أنه "تم انتهاز الجلسة بشكل سافر كفرصة للتسقيط "إجهاض" وتوفير ظروف جديدة للتحالفات التي تتشكل على أساسها الحكومة المقبلة رغم مناشدتنا لجميع الأطراف بإبعاد مشكلة الخدمات لمواطنينا في البصرة عن التوظيف السياسي وتحقيق المكاسب والمنافع السياسية الخاصة".
وكانت جلسة البرلمان العراقي التي عقدت أول من أمس برئاسة أكبر الأعضاء سنًا محمد علي زيني شهدت تلاسنًا حادًا بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني ، كما شهدت اصطفافًا غير مسبوق بين كتلة سائرون المدعومة من زعيم التيار الصدري والمتحالفة مع النصر ضمن تحالف الإعمار والإصلاح، وكتلة الفتح التي يتزعمها هادي العامري والمتحالفة مع دولة القانون بزعامة نوري المالكي ضمن تحالف البناء، من خلال مطالبتهما خلال مؤتمر صحافي العبادي بتقديم استقالته ، وكان قد تزامن مع هذه المطالبة بالاستقالة البيان الصادر عن الصدر والذي تضمن ترشيح 3 شخصيات لرئاسة الحكومة المقبلة على أن تكون ضمن المعايير التي حددها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني وأهمها المجرب لا يجرب ، في إشارة ضمنية بعدم دعم العبادي لولاية ثانية باعتبار أنه دخل في خانة "المجرب" خلال ولايته الأولى.
وبينما تشير أوساط كتلة "الفتح" إلى أن التقارب مع سائرون بدأ يتبلور نحو تحالف جديد يمكن أن يقلب طاولة التحالفات في البيت الشيعي، طبقًا لما يراه سياسي شيعي مستقل، فإن الناطق الرسمي باسم تحالف سائرون، الدكتور قحطان الجبوري وفي تصريح إلى "الشرق الأوسط" أكد أن التحالف بين النصر و سائرون ضمن تحالف الإصلاح والإعمار، لا يزال قائمًا ولم يطرأ عليه تغيير حتى الوقت الحالي "، وردًا على سؤال بشأن مطالبة «الفتح» و«سائرون» العبادي بالاستقالة وكذلك الشروط التي وضعها الصدر للمرشح المقبل لرئاسة الوزراء، قال الجبوري إنه "يجب الفصل بين الأمرين ، فمطالبة سائرون والفتح ، الحكومة بالاستقالة ليست استهدافًا شخصيًا للعبادي بقدر ما هي توصيف لحالة عامة من الفشل في الأداء الحكومي، وبالتالي، فإن الكتلتين تصرفتا من منطلق حرصهما، لا سيما بعد ما حصل في البصرة الذي ما كان يمكن أن يحصل لو كان الأداء الحكومي بمستوى الأزمة".
وأوضح أن الشروط التي وضعها الصدر "ليست جديدة في الواقع في ما يتعلق بشروط المرجعية بشأن "المجرب لا يجرب" ، لأن الصدر في النهاية هو ابن المرجعية، وهو ما ينسحب على وجود عدة مرشحين لمنصب رئيس الحكومة، لأن السيد الصدر لم يعلن دعمه لأي شخصية حتى الآن" ، وبشأن التوتر بين العبادي والحشد الشعبي بعد إعفائه الأسبوع الماضي رئيس هيئة الحشد فالح الفياض من منصبه وتعيين نفسه رئيسًا لها، أكدت رحاب العبودة، عضو البرلمان العراقي السابق عن ائتلاف دولة القانون، أن "الذي حصل في البصرة كان بمثابة فخ وقع فيه العبادي وانتهت آخر حظوظه في ولاية ثانية" ، وأضافت إلى "الشرق الأوسط" أن "كتلة العبادي لم تعد موجودة على أرض الواقع، حيث غادر معظم الأطراف التي انتمت إليها "، مبينة أن "التقارب الأخير بين الفتح وسائرون بات يمهد إلى عودة التحالف الشيعي وبالتالي لا يملك العبادي سوى المجيء، لكن ليس بشروطه ، بل بشروط التحالف، وهو ما يعني أنه قد يحصل على منصب آخر للترضية قد يكون نائب رئيس البرلمان أو نائب رئيس الجمهورية"
وحمل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، الولايات المتحدة مسؤولية ما تشهده محافظة البصرة من اضطرابات أمنية ،وقال المهندس لمجموعة من القنوات الفضائية العراقية إن "الأميركيين هددوا بأنهم سيحرقون البصرة إذا لم تجدد الولاية ، وسنقدم كل الأدلة على الدور التخريبي للقنصلية الأميركية في البصرة" ، وأضاف المهندس "نؤكد للأميركيين أنه لن تحدث حرب شيعية – شيعية، وما يجري في البصرة شبيه بالذي جرى في مصر إبان سقوط نظام مبارك".
و أكد مصدر مطلع إلى "الشرق الأوسط" أن "الحشد الشعبي وبعد صدور قانونه من قبل البرلمان العام الماضي أصبح مؤسسة أمنية رسمية حاله حال المؤسسات العسكرية الأخرى مثل جهاز مكافحة التطرف ، التي لها قانونها الخاص، لكنها تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، وبالتالي فإنه ما دام رئيس مجلس الوزراء في العراق هو القائد العام، فإن هذا التشكيل تابع له، لكن ليس بالضرورة أن يكون هو رئيسه"، وذلك في إشارة إلى تعيين العبادي نفسه رئيسًا لهيئة الحشد ، بعد إعفائه فالح الفياض".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن "فصائل الحشد التي تتمتع بعلاقة جيدة مع إيران تأخذ على العبادي تنفيذه الأجندة الأميركية، وبالتالي حصل التقاطع بين الجانب الرسمي الوظيفي لجهة صلة الحشد كمؤسسة أمنية به، وبين الجانب السياسي كون الطرفين شكلا تحالفين سياسيين مختلفين وباتا متصارعين على رئاسة الحكومة ، حيث إن قائمة الفتح التي تمثل معظم الفصائل المنتمية إلى الحشد ترشح هادي العامري لرئاسة الحكومة، بينما تحالف النصر يرشح العبادي لرئاسة الحكومة"، مبينًا أن "هذا التناقض بين الطرفين سيبقى قائمًا حتى تتضح صورة التحالفات وما الكتلة الأكبر خلال الفترة المقبلة، وتاليًا من سيكون مرشحًا لرئاسة الحكومة المقبلة".
أرسل تعليقك