دمشق ـ العرب اليوم
في تصريح حذر وغير مسبوق، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، في 12 فبراير 2025، السلطات السورية الجديدة إلى تجنب الوقوع في "حلقة قصاص وانتقام"، وحث على اتخاذ خطوات عملية لضمان عدم تكرار الانتهاكات التي شهدتها البلاد خلال سنوات النزاع. جاء هذا التحذير خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، حيث أكد بيدرسون أن الأمم المتحدة تتابع عن كثب ما يحدث في سوريا بعد التغييرات السياسية الأخيرة التي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
وأشار بيدرسون إلى تقارير متعددة تحدثت عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الفترة الأخيرة، مثل القتل غير القانوني خارج إطار العدالة، وحالات سوء المعاملة الخطيرة أثناء الاحتجاز، فضلاً عن عمليات الاختطاف والنهب والمصادرة القسرية للممتلكات. وقد شملت هذه الانتهاكات أيضًا عمليات إخلاء قسري لعائلات من مساكنها دون توفير البدائل اللازمة. وقد أكدت التقارير منظمات حقوق الإنسان أن هذه الأعمال قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي تعاني منها البلاد.
ورغم هذه التقارير، نقل بيدرسون عن السلطات الجديدة في سوريا تأكيداتها بعدم وجود سياسة رسمية للانتقام، مشيرًا إلى أنهم أفرجوا عن مئات المحتجزين في خطوة تهدف إلى تهدئة الوضع الداخلي في البلاد. ومع ذلك، أكد بيدرسون أن هذه التصريحات يجب أن تُترجم إلى أفعال ملموسة على الأرض. وشدد على ضرورة أن توقف جميع الأطراف المسلحة، سواء كانت تابعة للحكومة أو الجماعات المعارضة، هذه الأعمال التي تنتهك حقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون والممارسات التعسفية.
كما لفت بيدرسون إلى أهمية أن تأخذ الحكومة السورية الجديدة في الاعتبار المبادئ الأساسية للعدالة الانتقالية، التي تهدف إلى معالجة الانتهاكات السابقة وتحقيق العدالة للضحايا. وأكد أن العدالة الانتقالية ليست مجرد خطوات قانونية، بل هي عملية تهدف إلى بناء الثقة بين جميع الأطراف السورية وإرساء السلام الدائم. ودعا إلى إنشاء إطار قانوني شامل يضمن التحقيق في الانتهاكات وتقديم الجناة إلى العدالة، وكذلك توفير الدعم اللازم للضحايا وأسرهم.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن هذه الدعوات لا تقتصر على الجهات السورية فقط، بل يجب أن تشمل المجتمع الدولي الذي يجب أن يلعب دورًا نشطًا في تقديم الدعم للجهود السورية في هذا المجال. وأضاف أن النظام الدولي يجب أن يكون جزءًا من عملية إعادة بناء سوريا وأن يكون على استعداد لتقديم الدعم الضروري من أجل تنفيذ العدالة الانتقالية وتعزيز المصالحة الوطنية.
في هذا السياق، دعا بيدرسون إلى وقف جميع الأعمال العدائية من قبل جميع الأطراف وضمان تفعيل مفاوضات شاملة تفضي إلى السلام المستدام. وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل متابعة الوضع عن كثب، وستقوم بتقييم الأوضاع على الأرض في سوريا لضمان أن تكون العملية السياسية حقيقية وشفافة وتستند إلى المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
ورغم أن المبعوث الأممي أشار إلى وجود بعض التقدم على مستوى السجون والإفراج عن المعتقلين، إلا أن الوضع لا يزال معقدًا، ولا يمكن أن يُنظر إليه إلا كخطوة أولى نحو تحقيق العدالة. وأوضح بيدرسون أن تحقيق العدالة للجميع هو السبيل الوحيد لضمان أن سوريا المستقبل ستكون قائمة على المبادئ الإنسانية والحقوقية التي تحفظ كرامة جميع المواطنين السوريين.
قد يهمك أيضا:
مقرّب من الجولاني يؤكّد أنّ أيمن الظواهري يدير تنظيم "القاعدة" من إيران
الجولاني يبرر التدخل التركي في إدلب
أرسل تعليقك