موسكو ـ ريتا مهنا
من المنتظر أن يحصل "طباخ الرئيس الروسي" يفغيني بريغوجين، على نسبة 25 في المئة من النفط السوري، إذ نجح في تنفيذ اتفاق تحوم حوله شبهات، لـ"تحرير" المنشآت النفطية وحمايتها بالاعتماد على جيش خاص ينشط في سورية منذ منتصف عام 2014. تفاصيل مثيرة، تسرّب بعضها في وسائل إعلام حول صفقات يبرمها مقرّبون من الكرملين، للحصول على حصة كبرى من الثروات السورية، في مقابل مساعدة الحكم السوري لبسط سيطرته على مناطق غنية بالنفط والغاز.
فقد نشرت شبكة "فونتانكا" الروسية الإلكترونية الواسعة الانتشار في سان بطرسبورغ، معطيات عن مذكّرة تعاون وقّعتها شركة "يوروبوليس" الروسية مع وزارة النفط والثروة المعدنية السورية مطلع السنة، ونقلت عن مصدر في وزارة الطاقة الروسية أن الشركة تلتزم- وفقاً لبنود الاتفاق- "تحرير مناطق تضم آبار نفط ومنشآت وحمايتها"، في مقابل حصولها على ربع الإنتاج النفطي. واللافت أن الاتفاق الذي سيدخل حيّز التنفيذ بعد إدخال تعديل قانوني في سورية، ينص بوضوح على أن تكاليف العمليات العسكرية اللازمة لا تندرج ضمن بنوده، ما يعني أنها ستُدفع في شكل منفصل.
لكن المثير أن "يوروبوليس" التي تعود ملكيّتها إلى رجل الأعمال و ملك قطاع المطاعم يفغيني بريغوجين، لم يكن مرّ على تأسيسها عندما وقّعت المذكرة أكثر من ستة أشهر، إذ تأسّست في حزيران/يونيو من العام الماضي وسُجِّلت في إحدى ضواحي موسكو، ولم تسجل غرفة التجارة الروسية أي نشاط تجاري لها باستثناء المذكرة التي وقّعها عن الجانب السوري وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم، بعد مفاوضات أُجريت في موسكو مطلع السنة.
بريغوجين المعروف في أوساط الأعمال الروسية بأنه "طبّاخ الرئيس بوتين"، كونه صعد سلم أصحاب البلايين بسرعة الصاروخ، وبعدما كان متعهداً لتقديم الوجبات إلى حفلات الكرملين، باتت شركاته تحصد كل عقود وزارة الدفاع في قطاعات التغذية ومجالات الخدمات، وفق ما أكدت وكالة "إنترفاكس". لكن الرجل انتقل إلى قطاع أوسع نتيجة الحرب في أوكرانيا ثم في سورية، وغدا متعهد حروب خاصة. وهو ليس وحيداً في هذا المجال، ففي مطلع السنة أيضاً، وقّعت شركة "سترويترانس غاز" المختصّة بإنشاءات خطوط إمداد الغاز الطبيعي، عقداً مجزياً مع الحكومة السورية، تبدو شروطه مشابهة، إذ تأخذ الشركة على عاتقها بموجب العقد الذي يدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل، وفق صحيفة "آر بي كا" القريبة من أوساط الأعمال، حماية المنشآت ونقل الغاز.
في الحالين، تبرز أسماء شخصيات قريبة من الكرملين، وفي الحالين ثمة اعتماد على "جيش سرّي خفي" ضمن مهماته عمليات التحرير والحماية. وفتحت هذه التفاصيل مجدداً ملف "جيش فاغنر" الذي كثُر الحديث عنه منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. والمقصود التشكيلات العسكرية غير الرسمية التي نشطت في شكل مكثّف في أوكرانيا وانتقلت إلى سورية عام 2015، وكانت لها مساهمات في عمليات عسكرية، بينها عملية تدمر العام الماضي.
وتفيد "فونتانكا" بأن التشكيلات تضم ضبّاطاً بارزين سابقين في القطاعات العسكرية والأمنية، تقاعدوا ليتحوّلوا إلى "البزنس" الذي يديره بعض "حيتان المال". وتشير إلى أن رجال الأعمال يموّلون نشاط هذا الجيش في مقابل الحصول على عقود مجزية.
ونشرت وسائل إعلام روسية قبل شهور عدداً من أسماء الضباط السابقين المنخرطين في هذا النشاط، كما تحدّث بعضها أكثر من مرة عن سقوط قتلى في صفوف تلك التشكيلات، بينما تنفي موسكو رسمياً صحة المعطيات، وتؤكد أن الجيش الروسي لم ينفّذ عمليات في تلك المناطق. وتشير "آر بي كا" إلى أن المنخرطين في الجيش الخاص يحصلون على مكافآت مجزية تصل إلى نحو 5 آلاف دولار شهرياً، وفي حال مقتل أحدهم، يتلقى ذووه تعويضاً بمبلغ لا يقل عن 3 ملايين روبل، وهو أكثر من ضعفي المبلغ الذي يحصل عليه ذوو قتلى الجيش النظامي.
أرسل تعليقك