اعتبرت إيطاليا أن اتفاق "الصخيرات"، المبرم في المغرب برعاية أممية قبل نحو عامين، لا ينتهي بحلول السابع عشر من الشهر الجاري، موعد المهلة التي حددها سابقًا المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، والذي واصل الثلاثاء زيارته الثانية من نوعها إلى العاصمة الإيطالية روما، وذلك في وقت هيمن فيه ملف الانتخابات على المشهد السياسي في ليبيا.
ونقلت وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء عن مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو والمشير حفتر توافقا، خلال اجتماعهما الإثنين، على أنه "لا غنى عن الانتخابات" في ليبيا، وأن يوم الأحد المقبل يشكل ذكرى اتفاق الصخيرات، وليس تاريخ نهاية صلاحيته، ولم يصدر على الفور أي تأكيد من حفتر أو مكتبه، بشأن ما إذا كان قد تخلى عن تهديده، الذي سعت مصر وأطراف إقليمية ودولية، إلى إقناعه بتهدئة الأوضاع، وإتاحة الفرصة لنجاح المفاوضات التي تقودها بعثة الأمم المتحدة لتعديل اتفاق الصخيرات.
ونقلت الوكالة ذاتها عن ألفانو قوله إن "الاستحقاق الانتخابي هو قطار تم تحديد وجهته، والسؤال الوحيد الذي يبقى مطروحًا هو سرعة هذا القطار"، أي موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المرتقبة في ليبيا، التي وضعت خطة عمل المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة شهر سبتمبر (أيلول) المقبل كموعد أقصى لإتمامها. كما اتفق ألفانو وحفتر على دعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا التي قال ألفانو إن مفاوضاته تحظى بدعم كل المجتمع الدولي.
من جهتها، أعلنت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي أن استقرار ليبيا يتخذ أهمية مطلقة بالنسبة لإيطاليا، وأهمية بالغة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط بأسرها، مشيرة إلى أن بلادها انخرطت في بعض أنشطة الدعم الإنساني ورعاية الجرحى، وذلك في إطار البعثة الأوروبية، بالإضافة إلى تدريب خفر السواحل. لكنها استدركت بالقول، خلال الاجتماع الوزاري لمبادرة "دفاع 5 + 5" في باريس، التي تضم 5 دول من جنوب المتوسط (الجزائر، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب، وتونس)، و5 أخرى بشماله (فرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال وإسبانيا): "أعتقد أننا جميعًا نوجه أنظارنا إلى ليبيا لأن استقرارها السياسي هو العنصر الأساسي للقدرة على بناء الأمن".
وكان حفتر قد بدأ مساء الإثنين زيارة إلى العاصمة الإيطالية روما، هي الثانية من نوعها المعلنة له هذا العام، إذ سبق أن زارها خلال نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وانحصرت لقاءاته آنذاك على المسؤولين الأمنيين والعسكريين في الحكومة الإيطالية.
من جهة أخرى، ترأس عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، الثلاثاء، جلسة رسمية عقدها أعضاء المجلس بمقره في مدينة طبرق، بأقصى شرق البلاد، لمناقشة تعديل الإعلان الدستوري، واتخاذ الإجراءات العملية لتنفيذ المقترح الذي أقره المجلس الشهر الماضي بشأن تعديل اتفاق الصخيرات، ولم يعلن المجلس عن أية قرارات اتخذها في الجلسة، لكن كان لافتًا اجتماع رئيسه عقيلة قبل الجلسة مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، حيث تمت مناقشة العملية الانتخابية المقبلة في ليبيا، ومدى استعداد المفوضية العليا للانتخابات، وإمكانياتها في الإشراف على سيرها، بحسب ما أعلنه المستشار الإعلامي لرئاسة المجلس فتحي المريمي.
في المقابل، قال سلامة إنه "لم يدع إلى إجراء الانتخابات، بل إلى بدء العمل على تأمين الشروط اللازمة لإجراء الانتخابات"، موضحًا أنها "تتطلب شهورًا طويلة من العمل، وهي شروط تشريعية وتقنية وسياسية وأمنية"، على حد قوله، وأضاف لدى اجتماعه بممثلين عن المجلس البلدي لمدينة غريان وأعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة، أول من أمس: "جئت لبلدكم متطوعًا لكي أسهم معكم وليس بديلًا عنكم، ليس للانتقال من مرحلة انتقالية إلى أخرى، بل لإرساء ثوابت الدولة المستقرة المبنية على 3 أسس: دستور دائم، وانتخابات دورية، ومصالحة وطنية".
إلى ذلك، تحدث عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس، خلال زيارته لمعسكر اليرموك بالعاصمة طرابلس رفقة مسؤولين عسكريين، عن دعمه لجهود توحيد الجيش الليبي تحت إشراف السلطة المدنية العليا، ومن خلال إشراك جميع ضباط الجيش، غربًا وشرقًا وجنوبًا، وعدم السماح بتوجيه هذه الجهود لصالح أهداف سياسية خاصة، أو اختزالها في شخص أو طرف بعينه.
وأعاد السويحلي نشر مقابلة له مع وكالة الأنباء الألمانية، طالب خلالها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باحترام ما تبقّى من سيادة وكرامة دولة ليبيا، معتبرًا أنّ الليبيين سيكونون محظوظين إذا تمكنت البلاد من التوجه لانتخابات عامة، وقال في هذا السياق: "نواجه تحديات كبيرة في سبيل توفير الظروف المناسبة، ولكن إذا ما كان هناك تعاون بين جميع الأطراف، فقد يمكننا إجراء الانتخابات العامة"، كما أوضح تعليقًا على إمكانية إجراء الانتخابات في مدينة درنة، التي تحاصرها منذ شهور قوات الجيش الوطني: "إذا ما نجحنا في تعديل الاتفاق السياسي، فلا أتصور أنه سيكون هناك ما يمنع إجراء الانتخابات في درنة، أو أي مكان آخر في ليبيا"، معتبرًا أنّ الصعوبة في إجراء أي انتخابات ليست الإجراءات الفنية كتسجيل الناخبين، ولكن الصعوبة تكمن في توفير الظروف السياسية والأمنية والتشريعية الضرورية لقيام المواطن بممارسة حقه عبر انتخابات حرة ونزيهة.
ونفى السويحلي وجود اسمه ضمن قوائم مرشحة للمجلس الرئاسي المقبل، كما نفى حصوله على جنسية أخرى غير الجنسية الليبية، معربًا عن فخره بكون المجلس الأعلى للدولة، الذي يترأسه، من أكثر المؤسسات تمسكًا بالديمقراطية فعلًا، وليس بالشعارات فقط، على حد تعبيره.
من جهتها، كشفت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى طرابلس عن تعاون البعثة مع السلطات الليبية لتحسين ظروف المهاجرين، والبحث عن بدائل للاحتجاز. وفي أول زيارة من نوعها لمسؤول أوروبي رفيع المستوى لمراكز إيواء المهاجرين في ليبيا، منذ نشر مقطع فيديو لبيع مهاجرين من قبل مهربين عبر مزاد علني، قالت البعثة في بيان لها الثلاثاء إن سفيرة الاتحاد الأوروبي، بيتينا موشايد، زارت مركزي احتجاز المهاجرين بطريق المطار وتاجوراء بالعاصمة، في إطار عمل الاتحاد الأوروبي عن كثب مع السلطات الليبية ووكالات الأمم المتحدة وبلدان المنشأ لتحسين ظروف المهاجرين، لافتة شيرة إلى ما وصفته استكشاف بدائل للاحتجاز، ومساعدة أولئك الذين يريدون العودة إلى ديارهم من المهاجرين.
في المقابل، اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومات الأوروبية بالتواطؤ حول توقيف مهاجرين في ظروف مروعة في ليبيا، وانتقدت مساعدتها لخفر السواحل الليبي المتورط في تجارة الرق، على حد قولها، وأعلنت في تقرير لها أن "الحكومات الأوروبية متورطة عمدًا في التعذيب والانتهاكات بحق عشرات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين المحتجزين من قبل السلطات الليبية للهجرة في ظروف مروعة"، كما اتهمت المنظمة أوروبا بدعم "نظام معقد من الانتهاكات والاستغلال بحق اللاجئين والمهاجرين"، من قبل خفر السواحل ومسؤولين في مراكز الاحتجاز والمهربين، والتركيز فقط على منع المهاجرين من عبور البحر المتوسط.
وقال جون دالويسن، مدير المنظمة في أوروبا، إن "عشرات الآلاف من الأشخاص محتجزون إلى ما لا نهاية في مراكز مكتظة يتعرضون فيها لانتهاكات منهجية"، ودعا "الحكومات الأوروبية إلى إعادة النظر في تعاونها مع ليبيا على صعيد الهجرة، والسماح للأشخاص بالتوجه إلى أوروبا عبر السبل القانونية"، كما اتهمت خفر السواحل الليبي بالتورط في تجارة البشر، من خلال تعاونه مع المهربين، وتعريض حياة المهاجرين للخطر، وتخويف المنظمات غير الحكومية التي تعمل في البحر لإنقاذ المهاجرين من الغرق.
أرسل تعليقك