غزة ـ كمال اليازجي
في ظل التوتر الأمني على الأرض والحشود العسكرية الإسرائيلية الضخمة، قام المسؤولون الإسرائيليون بشحن الأجواء بموجة من التهديدات بالحرب والدمار ورد قادة "حماس" باستخفاف واستهتار، إلى حد جعل محللين وخبراء يتساءلون إن كان هناك من هو معني بحصول كارثة إنسانية في قطاع غزة.
فقد صرح وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بأن قواته مستعدة للقيام بعملية حربية أخرى على قطاع غزة، وتباهى بقتل متظاهرين فلسطينيين عند السياج الحدودي، موجهاً تهديداً مباشرا إلى حركة "حماس". وكتب ليبرمان في حسابه في "تويتر" الجمعة: "تجاوزنا شهر أعياد تشري (الأعياد اليهودية) مثلما خططنا بالضبط، من دون اشتعال الوضع ومن خلال جباية ثمن باهظ من مثيري أعمال الشغب عند حدود غزة. لقد حان وقت ما بعد الأعياد. وأقول لقادة حماس: خذوا ذلك بالحسبان.
وقال رئيس حزب المستوطنين "البيت اليهودي" وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت: "لو كنت وزيراً للأمن لقتلت جميع مطلقي البالونات الناسفة، وأطلقت عليهم النار بجميع الأدوات، لأصفّي كل المخربين".
وفي الإطار ذاته، هدد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالرد على مؤيدي "حماس" بقوة لم يعرفوها في السابق، إذا استمروا في إطلاق البالونات الحارقة. وقال: "إذا ما اعتقدت حماس أن بإمكانها مهاجمة إسرائيل فإنها ترتكب خطأ كبيراً جداً وستتلقى ضربة قاسية، قاسية جداً". واتهم نتنياهو رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بالعمل على خنق قطاع غزة، منوهاً إلى أن ذلك يدفع "حماس" إلى مهاجمة إسرائيل، لكن عليها (حماس) أن تعرف أنها ستتلقى رداً قاسياً".
ورد قادة "حماس" باستخفاف. وقال رئيس الحركة في القطاع، يحيى السنوار، إن "هذه ستكون الحرب الرابعة. ولا يمكن أن تنتهي مثل الثالثة، التي انتهت مثل الثانية، التي انتهت مثل الأولى. سيضطرون إلى إعادة احتلال غزة. ولا أعتقد أن نتنياهو يريد مليوني عربي آخر. بالحرب لن يحققوا أي شيء".
وجاءت أقوال السنوار في مقابلة أجرتها معه الصحافية "فرانشيسكا بوري"، مراسلة صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، لصالح صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، التي نشرتها كاملة أمس الجمعة. وأوضحت الصحيفة العبرية أمس أن السنوار لم يقل الحقيقة عندما أصدر بياناً ينفي فيه أنه تحدث إليها ويزعم أنه لم يجر مقابلة مع صحيفة عبرية. وقالت: "لقد كان واضحاً أنه يتحدث إلى صحيفتنا بل وجه خلال المقابلة عدة رسائل إلى المجتمع الإسرائيلي مباشرة".
وقال السنوار في المقابلة: "أنا لست قائد ميليشيا عسكرية. أنا قائد حماس في غزة. وهذه ليست ميليشيا وإنما شيء مركب أكثر: حركة تحرر وطني. والتزامي الأول هو العمل من أجل مصلحة شعبي. الدفاع عنه وعن حقه بالحرية والاستقلال". وأوضح السنوار أن وقف إطلاق نار يعني الهدوء مقابل الهدوء ومقابل إنهاء الحصار. فالحصار ليس هدوءاً. لأنه إذا كان وقف إطلاق النار يعني ألا نُقصف، ولكن أن نستمر بالعيش من دون ماء وكهرباء ومن دون شيء، إذا استمررنا بالعيش تحت الحصار، فلا جدوى من ذلك. لأن الحصار هو نوع من الحرب، ولكن بوسائل أخرى. وفضلا عن ذلك، هذه جريمة بموجب القانون الدولي. لا يوجد وقف إطلاق نار تحت الحصار.
وأردف السنوار قائلاً: "إذا عادت غزة رويداً رويداً إلى حالة طبيعية، وإذا وصلت استثمارات وليس مساعدات إنسانية فقط، سيكون هناك تقدم. فنحن لسنا متسولين، وإنما نريد أن نعمل ونتعلم ونسافر، مثل الجميع. نريد أن نعيش، وبقوانا الذاتية. إذا رأينا تغييراً، فسيكون بالإمكان التقدم. وحماس ستبذل أقصى ما عندها من أجل احترام وقف إطلاق النار. لكن لن يحل السلام من دون عدالة. ومن دون حرية لا يوجد عدالة. وأنا لا أريد سلام قبور".
وحول الذرائع الإسرائيلية بأن "حماس" ستستغل وقف إطلاق النار للتسلح، قال السنوار إنه "بداية، ينبغي الإشارة إلى أنني لم أشن حرباً أبداً. الحرب جاءت إليّ. والسؤال، وبصدق، معاكس: لماذا ينبغي أن أثق بهم؟ لقد غادروا قطاع غزة في عام 2005، لكنهم عملياً أعادوا تنظيم الاحتلال. قبل ذلك كانوا داخل القطاع، والآن هم يغلقون الحدود. لكن نعم، الثقة بين الجانبين هي المسألة الأساسية. وربما هذا خطأنا، أن نفكر دائماً من سيخطو أولا: أنا أو أنت؟". ورفض السنوار إمكانية أن تتخلى "حماس" عن سلاحها في حال التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد.
واختتم السنوار مقابلته قائلاً: "لا سلام من دون حماس. لأننا جزء لا يتجزأ من فلسطين، حتى لو خسرنا الانتخابات المقبلة. مسؤوليتي هي التعاون مع كل من باستطاعته إنهاء الحصار غير المبرر ويسبب الموت. لا يمكن الاستمرار هكذا. وفي الواقع الحالي، الانفجار لا مرد له. ومع ذلك نقول لكم: حان وقت التغيير. وقف الحصار. ووضع نهاية للاحتلال".
أرسل تعليقك