بيروت ـ فادي سماحه
بعد أيام على أجواء التفاؤل التي حاول الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري والمقربون منه بثّها، أتى كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ليضع علامة استفهام حول خلفية هذا التفاؤل ومدى إمكانية تشكيل الحكومة في وقت قريب، خاصة أن مواقفه أكّدت أن العقد لا تزال على حالها وتحديدا ما تعرف بـ"العقدتين الدرزية والمسيحية"، لا بل أضيفت إليها عقدة جديدة تمثّلت بمطالبة باسيل بوزارة الأشغال التي يفترض أن هناك اتفاقا على أن تكون من حصة "تيار المردة" المسيحي أيضاً.
وفيما رأت مصادر حزب "القوات اللبنانية"، أن كلام باسيل الذي جدّد فيه مطالبه الوزارية أعاد الأمور إلى ما قبل نقطة الصفر، رفضت مصادر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري هذا الوصف مؤكدة لـ"الشرق الأوسط"، أنه "لا عودة إلى الوراء، لكن يمكن القول بأن هناك ترقّبا حذرا، وفي النهاية هناك رئيس للجمهورية هو الذي له الكلمة الفصل وكلّ كلام آخر هو مجرّد رأي".
والانطباع نفسه لم يختلف بالنسبة إلى "حركة أمل" الشيعية، حيث وصف مصدر نيابي في كتلة "التنمية والتحرير" الوضع بعد كلام باسيل بـ"غير الإيجابي" قائلا لـ"الشرق الأوسط": "كأنّ باسيل يقصد في كل مرة نسف كل تقدّم يتحقّق في مسار المفاوضات عبر وضع عراقيل جديدة لتعقيد الأمور". سائلا: "هل حصول باسيل على وزارة الأشغال ينهي الأزمة في البلد؟ ما نراه هو حرتقات لأهداف حزبية وطائفية ستنعكس سلبا على الجميع". وأمل أن يحمل الحريري كما كان متوقعا في اليومين المقبلين تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية تخرج البلاد من المأزق التي تعيش فيه.
كما سُجّل ردّ لافت من قبل النائب في "القوات اللبنانية" ستريدا جعجع على وزير الخارجية واصفة كلامه بـ"المليء بالحقد والشرّ" عندما تحدث عن المصالحة بين "تيار المردة" و"القوات"، معتبرة في الوقت عينه أنه يضع معايير تناسبه بهدف تقليص حجم تمثيل القوات في الحكومة.
وأوضحت في بيان لها نقاطا عدة، مؤكدة أن "اتفاق معراب" وخلافاً لما تحدث عنه باسيل، ينص على أن تتولى القوات والتيار الوطني الحر مناصفة المقاعد الوزارية المخصصة للطائفة المسيحية، بما فيها السيادية منها والخدماتية، والموزعة على المذاهب المسيحية المختلفة، وفي كل حكومات العهد، وذلك بعد احتساب الحصة المسيحية التي جرت العادة أن تكون لرئيس الجمهورية.
ووصفت ستريدا جعجع كلام باسيل بأنه يرغب في أن تتولى القوات حقيبة سيادية لكن الاعتراض جاء من مختلف القوى السياسية بـ"التضليل" مشيرة إلى أنه في "استعراض مواقف كل الأطراف منذ بدء تشكيل الحكومة تأكيد أنه لا يوجد أي موقف معارض لتسلم القوات حقيبة سيادية باستثناء الوزير باسيل.
وقالت "إذا سلمنا جدلا بمقياس وزير لكل 5 نواب يكون بادئ ذي بدء لرئيس الجمهورية كما هو متفق عليه في اتفاق معراب 3 وزراء في حكومة ثلاثينية ويكون لباسيل 4 وزراء لأن نواب "التيار الوطني الحر" هم عشرون نائبا وسائر النواب هم لرئيس الجمهورية وحصة الرئيس قد احتسبت أساسا بثلاثة وزراء.
وفي الإطار نفسه، قالت مصادر القوات لـ"الشرق الأوسط": يبدو واضحا أن باسيل مصمم على عرقلة تشكيل الحكومة. الأسبوع الماضي نسف إيجابية الحريري بعد لقائه عون والآن عاد ليقوم بالخطوة نفسها محاولا نسف كل ما عمل ويعمل عليه الرئيس المكلف خلال هذا الأسبوع محاولا تدوير الزوايا والقفز فوق العراقيل. وأضافت "كلامه أثبت أنه لا يريد حكومة عبر تمسكه بالعقد نفسها، إن حيال حصة القوات أو فيما يتعلّق بالحصة الدرزية رغم أن رئيس حزب الديمقراطي اللبناني، النائب طلال أرسلان نفسه قدّم تنازلا، بل حتى وأضاف إليها عقدة جديدة عبر مطالبته بوزارة الأشغال التي كان شبه متفق عليها بأنها من حصة تيار المردة، كما أنه يدخل نفسه في صلاحيات رئيس الحكومة المكلف من باب فرض المعايير والشروط
ونقلت "وكالة الأنباء المركزية" عن مصادر مقرّبة من رئيس تيار "المردة"، الوزير السابق سليمان فرنجية، ردا على مطالبة باسيل بالأشغال إلى جانب الطاقة، قولها متمسكون بالأشغال، ونرفض أن نخضع لابتزاز أحد. وأضافت بتنا في مرحلة متقدمة من التفاوض والوزير باسيل يضع أوراقه كافة على الطاولة، في محاولة لرفع سقف مكاسبه التي لن تكون على حسابنا.
وأوضحت: حلفاؤنا وعدونا بالأشغال، ونحن متمسكون بها حتى إشعار آخر، وأي عرض بديل يجب أن يكون محصورا بوزارة الطاقة أو بوزارة الاتصالات.ولن نقبل بأقل من ذلك.
مضيفة: مطالبنا في عهدة الرئيس الحريري الذي نتواصل معه بشكل دائم، والمفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة وعند حصول أي عرض جديد ينسجم مع طروحاتنا، سنختار الأنسب بدعم من حلفائنا، مؤكدة في الوقت نفسه «أن «المردة» لن يكون خارج الحكومة بأي شكل من الأشكال.
أرسل تعليقك