شهدت الأزمة بين أنقرة وبرلين فصلاً جديداً من التصعيد قبل أسبوع من زيارة سيقوم بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لألمانيا تستمر يومين للمشاركة في قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في مدينة "هامبورغ" يومي 7 و8 يوليو/تموز الحالي، بعد أن رفضت السلطات الألمانية طلباً لإردوغان لعقد لقاء مع الجالية التركية في المدينة على هامش أعمال القمة.
وزاد الرفض الألماني من الغضب التركي تجاه ما تعتبره أنقرة تعنتًا ألمانيًا ودعمًا لتنظيمات إرهابية تعمل ضد تركيا على حساب العلاقات بين البلدين.
وانتقد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين تصريحات لسياسيين ألمان، حول اللقاء الذي طلب إردوغان عقده مع الجالية التركية قائلاً في بيان: إن "محاولة عدد من السياسيين الألمان منع إجراء اللقاء يعد الدليل الملموس الأكبر على ازدواجية المعايير السائدة في أوروبا".
وأضاف: "الذين يحاولون إعطاء دروس لتركيا في الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، بينما يحتضنون تنظيمات إرهابية وانقلابيين وفارين من القانون، ويعملون على عرقلة لقاء رئيس جمهوريتنا مع مواطنينا، يقدمون أكبر دليل ملموس على ازدواجية المعايير السائدة في أوروبا". واعتبر تصريحات هؤلاء السياسيين "استفزازية وتنطوي على سوء نية ولا يمكن قبولها".
وكانت السلطات الألمانية منعت مسؤولين أتراكاً من عقد لقاءات مع الجالية التركية، قبل توجه الناخبين الأتراك للتصويت في استفتاء على تعديلات دستورية لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية في أبريل/نيسان الماضي، ما اعتبرته أنقرة اعتداء على الديمقراطية والحرية وانتهاكاً للأعراف الدبلوماسية.
وأعلنت برلين ، أول من أمس الخميس، رفضها لطلب تقدم به الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عبر فيه عن رغبته في إلقاء خطاب أمام مواطنيه الأتراك المهاجرين في ألمانيا على هامش قمة مجموعة العشرين. وقال وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل في بيان: "تلقينا طلباً رسمياً من تركيا يفيد بأن الرئيس التركي إردوغان يرغب في مخاطبة مواطنيه على هامش قمة العشرين في ألمانيا... قلت قبل أسابيع لنظيري التركي إننا لا نعتبر الأمر فكرة جيدة"، مشيراً إلى اتفاق الائتلاف الحكومي في ألمانيا بزعامة أنجيلا ميركل بشأن هذا الموقف.
وأضاف غابرييل أن ألمانيا لا يمكنها ضمان الأمن خلال مثل هذا التجمع، في حين ستنشر قوات أمنية مكثفة لضمان أمن قمة العشرين في 7 و8 يوليو/تموز في هامبورغ، حيث يتوقع تنظيم مظاهرات مناهضة لمجموعة العشرين، يشارك فيها أكثر من مائة ألف شخص. وتابع: "قلت بصراحة إنه نظراً إلى الوضع المتوتر مع تركيا لن تكون هذه الكلمة مناسبة"، لكنه قال إن الرئيس التركي سيستقبل بكل حفاوة وتقدير، باعتباره ضيفاً على القمة.
وتمر العلاقات بين الحليفين السابقين بفترة توتر منذ أشهر، لا سيما بعد أن منعت ألمانيا تنظيم تجمعات لأنصار حزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا، قبل الاستفتاء على تعزيز صلاحيات إردوغان، في أبريل الماضي ثم منحت حق اللجوء لنحو 40 من العسكريين وحاملي جوازات السفر الخاصة وعائلاتهم فروا من تركيا لاتهامهم بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو 2016. ويعيش نحو 3 ملايين مواطن تركي يعيشون في ألمانيا، فيما لا يزالون متمتعين بحق التصويت في انتخابات بلادهم.
وتعد هذه أول زيارة للرئيس التركي لبرلين منذ تصاعد الأزمة بين البلدين في العام الأخير، وتأتي بعد إعلان برلين سحب قواتها من قاعدة إنجرليك الجوية عقب فشل جولات من المفاوضات بين الجانبين في إنهاء الأزمة حيث التقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إردوغان في بروكسل على هامش قمة الناتو في 25 مايو/أيار الماضي.وأعلن إردوغان وأكثر من مسؤول تركي أنه إذا رغبت ألمانيا في مغادرة "إنجرليك" فسنقول: مع السلامة".
وتعد الأزمة في العلاقات بين أنقرة وبرلين هي أبرز مظاهر التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي وصفه إردوغان بأنه من بقايا النازية خلال فترة الاستفتاء على تعديل الدستور لإقرار النظام الرئاسي، الذي أجرى في 16 أبريل الماضي، والذي بعده انطلقت محاولات تركيا لإزالة التوتر واستئناف مسيرة مفاوضات العضوية المجمدة، التي انطلقت منذ عام 2005.
ومن المقرر أن يعقد في 25 يوليو/تموز الحالي لقاء رفيع المستوى بين وزراء أتراك ومسؤولين كبار بالاتحاد الأوروبي لبحث تحريك المفاوضات بعد اللقاءات التمهيدية التي جرت على مستوى أدنى في بروكسل خلال يونيو/حزيران الماضي.
وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن بلاده هي الوحيدة التي تقوم بمفاوضات من أجل الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، ولم يتم إعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول. وأضاف خلال منتدى الأعمال التركي المجري في العاصمة أنقرة، أمس الجمعة أن "أوروبا تواصل وضع الصعوبات أمام تركيا... وكل تلك الصعوبات هي عيوب الاتحاد الأوروبي". وأوضح يلدريم أن "أوروبا تعفي مواطني بلدان لم تبدأ مفاوضاتها لعضوية الاتحاد من تأشيرة الدخول في حين لم يتم إعفاء مواطني تركيا التي تواصل مفاوضاتها منذ أكثر من 40 عاماً".
أرسل تعليقك