القاهرة ـ العرب اليوم
قرار أميركي، يراه البعض متأخرا، بخفض المعونات المقدمة من واشنطن إلى أديس أبابا بما يصل إلى 100 مليون دولار نتيجة عدم إحراز تقدم في مفاوضات سد النهضة.. هل تنجح الضغوط الأميركية على إثيوبيا في تصويب مسار مفاوضات سد النهضة؟ يرى مراقبون أن تخفيض المساعدات الأمريكية بتلك القيمة ليس لها تأثير من الناحية المالية، إنما التأثير يكمن في الرسالة لأميريكة إلى أديس أبابا والتي مفادها أنها غير راضية والمجتمع الدولي عما آلت إليه الأمور فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، وهي رسالة قد يتقبلها الإثيوبيين أو يستمرون في طريق التسويف والمماطلة، في الوقت التي وضعت مصر الدبلوماسية وطول النفس أمام كل تحركاتها لتضييق الخناق السياسي على نظام الحكم في أديس أبابا.
رسالة واشنطن لإثيوبيا
قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي: "إن إعلان الولايات المتحدة عن تخفيض مساعداتها إلى إثيوبيا بقيمة 100 مليون دولار، لا اعتقد أن مثل هذه القيمة تؤثر في دولة بحجم إثيوبيا، لكن واشنطن تريد التعبير بطريقة عملية أنها غير راضية بشأن التلكؤ الإثيوبي في حل أزمة سد النهضة" وأضاف: "أنا مع الدبلوماسية المصرية المتأنية، وأنا لدي اعتقاد مبني على معلومات أكيدة أن قضية سد النهضة محسومة فنيا، حيث أن كمية المياه الموجودة فعليا هي أكبر مما تحتاجه إثيوبيا ومصر والسودان، وأن القضية سياسية في المقام الأول، هناك نوع من "المناطحة" في التاريخ الحديث بين مصر وإثيوبيا منذ أن خرجوا عن الكنيسة المصرية واحتلال بعض الرهبان الإثيوبيين أجزاء من كنيسة دير السلطان في القدس والتابعة للكنيسة المصرية، ثم جاء موضوع النيل ومحاولة فرض إرادة لا يقرها القانون الدولي على أنهار دولية".
رفض دائم
وأكد بيومي إلى أن تلك المفاوضات تحتاج إلى طول نفس، لأن إثيوبيا قامت بعمل سد النهضة في أقصى الشمال وبالتالي لن تستطيع الاستفادة بالمياه المتراكمة خلف السد في عملية الري، لذا فهم صادقون عندما يقولون إن هذا السد لتوليد الكهرباء، ولكي تتولد الكهرباء لابد أن تمر المياه من التوربينات إلى الشمال وأشار إلى أن هناك مشكلتين دقيقتين جدا، إذا جاء وقت الفيضانات المنخفضة وإثيوبيا لم تقم بتشغيل التوربينات هنا ستقطع المياه عن مصر والسودان، وكنا قد اقترحنا عليهم عمل فتحات غير التوربينات حتى يكون هناك مجال لعبور المياه إلى الشمال، لكنهم رفضوا، الجزء الحساس الثاني هو رفضهم الاستماع للرأي الفني حول تأثير مضاعفة طاقة السد على التربة الموجود عليها السد فينهار وبالتالي تضيع الاستثمارات على إثيوبيا وتغرق السودان وتصبح مصر في مشكلة من هذا الفيضان، لكنهم يرفضون ذلك.
هل أميركا جادة؟
من جانبه قال الدكتور سمير غطاس عضو مجلس النواب المصري: "أشك في نجاح التصرف الأمريكي بحجب بعض مساعداتها عن إثيوبيا للضغط عليها فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، لأنه لو كانت الولايات المتحدة جادة في إيجاد حل، لفعلت ذلك عندما كانت الوفود الثلاثة مجتمعة في الولايات المتحدة بحضور وزير الخزانة الأمريكية وممثل البنك الدولي، لكنها تظل ورقة ضغط صدرت من الجانب الأمريكي قبيل الجولة الأخيرة من المفاوضات التي فشلت أيضا، ولو كان لها تأثير لظهر ذلك في شكل تليين الموقف الإثيوبي والذي ظل على موقفه الرافض بدليل فشل هذه الجولة".
وأضاف: "وسنرى تأثير هذه الورقة على الجانب الإثيوبي خلال الجولة القادمة وما إذا كانت سوف تستجيب لتلك الضغوط، أم أنها سترفض تلك الضغوط وتستمر كما كانت في السابق"، قائلًا: "الموقف الأميركي متأخر جدا وإن كان لا يزال مطلوبا، لكنه ليس واضحا فيما يتعلق برؤيته لإنهاء تلك القضية وفقا للقانون الدولي وقانون المياه والمحافظة على حصص كل من دولتي السودان ومصر".
الخارجية الأمريكية
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الأربعاء، تعليق بعض المساعدات لإثيوبيا بسبب "عدم إحراز تقدم" في المحادثات مع مصر والسودان بشأن مشروع سد النهضة المثير للجدل، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية "إن قرار الإيقاف المؤقت لبعض المساعدات للحليف الأمني الإقليمي الرئيسي يعكس قلقنا بشأن قرار إثيوبيا الأحادي الجانب بالبدء في ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق والتأكد من جميع تدابير سلامة السد الضرورية''.
ومن جانبها قالت إثيوبيا هذا الأسبوع إنها طلبت توضيحًا من الولايات المتحدة، بعدما أفاد تقرير إعلامي بأن بومبيو وافق على خفض ما يصل إلى 130 مليون دولار من المساعدات بسبب النزاع على السد، وهو ما أكدته وكالة "رويترز"، حيث نقلت عن مصدر في الكونغرس قوله إن واشنطن قررت خفض مساعدتها لأديس أبابا، بنحو 100 مليون دولار، بسبب موقفها من أزمة سد النهضة، حيث تسبب أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا في توترات شديدة مع مصر، التي وصفته بأنه تهديد وجودي، بدافع الخوف من أن يقلل من حصة البلاد من مياه النيل.
فيما تقول إثيوبيا إن السد الذي تبلغ تكلفته 4.6 مليار دولار سيكون محرك التنمية الذي سينتشل ملايين الناس من براثن الفقر. في الوسط، يشعر السودان بالقلق من التأثيرات على سدوده رغم أنه سيستفيد من الحصول على الكهرباء الرخيصة ورغم سنوات من المحادثات بين الدول فشل الثلاثي في التوصل إلى اتفاق. تشمل القضايا الرئيسية المتبقية كيفية التعامل مع تدفقات المياه من السد أثناء فترات الجفاف الطويلة وكيفية حل النزاعات المستقبلية وشهد خزان السد الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب أول تعبئة له في يوليو/ تموز، وهو ما احتفلت به الحكومة الإثيوبية وعزت ذلك إلى هطول الأمطار الغزيرة. وقالت إثيوبيا إنها ستملأ السد باتفاق أو بدون اتفاق مع مصر والسودان.
المصدر: سبوتنيك
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أمريكا تُوجه ضربة قوية إلى تُركيا بسبب أردوغان
الخارجية الأمريكية تصرح بومبيو وحمدوك بحثا تطورات العلاقات السودانية الإسرائيلية
أرسل تعليقك