حذّر بحث جديد لمعهد أبحاث السياسة العامة مِن أن حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي ستنتهي بسبب مخاطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وربما يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة في الرعاية الاجتماعية والتسبّب في ضرر هذا القطاع.
الجمعيات الخيرية البريطانية تعتمد على الأوروبيين
تواجه الخدمات الاجتماعية زيادة في الطلب بسبب تقدم سن السكان ووصولهم إلى مرحلة الشيخوخة، كما يوجد حاليا عجز بنحو 90 ألف وظيفة شاغرة، وتحاول الجمعيات الخيرية توظيف مواطنين أوروبيين مهرة لملء هذه الوظائف، لكنّ هؤلاء الموظفين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يجب أن يستوفوا شروط التأشيرات المفروضة حاليا على غير مواطني الاتحاد الأوروبي، مما يترك المؤسسسات الخيرية في مواجهة عاصفة كاملة، حيث ارتفاع عدد الوظائف الشاغرة، ونقص المهارات، وانخفاض الأجور، وزيادة الطلب على العمالة.
يُذكر أنّ الضوابط المتعلقة بالهجرة تؤدي بالفعل إلى تجويع الخدمات الصحية للعمال المهرة، إذ اضطرت الحكومة في هذا الأسبوع إلى مراجعة الحد الأقصى للهجرة على الأطباء الأجانب استجابة لأزمة القوى العاملة المتنامية.
أصحاب العمل ليست لديهم خبرة بنظام التأشيرات
وتعتقد الجمعيات الخيرية للرعاية الاجتماعية، التي تدعم نظام الخدمات الصحية الوطنية وخدمات السلطة المحلية على نحو متزايد بأنه سيكون من الأصعب تعيين الموظفين الذين يحتاجون إليهم، ومعظمهم لا يمتلكون خبرة في التعامل مع تأشيرات العمل المعقدة اللازمة لتوظيف الموظفين من خارج الاتحاد الأوروبي.
وأظهرت دراسة استقصائية شملت 100 من ممثلي الجمعيات الخيرية أجرتها مجموعة "Charity Finance Group" أن نصف المستجيبين يعتقدون بأنه من الصعب تعينهم للعمل، كما أن 62% من أصحاب العمل لم تكن لديهم خبرة في استخدام نظام التأشيرات لتوظيف مواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي.
ولا يعد تدريب السكان المحليين من بين خيارات الجمعيات الخيرية بسبب قضايا التمويل، حيث وجد استقصاء خاص مهارات أصحاب العمل أن أكثر من نصف المنظمات ترغب في القيام بالمزيد من التدريب، ولكن لا يمكنها ذلك بسبب نقص التمويل.
زيادة عدد الأوروبيين منذ عام 2000
وارتفع عدد مواطني الاتحاد الأوروبي العاملين في القطاع الخيري منذ عام 2000 إلى أكثر من الضعف، أي من 14 ألفا إلى 31 ألفا، ونصفهم يعمل في الرعاية الاجتماعية.
وقال الباحثون "مع فرض ضوابط على الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن يقود ذلك في تحول جذري في قدرة أصحاب العمل على التوظيف من مواطني الاتحاد الأوروبي".
وتم إلغاء خطط إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية المتضمنة في بيان حزب المحافظين، بعد أن تم تصنيفهم من فئة ضريبة الخرف، مما يعني أن الخدمات الممولة من الدولة تبدو مضبوطة على الاعتماد على القطاع التطوعي لفترة طويلة.
نظام الانتقالات يضرّ بالخدمة الاجتماعية
ولم تقدم الحكومة الكثير من التفاصيل بشأن شكل نظام الهجرة في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قالت مرارًا وتكرارًا إن حرية تحرك الأشخاص ستنتهي بمجرد مغادرة بريطانيا الكتلة الأوروبية.
وتظهر وثائق وزارة الداخلية التي تم تسريبها ونشرها في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن الإدارة تدرس فرض ضوابط هجرة مماثلة لتلك المفروضة على أشخاص من خارج الاتحاد الأوروبي، مع فرض قيود صارمة على جميع العمال باستثناء العاملين الأكثر مهارة.
وعلى الرغم من إقفالها المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من عام، فشلت الحكومة أيضًا في ضمان حقوق حرية الحركة لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون بالفعل في بريطانيا، حتى في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، وبموجب الصفقة الانتقالية تستمر حرية الحركة في المملكة المتحدة حتى عام 2021.
وفي هذا السياق، قالت مارلي موريس، باحثة بارزة في معهد أبحاث السياسية العامة ومؤلفة التقرير "حتى الآن ركز النقاش على إنهاء حرية الحركة وعواقبه على القطاعين الخاص والعام، لكن القطاع الخيري سيتأثر أيضًا بذلك وسيكون له تأثير سيئ على الرعاية الاجتماعية"، وتضيف "تحتاج الحكومة إلى نهج مشترك لقواعد الهجرة وسياسة المهارات وتخطيط القوى العاملة في الرعاية الاجتماعية، لضمان أن يوفر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تخفيفا للضغوط على نظام الرعاية وليس تفاقمها".
أرسل تعليقك