الجزائر ـ العرب اليوم
أعدت السلطات الجزائرية لائحة تضم أكثر من ألفي اسم شخص، كانوا ضحايا اختفاءات قسرية إبان ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954 ـ 1962)؛ تمهيداً لتسليمها إلى السلطات الفرنسية، قصد تحديد مصير جثث ومكان رفات أصحابها، وذلك في إطار الملف الذي يعرف بـ«الاشتغال على الذاكرة»، والذي بات يشهد ديناميكية لافتة منذ أسابيع، على خلفية تسليم فرنسا رفات 24 من قادة الثورات الشعبية خلال القرن التاسع عشر.
وأفاد قيادي في «المنظمة الوطنية للمجاهدين»، (جمعية مهتمة بتاريخ الثورة والمشاركين فيها)، لـ«الشرق الأوسط»، بأنها اشتغلت على ملف «مفقودي حرب التحرير» منذ خمس سنوات، بتعاون مع وزارة المجاهدين (قدامى المحاربين). مشيراً إلى أنه تم إحصاء أكثر من ألفي شخص اغتالهم الجيش والبوليس الاستعماريين في المدن والقرى، كان الكثير منهم، حسبه، ناشطين سياسيين. وأكد القيادي نفسه بأن «العمل أمر به الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي انتزع موافقة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند على دراسة القضية بجدية، وقد حدث ذلك خلال زيارته الجزائر نهاية 2012»، حيث صرح هولاند يومها بأن الاستعمار «كان نظاماً ظالماً وسبب آلاماً كبيرة لضحاياه». وفهم من هذا التصريح بأن فرنسا على استعداد لـ«تقديم تنازلات» في «ملف الذاكرة»، يريد الجزائريون أن تصل إلى الاعتذار عن جرائم الاستعمار. وقال وزير المجاهدين وذوي الحقوق، الطيب زيتوني، أول من أمس، بالعاصمة، إن الجزائر «تطالب بالكشف عن مصير 2200 جزائري تعرضوا للتصفية على يد الاستعمار، وتم إخفاء أماكن دفنهم». وذكر من بينهم رجل الدين العربي تبسي، والمجاهد الكبير جيلالي بونعامة، والمناضل الشيوعي الفرنسي الشهير موريس أودان، الذي كان من بين الأوروبيين الذين ساندوا ثورة الاستقلال، والذين كانوا يعيشون في الجزائر.
وأفاد زيتوني بأن الجزائر «تتمسك بالملفات الخمسة المطروحة على الجانب الفرنسي، وتتعلق بالمفقودين واسترجاع رفات شهداء المقاومة الشعبية، والأرشيف الوطني الخاص بالثورة التحريرية المتواجد بفرنسا، إلى جانب ملف تعويض ضحايا التجارب النووية»، التي أجرتها فرنسا في صحراء الجزائر ما بين 1962 و1967. مشيراً إلى أن إحصاء مفقودي ثورة التحرير «لا يزال مستمراً وذلك بجمع معلومات من عائلاتهم». وبخصوص استرجاع أرشيف الثورة التحريرية، شدد الوزير على «ضرورة الحصول عليه لأنه جزء مهم من ذاكرة الأمة»، وقال إن وفدين من الحكومتين الجزائرية والفرنسية «سيلتقيان قريباً لإيجاد حل نهائي لهذا المشكلة»، دون الكشف عن مكان انعقاد الاجتماع. يشار إلى أن الفرنسيين سلموا الجزائر كمية كبيرة من أرشيف الثورة في السنوات الماضية، لكنهم أظهروا في المقابل تحفظاً على بعض المستندات والأحداث المصورة، بحجة أنها من «أسرار الدولة».
وأضاف زيتوني بأن بلاده «تولي أهمية كبيرة لمواصلة عمل بدأته منذ مدة، يتعلق بملف تعويض ضحايا التجارب النووية؛ إذ قدمنا اقتراحات ستعود بالمنفعة على الجانب الجزائري»، لكن زيتوني لم يذكر توضيحات أكثر بهذا الخصوص. وكتب وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي في مقال نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، مطلع عام 2018، أن «ملف الذاكرة يبقى حاضراً باستمرار (في العلاقات الجزائرية - الفرنسية)، مع تسجيل تطوّر نوعي في معالجة بعض القضايا ذات الصلة، بينها موافقة الرئيس الفرنسي على استعادة جماجم المقاومين الجزائريين المحفوظة في متحف الإنسان بفرنسا، بعد استيفاء بعض الإجراءات القانونية، وهي خطوة ذات دلالات مرتبطة بملف استعادة أرشيف ثورة التحرير بكل أبعاده»، حيث كانت قد نظمت الجزائر الأسبوع الماضي جنازة رئاسية لرفات 24 من زعماء المقاومة، في ذكرى الاستقلال (5 يوليو/تموز)، بعد أن تم نقلهم من باريس.
قد يهمك ايضـــًا :
السلطات الجزائرية تعتقل الناشط عبدالوهاب فرساوي بتهمة "التحريض على الشغب"
السلطات الجزائرية تنفّذ تهديداتها وتعتقل حاملي الأشخاص رايات الأمازيغ
أرسل تعليقك