موسكو - ريتا مهنا
حملت النتائج الأولى للتحقيق الذي أطلقته موسكو في حادث تحطم طائرة الركاب الروسية أول من أمس، مزيدا من الغموض حول ملابسات الكارثة، مما دفع خبراء وزارة الطوارئ إلى ترجيح أن يواجه التحقيق صعاب وأن يستغرق فترة زمنية أطول من المتوقع.
وأكدت الفحوص الأولية على حطام الطائرة استبعاد فرضية العمل الإرهابي بعدما أثبتت التحليلات عدم وجود آثار لمواد متفجرة، لكن في المقابل دلت الفحوص التي أجراها خبراء أن الطائرة انفجرت عند ارتطامها بالأرض بعدما هوت بسرعة كبيرة محدثة حفرة عمقها نحو 2.5 متر وقطرها زاد على 17 مترا. وأعلنت السلطات الأمنية العثور على الصندوقين الأسودين، وقالت إنهما تعرضا لأضرار طفيفة بسبب الحادث، لكن المفتشين لم يعثروا، حتى ليل أمس، على الصندوق الذي يحوي التسجيلات التي يجري التحكم بها يدويا.
واضطرت جهات التحقيق إلى توسيع مسافة البحث بعدما انحصر ليلة أول من أمس، في دائرة قطرها كيلومتر واحد، وقالت السلطات إنها لا تستبعد أن تكون قوة الانفجار أسفرت عن تناثر الحطام على مسافات واسعة جدا، مما يعقد عمليات البحث، خصوصا بسبب تراكم الثلوج الكثيف في المنطقة.
وبرزت ملابسات وصفت بأنها غريبة سبقت تحطم الطائرة مباشرة، بينها أن طاقم الطائرة واصل الاتصال بشكل طبيعي مع مركز المراقبة خلال الدقائق السبع التي تلت إقلاع الطائرة، ولم تصدر عنه أي إشارات إلى وقوع خلل طارئ، كما لم يطلب المساعدة لمواجهة أي موقف. وبعد مرور الدقائق السبع توقف قائد الطائرة فجأة عن الرد على نداءات المركز من دون أن يرسل أي إشارات تحذيرية.
وقادت هذه التفاصيل مع تأكيد أن محركات الطائرة كانت تعمل بشكل طبيعي حتى لحظة ارتطامها بالأرض، إلى تعقيد التحقيقات، خصوصا أن تسجيلات الرادار في مركز المراقبة أظهرت قيام الطائرة بمناورات لافتة لم تكن مفهومة للمراقبين، بينها أن الطائرة التي كانت وصلت إلى ارتفاع 1600 متر وسرعة 600 كيلومتر في الساعة بعد مرور دقائق على إقلاعها، هبطت بشكل مفاجئ وعنيف إلى ارتفاع 1500 متر وبعد عدة لحظات عاودت الصعود إلى الارتفاع السابق، ثم هوت بسرعة كبيرة نحو الأرض وارتطمت بها. وخلال هذه المناورات لم يحاول الطيار الاتصال أو توجيه رسالة بطلب المساعدة.
ورجح محققون أن تفاصيل اللحظات الأخيرة في عمر الطائرة لن يكون من السهل الكشف عنها إلا بعد تحليل التسجيلات الداخلية للتفاصيل التي جرت في قُمرة القيادة، وسط ظهور تكهنات عدة بينها أن يكون شخص اقتحم القُمرة وأجبر الطيار على القيام بمناورة قاتلة. لكن جهات التحقيق حذرت من التسرع في إطلاق تكهنات وأكدت أن المعطيات المتوافرة حاليا ترجح واحدة من 3 فرضيات هي: العطل الفني المفاجئ، أو خطأ بشري من الطيار، أو تأثير قوي للأحوال الجوية السيئة.
في الأثناء، قالت وزارة الطوارئ الروسية إن الطائرة المنكوبة تحطمت على بعد 200 متر من منطقة مأهولة بالسكان، ما يعني أن مسافة أمتار قليلة فقط حالت دون وقوع كارثة أخرى على الأرض. وزادت أن عمليات البحث عن أشلاء الضحايا ستستمر 7 أيام. وأكدت في وقت سابق مقتل جميع الركاب الـ71 الذين كانوا على متن الطائرة، وهي من طراز "أنطونوف148"، وبينهم 3 أطفال.
وأعلنت المتحدثة الرسمية باسم لجنة التحقيقات سفيتلانا بيترينكو أن فريقا يضم أكثر من مائة محقق يعملون على كشف أسباب الكارثة، مضيفة أنهم سوف يدرسون جميع الفرضيات التي أدت إلى الحادثة، خصوصا تلك المتعلقة بمخالفات محتملة من قبل شركة "خطوط ساراتوف الجوية" مالكة الطائرة المنكوبة. وذكرت المتحدثة أن عمليات تفتيش نفذت في مقر الشركة واحتجزت اللجنة من المطارات الوثائق المتعلقة بصيانة الطائرة المنكوبة والرقابة الفنية عليها، وكذلك الفحوصات الطبية لأفراد طاقمها. واحتجز المحققون عينات من الوقود والملفات الإلكترونية من منظومة الرقابة على الطائرة أرضا وجوا، وبيانات الرادارات، لإجراء الفحوصات الجنائية المطلوبة عليها.
في غضون ذلك، لقي شخصان حتفهما وأصيب 4 آخرون بجروح متفاوتة جراء هبوط اضطراري قامت به طائرة مروحية أمس في مقاطعة تومسك في شرق روسيا. وأوضحت وزارة الطوارئ الروسية أن المروحية من طراز "مي8" التي كان على متنها 3 ركاب إضافة إلى الطاقم من 3 أفراد، قامت بهبوط اضطراري في مقاطعة مدينة تومسك الواقعة في منطقة سيبيريا شرق روسيا. وأضافت أن الحادث أدى إلى مقتل اثنين من طاقم المروحية وإصابة 4 آخرين.
أرسل تعليقك