دعا المبعوث الدولي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد، أطراف النزاع إلى قبول اقتراحه في شأن مسألتي ميناء الحديدة ودفع الرواتب. وأكد أن البحث في اقتراحه كان يجب أن يكون الخطوة الأولى لإعادة إطلاق العملية السياسية السلمية للتوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الحرب، مطالباً الحوثيين في الوقت ذاته بفتح تحقيق في الاعتداء الذي تعرض له موكبه في صنعاء وإحالة مرتكبيه إلى العدالة. وقال ولد الشيخ في جلسة لمجلس الأمن أمس الثلاثاء، إنه دعا الحكومة اليمنية وقيادات الحوثيين في صنعاء خلال جولته الأخيرة إلى التوصل إلى تسوية للوضع في الحديدة. وأعرب عن أسفه حيال عدم مشاركة الحوثيين وأنصار علي صالح في اجتماع للبحث في هذا الحل بهدف استغلال المرفأ لإدخال المواد الإنسانية والمنتجات التجارية.
وأكد ولد الشيخ ضرورة أن تستعمل الإيرادات الجمركية والضريبية من ميناء الحديدة لتمويل الرواتب والخدمات الأساسية بدل استغلالها للحرب أو للمنافع الشخصية، معتبراً أن "هكذا اتفاق يضمن أمن سكان الحديدة كما يضمن استمرار حصول اليمنيين على المواد الأساسية والسلع التجارية إضافة إلى أنه سوف يسهل دفع الرواتب". وقال إن "اتفاق الحديدة والرواتب كان من المفترض أن يكون الخطوة الأولى باتجاه وقف شامل للأعمال القتالية ومباشرة محادثات السلام، إلا أن حتى هذه المحادثات الأولية فرض عليها التعثر، وكأن هناك من لا يريد لها أن تتم أصلاً"، مشيراً إلى أن وفد "الحوثي وصالح" رفض حضور الاجتماع لبحث هذا المقترح.
وقال ولد الشيخ إن جهوده أفضت إلى منع عملية عسكرية على الحديدة، إلا أن امتداد القتال إلى المدينة، لو حصل، سيؤدي إلى خسائر لا تحصى في الأرواح والبنى التحتية وإلى منع دخول الأدوية والمواد الأساسية عبر ميناء المدينة. كما حذر من استمرار قمع الإعلاميين والناشطين الحقوقيين والمجتمع المدني، مشيراً إلى أن محكمة تابعة للحوثيين والمؤتمر الشعبي العام أصدرت في ١٢ نيسان/أبريل حكم إعدام بحق الصحافي يحيى عبدالرقيب الجبيحي.
وفي الجلسة ذاتها، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين إن حوالى مليون موظف لم يتلقوا معاشاتهم الشهر الماضي، ما ينذر بمزيد من المعاناة والفقر. وقال إن انتشار وباء الكوليرا هو نتيجة لأن النظام الصحي تأخر في تلقي الإنذار، لأن الموظفين لا يتلقون مرتباتهم، مشيراً إلى أن الوضع في المدن غير صحي، ومثالي لانتشار الأمراض.
وأكد السفير اليمني في الأمم المتحدة خالد اليماني دعم الحكومة اليمنية مهمة ولد الشيخ، مديناً محاولة الاغتيال التي تعرض لها، مشدداً على إجراء تحقيق شامل فيها. وقال إن "المخابرات الإيرانية تدير الإرهاب في اليمن المتمثل في الحركة الحوثية وداعش والقاعدة".
وفي أول تعليق على تصريحات ولد الشيخ، قلل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اليمني اللواء ركن حسين عرب من أهمية جهود مجلس الأمن في إحلال السلام باليمن، متهماً إياها بـ مجاملة الميليشيات الحوثية والانقلابية. وقال عرب لـ "الحياة": الأمم المتحدة لا تزال تجامل الطرف الآخر من ميليشيات الحوثيين وصالح. وأكد عدم جدوى أي محاولة للسلام في اليمن. وأضاف: الطرف الثاني لا يريد الأمن والاستقرار، كما أن الأمر ليس بيده، وإنما بيد طهران، مشيراً إلى أن جهود جلسات محادثات السلام في اليمن لن تؤدي إلى أية نتيجة.
من جهته، اللواء ركن محمد المقدشي، رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، قال إن قواته تنتظر القرار السياسي من رئيس الحكومة اليمنية لتنفيذ مهام عسكرية جديدة في عدد من الجبهات، والتوغل في مناطق تقع تحت سيطرة الانقلابيين. وأضاف المقدشي، في اتصال هاتفي مع "الشرق الأوسط"، أن القوات المسلحة اليمنية وضعت الخطط لتحرير ما تبقى من المدن التي تسيطر عليها الميليشيات، ومنها الحديدة، وهذه الخطط تعتمد على جاهزية الأفراد، وقدرة الوحدات العسكرية على تنفيذ أعمال قتالية خلال المرحلة المقبلة
ولفت إلى أن الجيش الوطني تمكّن خلال الفترة الماضية من تحرير كثير من المواقع والمحافظات، موضحاً أن ما تسيطر عليه الميليشيات في الوقت الراهن أقل من 20 في المائة من أراضي اليمن، ويتركز هذا الوجود في عدد من مديريات ومحافظات إقليم «أزال»، كما أن الميليشيات لا تسيطر على المدن بشكل كامل في تلك المواقع، إذ إن الجيش الوطني على مشارف صعدة، كما يطل على الجبهة الشرقية من صنعاء، وبذلك يكون وجودهم الفعلي ضئيلاً ومنحصراً في بعض المناطق
وذكر المقدشي أن قواته العسكرية تتقدم بشكل ملحوظ في الجبهات كافة، وتفرض في بعض المناطق حصاراً على الانقلابيين، موضحاً أن الجيش يحرز تقدماً في جبهتي «تعز، ونهم» يتوافق مع التقدم العسكري الكبير على الشريط الساحلي في «المخا، والخوخة، وميدي»، وهذه التحركات ستفتح المسار في حال صدر القرار السياسي للتقدم بسرعة متوازية مع باقي الجبهات نحو مدينة الحديدة في أسرع وقت
وأحكم الجيش الوطني، بالتنسيق مع قوات تحالف دعم الشرعية باليمن الذي تقوده السعودية، قبضته على منافذ تهريب السلاح التي تعتمد عليها الميليشيات، وفقاً للواء المقدشي الذي أكد أن عمليات التهريب تقلصت بشكل كبير عما كان عليها في وقت سابق، عازياً ذلك إلى تمشيط دوريات الجيش المدن الساحلية، إضافة إلى دور قوات التحالف في مراقبة الساحل الغربي لليمن، ورصد محاولات التهريب والتعامل معها في وقت
وأشار إلى أن بعض المحاولات تنجح في تهريب السلاح عبر ميناء الحديدة، آتية من بعض الجزر القريبة منها، وهذا ما يدفع الانقلابيين إلى عدم التفريط في الميناء الذي يستغل بشكل سلبي، ولا يخدم مصالح المجتمع المدني، لافتاً إلى أن هذه الخروقات يجري التعامل معها ومنع أي محاولات في الأيام المقبلة. وعن الزوارق المفخخة، أكد رئيس هيئة الأركان أن قوات التحالف نجحت في القضاء على هذه الزوارق والألغام التي زرعت في البحر، كما أن القوات الوطنية في جبهة ميدي ضبطت عدداً من الزوارق، وفككت كثيراً من الألغام وأزالتها من البحر لضمان سلامة الملاحة البحرية التي تعبث فيها الميليشيات، وتنفذ أعمالاً إجرامية تستهدف سلامة وأمن الملاحة الدولية
وختم اللواء المقدشي بالقول: "الانقلابيون يعيشون مرحلة التفكك والوهن، وعدم القدرة على المواجهات لفترات طويلة، وهذا ما نلمسه في المواجهات العسكرية المباشرة من فرار جماعي لعناصرهم من المواقع، الذي كان سببه القدرة العسكرية للجيش الوطني، وسقوط العشرات من قيادتهم قتلى في الجبهات"، لافتاً إلى أن هذه العوامل تساعد الجيش في المرحلة المقبلة لتنفيذ خطط تحرير ما تبقى من مدن.
أرسل تعليقك