جوبا_العرب اليوم
تستعد جوبا عاصمة جنوب السودان، يوم غد (السبت)، لمراسم التوقيع النهائي على اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وعدد من الفصائل المسلحة، بحضور عدد من رؤساء الدول وممثلي البعثات والمنظمات الدولية، حيث يطوي الاتفاق دوامة من الحروب والنزاعات امتدت لسنوات طويلة في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وخلفت آلاف الضحايا ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح داخل وخارج البلاد.ووصل جوبا أمس وفد المقدمة للسلطة الانتقالية، ضمّ عدداً من المسؤولين في مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، بجانب ممثلين عن قوى التغيير (التحالف الحاكم في السودان)، وشخصيات قومية. ويقود الوفد السوداني الذي سيشهد مراسم التوقيع، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.
ويمهد الاتفاق الذي وقع بالأحرف الأولى في أغسطس (آب) الماضي، لمشاركة الفصائل المسلحة في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، كما خصص الاتفاق نحو 7 مليارات دولار تدفع على 10 سنوات لإعادة إعمار وتأهيل المناطق المتأثرة بالنزاعات.ومنذ تشكيل الحكومة المدنية في البلاد بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أطاحت بحكم البشير في أبريل (نيسان) 2019. وضعت السلام في قمة أولوياتها، وشرعت على الفور في إجراء اتصالات بالمسلحين، بعد إعلان رئيس حكومة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، استضافة بلاده للمحادثات.
وانطلقت المفاوضات رسمياً بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وضمت ممثلين عن شمال وشرق ووسط البلاد، وتوصلت المفاوضات إلى رؤية مشتركة حول القضايا المطلبية للأقاليم والقضايا القومية لكل البلا، وبموجب الاتفاقية سيتم تعيين قادة الفصائل المسلحة في هياكل الحكم (مجلسي السيادة والوزراء)، بالإضافة إلى منحهم نسبة 25 في المائة من مقاعد البرلمان الانتقالي الذي لم يتم تشكيله بعد.
ونصّ اتفاق السلام في ملف الترتيبات الأمنية على دمج مقاتلي الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع في الجيش السوداني، وستجري العملية على 3 مراحل تكتمل بنهاية الفترة الانتقالية البالغة 30 شهراً.ومن أبرز المجموعات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، والعدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، والحركة الشعبية بزعامة مالك عقار، بجانب فصائل أخرى. وتخلفت عن المشاركة في عملية السلام، حركة تحرير السودان، التي يقودها عبد الواحد النور المقيم بالعاصمة الفرنسية باريس، فيما لا تزال المفاوضات غير المباشرة مستمرة مع فصيل الحركة الشعبية شمال، بزعامة عبد العزيز آدم الحلو لإلحاقه بالمفاوضات.
ويواجه تنفيذ اتفاق السلام على الأرض كثيراً من العقبات، أبرزها الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي تواجه الحكومة الانتقالية، التي ورثت تركة ثقيلة من النظام المعزول في كل المناحي. وكانت الحكومة السودانية طلبت من الأمم المتحدة تشكيل بعثة سياسية تحت الفصل السادس لمساعدتها في عملية إكمال السلام و«الانتقالي» في البلاد.وتبنى مجلس الأمن الدولي في يونيو (حزيران) الماضي، قرارين بشأن السودان، قضيا بتشكيل البعثة الأممية تحت مسمى (يونتامس)، مهمتها تقديم الدعم للحكومة الانتقالية في بناء وتنفيذ اتفاقات السلام وحماية المدنيين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث أنه من المقرر أن تباشر البعثة الأممية التي اكتملت هياكلها مهامها مطلع يناير (كانون الثاني) 2021 لمدة 12 شهراً كمرحلة أولى.
وفرضت أميركا حصاراً اقتصادياً على السودان، وأدرجته في قائمة الدول الراعية للإرهاب، بسبب تورط نظام الرئيس المعزول في نشاطات إرهابية، وتوجهاته المعادية للغرب. وانخرطت الحكومة في حوار مباشر مع الإدارة الأميركية، قطع أشواطاً كبيرة، وافقت بدفع تسويات مالية تقدر بنحو 335 مليون دولار لأسر ضحايا تفجيرات المدمرة «كول» وتفجير السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا، حيث يتوقع صدور قرار شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في منتصف أكتوبر الحالي، بحسب تصريحات سابقة أدلى بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وشكلت الحرب في إقليم دافور التي اندلعت عام 2003 مأساة إنسانية لفتت أنظار العالم، للجرائم البشعة التي ارتكبها نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، وجرّت عليه اتهامات بتورطه في جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وضد الإنسانية، وينتظر أن يمثل «البشير» أمام المحكمة الجنائية الدولية بعد اتفاق الحكومة والحركات على طاولة التفاوض.وفشلت كل الاتفاقيات التي أبرمت في عهد النظام المعزول في إنهاء الحروب، وتجددت النزاعات أكثر حدة بعد انفصال الجنوب، في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وظل نظام البشير يراوغ في الوصول إلى سلام حقيقي يخاطب جذور المشكلة في التهميش والظلم.
قد يهمك أيضا:
التوقيع على اتفاق السلام النهائي بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية 2 أكتوبر
رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك يؤكد تدهور البنية التحتية فاقم من كارثة الفيضانات
أرسل تعليقك