أكد الجيش العراقي استعادة كامل الحويجة من قبل قطعات الجيش والشرطة والحشد الشعبي وبدعم من طيران الجيش العراقي، فيما أعلن رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، عدم وجود قطيعة مع إقليم كردستان، داعياً قوات البشمركة إلى عدم التصادم مع القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها. وقال متحدث عسكري إن قطعات الجيش وألوية الحشد الشعبي أنهت مهامها في المرحلة الثانية وتكون قد أكملت واجبها بعمليات استعادة الحويجة التي تقع على بعد 45 كيلومترا غربي مدينة كركوك.
وأضاف أن القوات تمكنت من استعادة آخر المناطق في الجزء الجنوبي من مركز قضاء الحويجة وناحية الرياض واستعادة (161) قرية ومنطقة والسيطرة على طريق الفتحة - الرياض باتجاه كركوك. كما تمت السيطرة الكاملة أيضا على سلسلة جبال حمرين من جسر زغيتون وحتى جسر الفتحة ولمسافة 45 كم وبعمق 15 كم.
في غضون ذلك، أكد رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، عدم وجود قطيعة مع إقليم كردستان، داعياً قوات البشمركة إلى عدم التصادم مع القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها. وقال العبادي، في المؤتمر الصحافي الأسبوعي، إنّه "لا توجد قطيعة مع إقليم كردستان، لكن لا حوار إلّا بعد إلغاء نتائج الاستفتاء"، مؤكداً أنّ "أي حوار يجب أن يركز على وحدة العراق والدستور ورفض الاستفتاء".
وحذّر من "وجود أجندات لإثارة النعرات العنصرية في البلاد، ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام تلك المحاولات"، داعيًا قوات البشمركة إلى "عدم التصادم مع القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها". ولفت الى أنّ "إدارة المناطق المتنازع عليها من صلاحيات الحكومة الاتحادية حصرًا"، مشيرًا إلى أنّ "جميع دول العالم أكدت دعمها للعراق في إجراءات بسط السلطة الاتحادية"، معتبرًا أنّ "الكونفدرالية إجراء يتطلب تعديل الدستور وموافقة ثلثي النواب".
كذلك أعلن العبادي أنّ "هذا العام سيشهد نهاية داعش في العراق"، مؤكدًا أنّ "الرعب اليوم يسيطر على داعش في كل مكان"، مضيفاً أنّ "القوات المشتركة تمكنت من تحرير مناطق لم تصل إليها أي قوة عسكرية منذ عهد النظام البائد". ولفت أيضاً إلى أنّ "الحكومة العراقية قدمت تسهيلات أمام الشركات الاستثمارية الفرنسية الراغبة في العمل بالعراق"، مبيناً أنّ "فرنسا أكدت على أهمية وحدة العراق والحفاظ على سيادته". وذكر أنّ "مجلس الوزراء صادق على التعاقد مع فرنسا لتدريب قوات جهاز مكافحة الإرهاب".
ويأتي خطاب العبادي في وقت ما زالت فيه الأزمة مع كردستان في أشدها، فيما يحذّر مراقبون من مغبة التصادم بين البشمركة والقوات العراقية في حال حاولت الأخيرة السيطرة على المناطق المتنازع عليها. وكشف مسؤول كردي رفيع، عن مبادرة يستعدّ رئيس الجمهورية لإطلاقها من أجل تقريب وجهات النظر بين جميع القوى السياسية، بما يتيح لقاءات جانبية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم من دون شروط مسبقة. وأكد أنّ مبادرة معصوم ستستند للاتفاق الذي جرى بين رئيس الإقليم ونائبي رئيس الجمهورية. وفيما جدد المسؤول رفض الإقليم للعقوبات التي اتخذتها بغداد ضد الإقليم، أكد تمسّك الجانب الكردي بالحوار كطريق لحل الخلافات العالقة بين بغداد وأربيل.
في غضون ذلك، أجمعت أطراف كردية وسنية على فشل المبادرة التي حملها رئيس البرلمان خلال زيارته إلى أربيل ،لأنها تشترط إلغاء نتائج الاستفتاء من جهة، ولأنها خرقت قرارات الحكومة والبرلمان والمحكمة الاتحادية من جهة أخرى. ويؤكد مصدر كردي رفيع المستوى، أن "المبادرة التي تقدم بها نائبا رئيس الجمهورية إياد علاوي وأسامة النجيفي والتي لاقت ترحيباً من قبل رئيس إقليم كردستان ستكون المدخل الحقيقي لاجتماع مرتقب للأحزاب السياسية لبحث مشكلة الاستفتاء"، مؤكداً أن "الكرد مع الحوارات لحل المشاكل والخلافات من دون شروط مسبقة".
والتقى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، السبت الماضي، بنائبي رئيس الجمهورية إياد علاوي وأسامة النجيفي في مدينة السليمانية على هامش مراسيم تأبين رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني. واتفق بارزاني مع علاوي والنجيفي على البدء بالحوار والاجتماع بين الأطراف المختلفة لتهدئة الأوضاع ورفع العقوبات فوراً عن إقليم كردستان. وكشف بيان لديوان رئاسة إقليم كردستان أن أطراف الاجتماع اتفقوا على 4 نقاط من ضمنها البدء بالحوار، والرفع الفوري للعقوبات التي فرضتها بغداد على الإقليم.
وأضاف المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن "مبادرة رئيس الجمهورية ونائبيه ستركز على تفعيل الحوارات الجماعية مع كل الأطراف المعنية ولن تقتصر على الحكومة الاتحادية والإقليم"، لافتاً الى أن "اللقاءات والاجتماعات ستقتصر على الأحزاب السياسية التي ستشارك في هذا الاجتماع".
وأكد القيادي الكردستاني أنّ "الاحزاب الكردستانية ستكون لها مشاركة واسعة وكبيرة في هذا الاجتماع الذي سيدعو إليه رئيس الجمهورية مطلع الأسبوع المقبل". وتوقع المسؤول الكردي "فتح لقاءات ثنائية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان وبين الأحزاب الكردستانية والقوى السنية والشيعية والعلمانية في هذا الاجتماع المرتقب". وتابع المصدر الواسع الاطلاع بأن "المشكلة التي عاقت المباحثات والحوارات بين الطرفين تتمثل في وضع شروط مسبقة من قبل الطرف الآخر الذي بانت عليه بوادر الانقسام المذهبي والطائفي والحزبي والمصلحي"، مشيرا إلى أن "الحكومة وضعت نفسها في ورطة كبيرة من خلال اتخاذها حزمة من الإجراءات العقابية التي تحتاج إلى تطبيق".
ونوه المسوول الكردستاني الى أن "إلغاء الاستفتاء يتطلب تنظيم اقتراع آخر، لأنه ليس قراراً يعود لشخص بعينه، لكن ممكن التعامل مع نتائجه، إمّا بالإهمال أو التجميد أو التأجيل"، لكنه استدرك بالقول إن "القيادة في إقليم كردستان ترفض إلغاء نتائج الاستفتاء". وشدد المصدر السياسي الرفيع على أن "الحوارات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان من شأنها أن تؤدي الى حل كل الخلافات القانونية والدستورية"، مطالباً الحكومة الاتحادية "بتطبيق بنود وفقرات الدستور في كل محافظات العراق وليس على مناطق محددة".
وكشف المسؤول الرفيع عن "وجود مراقبين اتحاديين موجودين في مطاري السليمانية وأربيل يزودون هيئة سلطة الطيران الاتحادية بتقارير عن حركة المطارين منذ فترات طويلة"، معبراً عن رفض الإقليم "وجود وحدات من الجيش والأمن الاتحادي وبعض الموظفين بهدف السيطرة على منافذ الإقليم بمساعدة الجيشين الإيراني والتركي".
وتساءل المسؤول الكردستاني "كيف تنفذ الإجراءات الحكومية التي اتخذتها، هل بالتدخل العسكري في إقليم كردستان؟ وهذا أمر صعب ومستحيل، أم بالحوار؟"، مشدداً على أنّ "تطبيق كل هذه الإجراءات يجب ان يخصع إلى مبادئ وفقرات الدستور والقانون". وأكد أن "رئاسة إقليم كردستان تبدي استعدادها لبدء الحوار وطرح كل النقاط الخلافية وإمكانية حلها، لكن نرفض لغة التهديد والوعيد من بغداد"، لافتا الى ان "مبادرة رئيس مجلس النواب تطالب بإلغاء نتيجة الاستفتاء لكنها لاقت رفضا من القيادة الكردية".
وكشف القيادي الكردستاني عن "تواجد رئيس الحزب الإسلامي إياد السامرائي حاليا في أربيل لبحث تطورات الاستفتاء"، مؤكدا ان "النقطة الرئيسة لدينا تتمثل في كيفية البدء بالحوار من دون شروط مسبقة من قبل الطرفين لطرح كل النقاط الخلافية في الدستور من أجل إيجاد حل لها".
وزار رئيس البرلمان سليم الجبوري، يوم الأحد الماضي، أربيل والتقى برئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وتباحث معه تداعيات استفتاء الاستقلال. واستعرض سليم الجبوري، في جلسة الإثنين الماضي، نتائج زيارته إلى أربيل ومباحثاته مع رئيس إقليم كردستان، لافتاً إلى أن الزيارة كشفت بعداً قابلاً للحل وتهيئة الأرضية المناسبة للحوار الواسع والمفتوح بدلاً من سياسة الجدران الصلبة.
ولاقت هذه الزيارة ردود فعل غاضبة من نواب التحالف الوطني الذين اعتبروها خرقاً لقرارات مجلس النواب والمحكمة الاتحادية التي أكدت على عدم شرعية استفتاء إقليم كردستان في أيلول الماضي. ووصف عضو اتحاد القوى العراقية محمد سلمان الطائي مبادرة سليم الجبوري التي طرحها على الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان بأنها "كانت ضعيفة كونها مورد خلاف داخل الوسط السني"، لافتاً الى "وجود كتل سنية ترى مصالحتها مع التحالف الوطني".
وأضاف الطائي، ان "من عوامل ضعف مبادرة الجبوري رفضها من الرأي العام واعتراض الكثير من النواب عليها، معتبرين أنها خرق لقرارات مجلس النواب". وأكد أن "مبادرة الجبوري تتعارض مع توصيات الحكومة وقرار المحكمة الاتحادية التي اعتبرت الاستفتاء غير شرعي". ورأى عضو اتحاد القوى العراقية ان "مبادرات سليم الجبوري ونائبي رئيس الجمهورية إياد علاوي وأسامة النجيفي لن يكتب لها النجاح في ظل إصرار الحكومة على إلغاء نتائج الاستفتاء كشرط للدخول في حوارات مباشرة مع القيادات الكردية لحلّ المشاكل والخلافات".
أرسل تعليقك