بغداد - العرب اليوم
عاد الهدوء النسبي إلى مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، أمس، بعد يوم طويل من مواجهات بين المتظاهرين وعناصر الأمن، خلّفت وراءها قتيلاً وأكثر من 100 إصابة بين صفوف الطرفين. ووسط توقعات باحتمال تفجّر الأوضاع في أي لحظة، حال استمرار عمليات ملاحقة واغتيال الناشطين، نجا المحامي حيدر جابر العبودي من محاولة اغتيال تعرض لها على يد مجهولين في قضاء الشطرة، شمال المحافظة، بعد أقل من أسبوع من محاولة مماثلة في نفس القضاء، أودت بحياة رئيس غرفة المحامين علي الحمامي داخل منزله. كذلك اغتال مسلحون أمس رجلاً في قضاء البطحاء، غرب المحافظة، على خلفية نزاعات عشائرية ويبدو أن الشعور بالمخاطر الجسيمة جراء الصدامات بين جماعات الحراك، وانعكاساتها الكارثية على مجمل أوضاع المحافظة الهشة أصلاً، دفع حركة الاحتجاجات هناك إلى «إيقاف التصعيد»، بعد قيام السلطات المحلية بإطلاق سراح المتظاهرين الذي اعتقلوا على خلفية المظاهرات الأخيرة، لكنها اشترطت لاستمرار ذلك أن «لا يتم اعتقال أي متظاهر سلمي آخر».
وقال محتجو ساحة الحبوبي، وسط الناصرية، في بيان: «في الآونة الأخيرة وبعد تعليق الاعتصام والاستمرار بالاحتجاج السلمي المشروع، قامت القوات الأمنية بحملات اعتقالات تعسفية للمتظاهرين السلميين، واستهدفت منازلهم، رغم تعهد خلية الأزمة المشكلة من رئاسة الحكومة بجعل المدينة مستقرة» ورأى البيان أن «خلية أزمة الناصرية» التي رأسها في وقت سابق مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، بتكليف من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي «زادت النار حطباً، فكانت ضد شعبها وعوناً للفاسدين، وما حصل مؤخراً من حملات اعتقالات تعسفية دفعنا للقيام بالتصعيد المناطقي للضغط لأجل إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وإيقاف استهداف المتظاهرين السلميين». وتابع: «بعد إطلاق سراح المعتقلين، سيتم إيقاف التصعيد وعودة الهدوء، بشرط ألا يتم اعتقال أو استهداف أي متظاهر سلمي، وإذا حصل عكس ذلك، فإننا على أتم الجهوزية والاستعداد للتصعيد بقوة أكبر لم تشهدها الحكومة من قبل».
ورغم بيان التهدئة، خرجت بعد ظهر أمس مظاهرة محدودة في ساحة الحبوبي. من هنا، فإن بعض الناشطين يشكك في قدرة أي «هدنة» على الصمود طويلاً في الناصرية وعموم محافظة ذي قار، نظراً للتعقيدات العميقة التي ارتبطت بالحراك هناك، ومنها كثرة الضحايا التي فقدتهم المدينة، وحالة العداء المستحكم بين أتباع الأحزاب والفصائل المسلحة وجماعات الحراك، إلى جانب مظاهر الفقر والبطالة وانعدام الخدمات التي تخيم على المحافظة ولا يستبعد الناشط عباس أحمد عباس تفجر الاحتجاجات مستقبلاً لمجموعة الأسباب الحقيقية الموجودة على أرض الواقع. يقول عباس إن «المتابع لحراك الناصرية على وجه الخصوص لا بد أن يلاحظ حركة الصعود والنزول المستمرة منذ أشهر طويلة، المشكلة أن كل عوامل تفجير الصراع ما زالت قائمة، قتلة المتظاهرين لم يحاسبوا حتى الآن، حالة الفقر والبطالة بين الشباب حاضرة، وكذلك حالات الاستهداف والاغتيال ضد الناشطين متواصلة».
ويضيف: «يبدو أن تحقيق حالة من الاستقرار الدائم في الناصرية خارج عن قدرة السلطات المحلية والاتحادية لأسباب متعددة، كما أن حالة التزام الهدوء والكف عن الاحتجاج هي الأخرى خارج سيطرة بعض الشباب الغاضبين الذين يسيطر عليهم شعور عميق بالإهمال والتهميش».وبالنظر لإدراكها وخشيتها من تكرر الاحتجاجات والصدامات بين قوى الأمن والمحتجين، دعت مفوضية حقوق الإنسان في ذي قار، أمس، رئيس الوزراء إلى «تولي الملف الأمني في المحافظة واتخاذ الإجراءات العاجلة لبسط الأمن في ذي قار». ونقلت وسائل إعلام محلية عن مدير مكتب المفوضية في ذي قار، داخل عبد الحسين، قوله: «يجب أن تفعّل قرارات مجلس الوزراء بخصوص محافظة ذي قار، إضافة إلى ضرورة أن يكون هناك جهد دولي في المحافظة». وأضاف أن «خروج المظاهرات عن سلميتها وتبادل إطلاق النار يؤشر لدينا مؤشرات سلبية على مفاهيم مبادئ حقوق الإنسان المشروعة التي أقرها الدستور، وضرورة التعامل بصدر واسع مع مطالب المتظاهرين».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
رئيس الوزراء العراقي يبحث قانون الموازنة مع مجلس النواب
الكاظمي يصرح أن أكثر من نصف القوات الأميركية ستغادر العراق خلال الأيام المقبلة
أرسل تعليقك