أردوغان يحاول تدمير المجتمع المدني التركي بعد حبسه للمفكرين والصحافيين
آخر تحديث GMT09:57:23
 العرب اليوم -

اعتقل الرمز عثمان كافالا بعد شهر من ندوة عن السياسة

أردوغان يحاول تدمير المجتمع المدني التركي بعد حبسه للمفكرين والصحافيين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أردوغان يحاول تدمير المجتمع المدني التركي بعد حبسه للمفكرين والصحافيين

يصافح رجب طيب أردوغان وتيريزا ماي بعد اجتماع في 10 داوننغ ستريت في لندن
أنقرة ـ جلال فواز

تخيل ندوة في لندن يوجد بها أعضاء من مختلف الأحزاب، بمن فيهم المسلمين ومؤيدي ورافضي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكذلك الاسكتلنديون الأيرلنديون، وأعضاء الجمعيات النسوية والمتحولون جنسيًا، كل هؤلاء يناقشون مستقبل بريطانيا السياسي، كلهم يوجد بينهم خلافات عميقة، ولكن هناك احترام متبادل، وعلى الرغم من صعوبة تخيل حدوث ذلك في العاصمة البريطانية، لكن الوضع في تركيا لا يزال أصعب بكثير، حيث مجرد تخيل لعقد مثل هذه الندوة.

أردوغان يعتقل رمز المجتمع المدني
ونظمت المدرسة الأوروبية للسياسة، وهي من بنات أفكار "عثمان كافالا" أحد الشخصيات الفكرية والثقافية في تركيا، في سبتمبر/ أيلول الماضي، ندوة عن السياسة التركية، وحضرها طلاب من مختلف الانتماءات السياسية في تركيا، بما في ذلك الأرمن والأكراد، وحاولوا تبادل وجهات النظر، وكانوا أيضًا ملتزمين بفتح حوار، وكانت المفاجأة أنه بعد شهر واحد من عقد هذه الندوة، ألقت الحكومة التركية القبض على كافالا، وسيظل محتجزًا لمدة 200 يوم، رغم عدم توجيه أي اتهامات له.

وتلمح الصحافة الموالية للحكومة وكذلك البرلمان إلى أن كافالا عدو تركيا، وله صلات بجماعات متطرفة، وكان متورطًا في الانقلاب الفاشل عام 2016، ولكن كل هذه التلميحات ليست إلا هراء، حيث لعب كافالا دورًا بارزًا في الدفاع عن حقوق وحريات الجميع في تركيا، بما في ذلك الأكراد والأرمن، وفي الجمع بين الناس من وجهات نظر سياسية مختلفة لمناقشة خلافاتهم في الجدل المدني، ومول جزء من المشاريع التي تسعى إلى تعزيز الثقة بين تركيا وأرمينيا، وهو رئيس منظمة أنادولو كولتر، وهي منظمة تروج للتعددية الثقافية في تركيا، بهدف "بناء جسور بين مختلف المجموعات العرقية والدينية والإقليمية من خلال تبادل الثقافة والفن".

الوضع السياسي التركي يقلق الجميع
ويسيطر القلق على الأتراك من تدهور الوضع السياسي في البلاد، وكان كابلا هو الشخص الوحيد القادر على تجميع الأتراك بمختلف انتمائتهم بهدوء لمناقشة ما يحدث والوصول إلى أفضل النتائج والحلول، ولكن احتجازه هو إشارة إلى أنه بعد تطهير الجيش والشرطة وتفكيك الخدمة المدنية والأوساط الأكاديمية والذي قام به الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدأ يسلط اهتمامه على تفكيك المجتمع المدني، لأنه يرى أن الحوار المفتوح يشكل تهديدًا عليه.

وشهدت تركيا ارتفاعًا في حالات الاعتقالات بعد فرض أردوغان حالة الطوارئ في أعقاب الانقلاب الفاشل يوليو/ تموز 2016، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 150 ألف شخص فصلوا من وظائفهم، بما فيهم 6 الآلاف كاديمي، و4500 قاض، وأُعتقل ما يصل إلى 137 ألف شخص، وأغلق نحو 200 منفذ إعلامي، وحجب 100 ألف موقع، وكذلك تزايد حبس الصحافيين، ليصبح ثلث الصحافيين المسجونين حول العالم موجود في تركيا.

والهدف مما سبق هو القضاء على الحد الأدنى لانتقادات الحكومة وسياستها، وهذه السياسة تنجح، حيث قال أحد السياسيين البرزين لمنظمة هيومان رايتس ووتش" الخوف والرقابة الذاتية يشبهان الدخان، يتشربان يوميًا، ويتزايدان ولا يمكننا التنفس بعد الآن، نفكر مرتين قبل الحديث أو الكتابة".

استمرار استخدام حجة التطرف
وزار أردوغان بريطانيا في الأسبوع الماضي، وكانت زيارة رسمية، حيث التقى رئيسة الوزراء تيريزا ماي، والملكة إليزابث، وتعتبر بريطانيا تركيا شريكًا مهمًا في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما تجد تركيا بريطانيا حليفًا رئيسيًا في حربها ضد التطرف.

وباعت بريطانيا بأكثر من مليار دولار أسلحة إلى أنقرة منذ الانقلاب الفاشل في عام 2016،  وفي مؤتمر صحافي مشترك، تحدثت ماي عن الحاجة إلى الحفاظ على "القيم الديمقراطية" ولكنها تعاطفت مع زعيم يواجه "الضغوط غير العادية للانقلاب الفاشل والتطرف الكردي"،  وأصر أردوغان على أن جميع المعتقلين كانوا "متطرفين"، وبالتالي في عالم أصبح فيه التطرف المبرر الجامح للقمع الجماعي، يمتلك أردوغان يده الحرة لمواصلة سياساته، وفي هذه الأثناء، لا يزال ضحايا هذه السياسات يتراكمون، حيث الموتى، والسجناء، والذين لا صوت لهم، وفي عالم مجزأ، والذي غالبًا ما يكون فيه التغيير الاجتماعي مدفوعاً أكثر من الغضب الناقص من الحجة المنطقية، لا يمكن الاستغناء عن شخصية مثل كافالا، لأن سجنه هو سجن سينتج عنه الأمل.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان يحاول تدمير المجتمع المدني التركي بعد حبسه للمفكرين والصحافيين أردوغان يحاول تدمير المجتمع المدني التركي بعد حبسه للمفكرين والصحافيين



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 07:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab