تخوض القوات الحكومية اليمنية التابعة للواء ٣٥ مدرع، منذ فجر اليوم الثلاثاء، معارك عنيفة مع مليشيات "الحوثي وصالح"، في جبهة الكدحة في تعز . وقال العقيد فؤاد الشدادي بأن المليشيات الإنقلابية شنت هجوما عنيفا، على ميمنة وميسرة جبهة الكدحة، مصحوبا بقصف ناري مكثف على مواقع قوات الجيش .
وأوضح الشدادي أن معارك عنيفة بدأت منذ الساعة ١١ من الليلة الماضية ولا تزال حتى الساعات الأولى من فجر اليوم ، بين قوات الجيش وبين المليشيات، وتبادل للقصف الناري، موضحا أن قوات الجيش تتصدى ببسالة لهجوم المليشيات، رغم فارق التسليح والعتاد. وأكد الشدادي أن هذا الهجوم للمليشيات يأتي بعد خسارتها أربع قتلى في اليومين الماضيين ومايزيد عن عشرة جرحى، وخسائر مادية وعسكرية، الأمر الذي جعل المليشيات تشن هجوما عنيفا، تسعى من خلاله الى احراز تقدم، وسط صمود أسطوري لقوات الجيش الوطني .
وكانت قوات الجيش اليمني في محور البقع، بمحافظة صعدة، أمس الاثنين، تقدماً جديداً، بعد معاركها مع الميليشيات الانقلابية التي تكبدت الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد، وسط الانهيارات الكبيرة في صفوفها. وقال مصدر ميداني، نقل عنه موقع الجيش الوطني "سبتمبر نت"، أن قوات الجيش الوطني شنت هجوماً واسعاً من عدة محاور على مواقع الميليشيات الانقلابية، وسيطرت على سوق البقع وسلسلة جبال العليب، وتواصل تقدمها في هذه الأثناء باتجاه تبة عمود الصحراء، مضيفاً أنه بهذا التقدم تمكنت القوات من قطع خطوط إمداد الميليشيات الممتدة حتى جبل أم العظم.
وعلى جبهات تعز، تتواصل المواجهات العنيفة بين الجيش الوطني والميليشيات الانقلابية شرق المدينة، إثر هجوم شنته هذه الأخيرة على وادي صالة والمكلكل، مع استمرار قصفها على الأحياء السكنية، حيث أحبطت قوات الجيش هجوم الانقلابيين المصحوب بقصف مدفعي منذ ليل الأحد حتى فجر الاثنين، وسقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين. كما تجددت المواجهات في مديرية صرواح، غرب محافظة مأرب، إثر محاولات الانقلابيين التسلل إلى مواقع الجيش الوطني، ومعارك أخرى شهدتها جبهة حام في محافظة الجوف.
من جهة ثانية، توصلت جماعة "الحوثي " وحزب "المؤتمر الشعبي العام" إلى اتفاق حول إزالة أسباب الأزمة الأخيرة في العلاقات بين الجانبين المتحالفين في النزاع اليمني. وأعلنت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين، مساء الاثنين، أن الطرفين عقدا في العاصمة اليمنية صنعاء، بدعوة من المجلس السياسي الأعلى في المدينة، اجتماعا ضم قيادات عليا من حزب المؤتمر الشعبي العام وجماعة "الحوثي" لتهدئة التوتر بينهما المستمر منذ أيام.
وجرى الاجتماع برئاسة صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى، وضم نائب رئيس حزب المؤتمر، صادق أمين أبو رأس، وأمينه العام، عارف الزوكا، والأمين العام المساعد، ياسر العواضي، وقيادات أخرى، فيما شارك في هذا اللقاء من "جماعة أنصار الله" كل من محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسمها، ومهدي المشاط، المقرب من عبد الملك الحوثي، ووزير الإعلام في حكومة صنعاء، أحمد حامد، وقيادات أخرى.
واتفق الجانبان، حسب وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين، على "إزالة أسباب التوتر، التي نتجت مؤخرا في العاصمة صنعاء، وعودة الأوضاع الأمنية إلى شكلها الطبيعي قبل الفعاليات التي تمت الأسبوع الماضي، واستمرار التحقيق الأمني المتخصص والمهني والمحايد في الأحداث الأخيرة، وعدم استباق نتائج التحقيق من أي جهة". وأقر المشاركون في المفاوضات استمرار اللقاءات بين قيادة المكونين "لوضع الحلول والمقترحات الإعلامية والسياسية وتوحيد كافة الجهود لمواجهة العدوان.. وتوحيد الجبهة الداخلية وعدم السماح لشقها أو خلخلتها".
ودعا الأمين العام لـ الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أطراف النزاع اليمني للاتفاق على السماح بإيصال مساعدات لمدينتي صنعاء والحديدة الخاضعتين لسيطرة الحوثيين، في وقت أرسل الأردن طائرة محملة بنحو 15 طنا من المساعدات الإنسانية الطارئة. وقال غوتيريش عقب لقاء مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح “آمل أن يتم التوصل لاتفاق بين الأطراف للسماح” بإيصال “الاحتياجات الإنسانية” لصنعاء والحديدة.
إلى ذلك، وجهت انتقادات إلى الصمت الدولي إزاء الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في تعز، وقال مسؤول في الحكومة اليمنية إن الميليشيا الحوثية تواصل ارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل في تعز، وآخرها في 27 أغسطس/آب الحالي، في منطقة بئر باشا، حيث قصفت الأحياء السكنية بالهاون والكاتيوشا، الأمر الذي أسفر عن استشهاد 4 مدنيين، وإصابة 6 آخرين، طبقاً لما نقلته عنه وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، منتقداً بذلك صمت المجتمع الدولي إزاء الجرائم التي ترتكبها الميليشيا الانقلابية بحق مواطني مدينة تعز منذ قرابة 3 أعوام.
واعتبر المصدر صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم والمجازر أمراً مثيراً للاستغراب والتعجب، وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والصحافيين وسفراء الدول بإدانة هذه المجازر، والضغط عليهم لإيقاف الاعتداء على المواطنين الأبرياء، ورفع الحصار عن مدينة تعز، وقال إنه على العالم الحر رفع صوته، وإدانة ما يحدث؛ إن تعز تدفع فاتورة الانقلاب. فلم يعد بيت بداخلها إلا فقد شهيداً أو جريحاً، مؤكداً سعي الحكومة اليمنية لمقاضاة كل المتورطين في هذه الجرائم.
في المقابل، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من جنيف مقراً رئيسياً له، إلى فتح تحقيق عاجل في حوادث استهداف المدنيين العزل في مدينة تعز، من قبل الميليشيات الانقلابية. وقال في بيان له إن مدينة تعز تتعرض منذ أيام لقصف عشوائي ممنهج يستهدف المدنيين فيها بشكل متعمد، وهو ما يعد جريمة حرب، بحسب نظام المحكمة الجنائية الدولية.
وطالب المرصد المجتمعَ الدولي بضرورة العمل على إيقاف الانتهاكات المستمرة بحق الإنسانية في اليمن، داعياً في الوقت ذاته إلى اتخاذ خطوات فاعلة، بما يؤدي إلى تقديم مجرمي الحرب للعدالة، وعدم إفلاتهم من العقاب، ومحذراً من أن استهداف المدنيين بشكل متعمد يمثل مخالفة للقانون الدولي، حيث نصت المادة (8 (2) ه 1) من نظام روما على أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، بصفتهم هذه، أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية، يعد جريمة حرب.
كما طالب مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان بتحقيق عادل، ووقف فوري لهذه الجرائم، وفك حصار مدينة تعز التي لا تزال تحت نيران القصف والحصار المستمر منذ عامين و4 أشهر، مؤكداً أن الصمت الدولي جراء كل ذلك هو إسهام في ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، مستنكراً صمت المجتمع الدولي، خصوصاً الأمم المتحدة والدول الراعية لمبادرات السلام في اليمن، والتي يتضح كل يوم أنها تكيل بمكيالين، فسرعة الإدانة لأي حادث تقوم به قوى الحكومة الشرعية، أو التحالف العربي الداعم لها، يقابله صمت مطبق أمام كل جرائم الحوثي وصالح.
وقال إن عملية استهداف المدنيين تعد جرائم حرب مكتملة الأركان، وسيلاحق مرتكبوها في كل مكان، موضحاً في بيان أرسله للمنظمات الدولية اليوم أنه صار من الواضح للجميع أن ما تقوم به ميليشيا الحوثي وصالح من حصار وقصف يومي عمل ممنهج ومستمر، المقصود به قتل الأبرياء من المدنيين، دون أي مبررات لعمليات عسكرية، أو أهداف لمقاومة مسلحة.
وأضاف أن هذه المعايير المزدوجة لا تسهم فقط في استمرار العنف والقتل في اليمن، بل وتجعل الإحباط العام مدمراً، ويسهم في تعزيز الشعور بخذلان العالم، والجهات التي يفترض بها الحفاظ على السلام واحترام حقوق الإنسان، ويساهم بقوة في تعزيز مفهوم البعض لاستخدام القوة، فالصمت عن الجريمة مساهمة في قيامها.
وعلى الصعيد ذاته، أدان التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) قصف الميليشيات الانقلابية الممنهج والمستمر للأحياء المكتظة بالمدنيين في مدينة تعز، مستنكراً في الوقت ذاته المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها الميليشيات الأحد، إثر قصفها عدداً من الأحياء الغربية لمدينة تعز، التي سقط ضحيتها قتلى وجرحى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى ما تلحقه من أضرار في الممتلكات الخاصة والعامة.
وطالب التحالف في بيان له ميليشيات الحوثي وصالح بالوقف الفوري لعمليات القصف المدفعي والصاروخي على الأحياء السكنية، ورفع الحصار عن مدينة تعز، داعياً المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمجتمع الدولي، إلى القيام بواجباته لحماية المدنيين، علاوة على دعوته اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، والقيام بمهامها في التحقيق، وتوثيق تلك الانتهاكات، تمهيداً لتقديم مرتكبيها للعدالة.
أرسل تعليقك