لندن ـ كاتيا حداد
استجوبت الشرطة البريطانية أمس الثلاثاء، المشتبه به في دهس مسلمين عمدًا في لندن، فيما أكدت وزيرة الداخلية أن الهجمات الإرهابية الأخيرة لن تتمكن من "كسر قلب الوطن". وتتعامل بريطانيا حاليا مع تبعات رابع اعتداء دام يضربها في غضون 3 أشهر، عقب هجوم بشاحنة أول من أمس على مصلين أثناء مغادرتهم مسجد "فينسبري بارك" شمال لندن. وقالت وزيرة الداخلية البريطانية آمبر رود، إن سلسلة الهجمات أصابت ولكنها لم تكسر قلب هذا الوطن العظيم. ومن ناحيتها، أفادت عائلة دارن أوزبورن، المشتبه بدهسه عمدا مجموعة المسلمين، بأنه مضطرب، واصفة ما قام به بأنه جنون محض.
وتم اعتقال أوزبورن (47 عاما) الأب لأربعة أطفال والمتحدر من كارديف. وتعتقد الشرطة أن المشتبه به تصرف بمفرده، فيما تجري عمليات تفتيش لمسكنه في عاصمة ويلز. وتتعامل السلطات مع الحادثة على أنها عمل إرهابي، فيما وصفتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالمقززة، متعهدة أول من أمس بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله.وزاد الاعتداء من المخاوف المتعلقة بإمكانية وقوع عمليات انتقامية تستهدف المسلمين، بعد سلسلة من الهجمات الدامية التي شنها متطرفون إسلاميون في بريطانيا. وتوفي شخص كان يتلقى إسعافات أولية في المكان عقب الاعتداء، فيما تم نقل 9 أشخاص إلى المستشفى ومعالجة اثنين تعرضا لإصابات طفيفة.ومن جهتها، قالت أخت المشتبه به، نيكولا أوزبورن: أنا متأسفة لأن أخي وصل إلى هذه الدرجة من الاضطراب. إنه يعاني من اضطرابات منذ زمن طويل. وأما والدته كريستين، والبالغة من العمر 72 عاما، فقالت إنها صرخت عندما رأت ابنها على شاشات التلفاز. ونقلت صحيفة "ذي صن" عنها قولها: "ابني ليس إرهابيا. إنه فقط رجل يعاني من مشكلات".
وفي بيان باسم عائلته، قال ابن شقيق المشتبه به، إيليس أوزبورن: نشعر بصدمة بالغة، ونتعاطف من كل قلبنا مع الأشخاص الذين أصيبوا بجروح. وأكد أن عمه لم يكن عنصريا، مضيفا: إنه جنون. إنه بكل وضوح جنون محض. وفي وقت سابق أول من أمس، تجمع سكان لندن حاملين الزهور ورسائل التضامن أمام موقع الاعتداء، حيث رفع بعضهم لافتات كتب عليها متحدون ضد الإرهاب. وتم تنظيم وقفة تضامنية مماثلة أمس.وتمكن السكان المحليون من تثبيت سائق الشاحنة في مكانه، قبل أن يحميه إمام المسجد من أي اعتداءات انتقامية ضده، ريثما تحضر الشرطة.
وأفادت الشرطة بأنه تم توقيف السائق المفترض للاشتباه بأنه قام بارتكاب والتحضير والتحريض على الإرهاب، بما في ذلك القتل ومحاولة القتل.ومن ناحيتها، أفادت رئيسة شرطة لندن كريسيدا ديك، بأن الحادثة هي اعتداء واضح على مسلمين وتعهدت بتكثيف الوجود الأمني قرب المساجد مع اقتراب نهاية شهر رمضان.أما الوزيرة رود، فأكدت أن المسلمين بحاجة إلى أن يشعروا بالأمان في بريطانيا وأن الحكومة تعمل على التعاطي مع جميع أشكال جرائم الكراهية والتطرف.
وكتبت في صحيفة "ذي غارديان" أن الأرقام تشير إلى أن أكثر من نصف الذين يواجهون الكراهية بسبب ديانتهم، هم من المسلمين. أي جريمة كراهية غير مقبولة، ولكن هذا الرقم فاضح وعلينا ألا نتهرب منه. وأضافت: علينا الوقوف إلى جانب المسلمين ونؤكد لهم لستم وحدكم. نشاطركم ألمكم ولن نخذلكم. وقال ابن شقيق أحد ضحايا اعتداء الاثنين، إن عمه لا يذكر شيئا مما حدث. وقال بعدما زار عمه حمزة شريف في المستشفى: إنه ينزف من أذنه، ولكن حالته مستقرة بشكل عام.
وأفادت شرطة لندن "اسكتلنديارد" أن المشتبه به البالغ السابعة والأربعين من العمر موقوف بتهمة الإرهاب، معتبرة أنه تصرف بمفرده، لكنها لم تؤكد هويته. وأعلن وزير الدولة البريطاني للشؤون الأمنية بن والاس أنه لم يكن معروفا من الأجهزة الأمنية. وقام المشتبه به الذي كان يقود شاحنة صغيرة ليلة الاثنين بدهس المصلين الخارجين بمعظمهم من صلاة التراويح في المسجد؟وأقيم أول من أمس لقاء تكريمي شارك فيه نحو مائة شخص وضعوا شموعا وزهورا ورسائل تضامن أمام المسجد. وكتبوا على بعض اللافتات "سينتصر الحب ومتحدون لمكافحة الإرهاب".
وقال رئيس بلدية لندن العمالي صادق خان خلال اللقاء "أريد أن أحيي الجالية المسلمة التي كان ردها الليلة الماضية مثالا لنا جميعا"، في إشارة إلى تحرك بعض المارة الذين سيطروا أول من أمس على المهاجم، وإلى تدخل إمام المسجد عندما انهال بعض المارة بالضرب على المعتدي وأضاف خان أنهم أتاحوا للشرطة القيام بعملها واعتقال منفذ الهجوم حتى تأخذ العدالة مجراها. وداهمت الشرطة منزل المهاجم في كارديف، عاصمة ويلز، حيث أكد خمسة من السكان أن صور الموقوف تعود إلى أوزبورن وأنه جارهم. وقال سليم نعيمة لوكالة "برس أسوسييشن ": أنا أعرفه. أقام هنا منذ خمس سنوات وكان يقيم هنا من قبل قدومي، وتابع نعيمة متى احتجت أمراً ما كان يأتي. لا أصدق أنه قام بذلك أنا مسلم، فيما قالت جارته خديجة شريزي لوكالة الصحافة الفرنسية: رأيته على الأخبار وقلت يا إلهي إنه جاري، مضيفة أنه كان طبيعياً جداً. بالأمس كان في مطبخه يغني مع أولاده. وروى جار آخر أنه كان بالإمكان رؤية أوزبورن أحياناً كثيرة يتجادل مع زوجته في الشارع.
أرسل تعليقك