ارتكبت القوات الحكومية السورية مجزرة مروعة صباح الأربعاء، إثر قصف بري نفذته على مدينة أريحا المكتظة بالسكان جنوب إدلب، شمال غربي سوريا، قضى فيه 13 أشخاص، بينهم أطفال.وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في بيان، إن 4 أطفال قتلوا بينما كانوا في طريقهم للمدرسة الأربعاء في هجوم بإدلب السورية. وجاء في البيان أن «أحداث العنف اليوم هي تذكرة أخرى بأن الحرب في سوريا لم تطوَ صفحتها بعد. المدنيون، ومن بينهم الأطفال، لا يزالون يدفعون الثمن الأكبر في الصراع الوحشي المستمر منذ عقد».
ومن جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأنه «في أكبر مجزرة منذ اتفاق الرئيس فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان، في مارس (آذار) العام الماضي، قتل 13 شخصاً بقصف بري لقوات النظام على أريحا جنوب إدلب، بالإضافة إلى وجود 24 جريحاً على الأقل، بعضهم جراحه خطرة، ما يرجح ارتفاع حصيلة (المجزرة الدموية)، حيث جاء القصف في أثناء توجه الأطفال إلى مدارسهم، والبالغين إلى أعمالهم».
وقال مسؤول طبي في إدلب إنه حصدت أكثر من 12 قذيفة مدفعية نفذتها قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتمركزة في معسكرات خان السبل (جنوب شرقي إدلب) في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء على محيط مدرسة وأحياء سكنية مجاورة في مدينة أريحا (جنوب إدلب) حياة 13 شخصاً، بينهم أطفال ومعلمة ونساء، معظمهم من عائلات نازحة من منطقة معرة النعمان ومحيطها تقيم في المدينة، فيما تعرض أكثر من 35 شخصاً، بينهم 11 طفلاً وامرأة، لإصابات متفاوتة، بينها إصابات خطيرة جرى نقلها إلى مشافي إدلب ومشافي حدودية لتلقي الإسعافات الأولية.
ويروي أبو ماهر (53 عاماً)، وهو صاحب بقالة في مدينة أريحا، أن قصفاً مدفعياً مكثفاً نفذته قوات النظام والميليشيات الإيرانية استهدف بشكل مفاجئ أحياء مدينة أريحا (13 كلم جنوب إدلب)، وتركز القصف على الطريق المؤدي إلى إحدى المدارس وسط المدينة، في أثناء مسير عشرات الأطفال والمعلمين إلى المدرسة، وسرعان ما تحول مشهد الأمان والهدوء الذي كان يسود المكان إلى مشهد من أصوات انفجار القذائف والغبار الكثيفة، وانتشار الجثث والجرحى في كل مكان، وأصوات صراخ الأطفال. ويضيف: «اخترقتُ، وعدد من المواطنين، الغبار والدخان الناجم عن القصف بحثاً عن ناجين لإسعافهم، حيث عشرات الجثث والإصابات المنتشرة هنا وهناك، بينها من فارق الحياة ومن يلفظ أنفاسه الأخيرة ومن يصارع الموت. وكان من بين المصابين طفل بعمر 12 عاماً تقريباً يلفظ أنفاسه الأخيرة قد تعرض لإصابة بشظية في صدره، والدماء تملأ جسده الصغير، وإلى القرب منه طفلة قد فارقت الحياة على الفور، وتناثرت حولها كتبها المدرسية». وأوضح أحمد العاهي، وهو أحد أقرباء القتلى النازحين من مدينة معرة النعمان في مدينة أريحا: «لم نتخيل أننا سنواجه الموت مرة أخرى بعد نزوحنا من مدينتنا (معرة النعمان) قبل نحو عامين تقريباً إلى مدينة أريحا، فالموت اليوم غيب 3 من أقربائي، بينهم طفلة ووالدها، في أثناء ذهابهم إلى المدرسة، وتعرضهم لقصف وحشي من قبل قوات النظام، وإصابة طفلين آخرين بجروح بليغة».
ومن جهتها، قالت منى، المتطوعة في منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، التي أسعفت الطفلة ريماس إلى المشفى في محاولة لإنقاذها: «صعب كتير ومؤلم حمل جثمان طفلة ذنبها أنها رايحة على مدرستها، وكل العالم لازم يشعر بألمنا، ويتخيل ابنه مكان هي الطفلة، والآنسة قمر كمان قتلت بنفس القصف، الطالبة والمعلمة بيوم واحد ما بعرف إيمتى ممكن تتحقق العدالة للضحايا، بس يلي بعرفه أن الحق ما ممكن يموت».
وتضيف بحزن وتأثر بالغين: «اعتادت ريماس أن يصطحبها والدها إلى باب المدرسة كل صباح، ولكن هذا اليوم تبدد حلم الوصول عندما استهدفت قذائف قوات النظام وروسيا مدينة أريحا، وقُتلت الطفلة ووالدها، وأطفال آخرون كان أملهم الحصول على التعليم، مثل باقي أطفال العالم، بعيداً عن القصف والموت».
وفي سياق آخر، قصفت فصائل المعارضة السورية المسلحة بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ مواقع لقوات النظام والميليشيات الإيرانية «رداً على المجزرة التي وقعت في مدينة أريحا بقصف مدفعي لقوات النظام».
وقال قيادي في غرفة فصائل المعارضة السورية في إدلب (الفتح المبين) إنه تم قصف المعسكرات الروسية وقوات النظام في خان السبل وقرية الدانا ومحيط سراقب وقرى داديح وتل بطيخ ومواقع عسكرية أخرى رداً على قصف الأخيرة لمدينة أريحا، وارتكابها مجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. وتوعد بأنه ستواصل فصائل المعارضة قصف مواقع قوات النظام والميليشيات الإيرانية، مؤكداً أنه سيجري قصف مواقع استراتيجية في عمق المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وحلفائه.
وتتعرض مناطق عدة في إدلب، منذ يونيو (حزيران)، لقصف متكرر من قوات النظام، فيما ترد الفصائل المقاتلة باستهداف مواقع سيطرة الأخيرة في مناطق محاذية، على الرغم من سريان وقف لإطلاق النار في المنطقة منذ أكثر من عام، بموجب اتفاق بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين في مارس (آذار) العام الماضي. وقال قائد عسكري في «الجبهة الوطنية للتحرير»، التابعة لـ«الجيش السوري الحر» المعارض، إن «فوج المدفعية في (الجبهة الوطنية) استهدف بالمدفعية الثقيلة مواقع القوات الحكومية السورية والقوات الموالية لها بريف إدلب رداً على مجزرة أريحا».
ويأتي القصف المدفعي على مناطق ريف إدلب بالتزامن مع حشد للقوات الحكومية السورية إلى خطوط التماس في محافظتي حلب وإدلب، في ظل تصعيد من قبل الإعلام الحكومي حول بدء معركة قريباً في إدلب، تزامناً مع التلويح التركي بقرب عمل عسكري في شمال سوريا يستهدف مناطق للمسلحين الأكراد.
قد يهمك ايضا:
القوات الأمنية السورية تفكك سيارة مفخخة في العاصمة دمشق
القوات الأمنية السورية تطلق النار والغاز المسيل للدموع على معتقلي سجن حماة المركزي
أرسل تعليقك