بغداد ـ نهال قباني
فتحُ رئيس الوزراء العراقي المكلّف، عادل عبد المهدي، الباب أمام جميع العراقيين الراغبين في شغل مواقع وزارية في الحكومة التي يعمل على تشكيلها حالياً بإرسال سيرهم الذاتية عبر بوابة "الإنترنت" خلال مدة محدودة، هذه الخطوة الغريبة في خطوة أثارت جدلاً في أوساط إعلامية وسياسية ودينية كثيرة.
وكان عبد المهدي، أعلن في بيان وزعه مكتبه، التفرغ كلياً لتشكيل الحكومة، مشدداً على أن "واجب عبد المهدي الأول والأساس أمام الشعب ومجلس النواب العراقي ، خلال المدة الدستورية، هو التفرغ كلياً للانتهاء من الترتيبات المطلوبة لتشكيل الحكومة، ولإعداد المنهاج الحكومي". وأعلن رئيس الوزراء المكلّف اعتذاره عن عدم قبول وفود التهاني بتسلمه منصبه الجديد، والاكتفاء بدل ذلك بتسلّم الرسائل وتلقي مكالمات التهنئة. وتابع: "كل من يجد في نفسه الكفاءة من أهل الخبرة والاختصاص والتجربة العملية ويرغب بترشيح نفسه لمنصب وزاري يمكنه فعل ذلك عن طريق الموقع الإلكتروني خلال مدة أقصاها الخميس". وفيما أعلن عبد المهدي استمراره في مشاوراته بشتى الطرق مع كل من له علاقة بهذه العملية، لا سيما مسؤولي الكتل الممثلة في مجلس النواب، فإنه قال إنه "لن يشارك في لقاءات خلال هذه المدة مع رؤساء البعثات الدبلوماسية والشخصيات الرفيعة".
وسط ذلك، رحّب أحد المراجع الشيعية الكبار في النجف بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، مباركاً خطوات التشكيل، في تأكيد جديد لدعم مرجعية النجف حكومة عادل عبد المهدي المقبلة، وهو ما يمكن أن يمنحه رسالة اطمئنان يحتاج إليها في هذه المرحلة، طبقاً لمصدر سياسي مقرب من المرجعية. وقال آية الله العظمى بشير النجفي، في بيان صدر عن مكتبه أمس الثلاثاء بعد استقباله وزير الداخلية قاسم الأعرجي، إنه من الضروري التأكيد على أهمية حماية المطالبات الشعبية من خلال التظاهر السلمي". وحث النجفي (وهو واحد من 4 مراجع كبار هم آيات الله العظمى علي السيستاني، ومحمد سعيد الحكيم، ومحمد إسحق الفياض، وبشير النجفي) المسؤولين في الحكومة المقبلة على وجوب السعي إلى إِنهاء معاناة المواطنين، والسعي الجاد إلى حل مشكلة الخدمات، مؤكداً دعمه لمن يخدم العراق والعراقيين وحسب.
ويقول مصدر سياسي لـ"الشرق الأوسط" إن "المرجعية الدينية في النجف لم تعلن موقفاً علنياً في تأييد عبد المهدي لتشكيل الحكومة ولن تعلن ذلك لأنها ليست في وارد الدخول في تفاصيل عملية تشكيل الحكومة المقبلة، لكنها لم تعلن خلال الخطبتين الأخيرتين من خلال صلاة الجمعة موقفاً معيناً حيال الجدل بشأن كيفية تشكيل الحكومة ووفق أية آلية. لكنها كانت قد تحدثت بشكل صريح عن تأييدها الحراك الجماهيري وانتقدت بشدة الحكومة السابقة على تقصيرها. وأوضح المصدر أنه حين وضعت (المرجعية) شروطها الثلاثة والتي تتمثل في أن يكون رئيس الوزراء المقبل قوياً وحازماً وشجاعاً، لم تعلن موقفاً بشأن أسماء معينة كان قد تم تداولها حتى قيل إن بعضها كان يحظى بتأييد المرجعية بينما لم يكن اسم الدكتور عادل عبد المهدي من ضمنها. بيد أنه حين جرى تداول اسم عبد المهدي، فإن المرجعية لم تعلن موقفاً يشي بالرفض أو التحفظ، وهو أمر يمكن أن يدرك دلالته السياسيون. وتابع أن ما صدر عن المرجع النجفي من موقف يبدو أنه ينطوي على تأييد، ولو ضمنياً، لعبد المهدي، إنما يضاعف من مسؤوليته من جهة؛ ومن جهة أخرى يخفف عنه ضغوط القوى التي جاءت به إلى منصب رئيس الوزراء المكلّف.
في غضون ذلك، أثارت خطوة عبد المهدي فتح باب التقديم للوزارات عبر البريد الإلكتروني انتقادات حادة في أوساط سياسية وإعلامية، حيث عدّها كثيرون خطوة متسرعة وغير عملية ولن تحقق الهدف المطلوب، خصوصاً أنه لم يتبق على إعلان الحكومة سوى 3 أسابيع بينما يحتاج فرز آلاف الطلبات التي سترد عبر البريد الإلكتروني إلى وقت طويل. وفي هذا السياق، يقول الأكاديمي العراقي هشام الهاشمي لـ"الشرق الأوسط" إن النخب السياسية العراقية في العادة نخب مصنوعة حزبياً، لم تأت من مجتمع مدني، وهذا يعود لقوة سلطة النظام السابق في قهر المعارضين، واستفراده ببناء مفاصل الدولة. ويضيف الهاشمي أنه من الصعوبة الخروج عن السياقات السياسية لهذه النخب في صناعة مفاصل الدولة الوزارية، حيث إن كل حزب لديه برنامج حكومي يريد أن يحققه لجماهيريه أولاً، ثم لجميع الشعب، من خلال ترشيح وزراء يثق بهم قبل كل شيء.
أرسل تعليقك