تعيش العاصمة الليبية طرابلس حالة من التوتر الشديد في ظل التخوف من اندلاع جولة جديدة من المواجهات المسلحة بين القوى السياسية والعسكرية المتنافسة على السلطة ، فيما تتواصل في بنغازي المواجهات بين قوات المشير خليفة حفتر ومسلحين متشددين باتوا محاصرين في منطقتين وسط شمال المدينة حيث دوي القصف المتقطع الذي يخرق هدوءها باستمرار.
وحذّر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني من "محاولة بعض الاطراف ادخال العاصمة في دوامة جديدة من العنف ليتسنى لهم تحقيق مصالح خاصة يعجزون عن تحقيقها بدون فوضى وإشهار السلاح"، وفقًا لبيان أصدر المجلس فجر اليوم الجمعة. وأكد المجلس الرئاسي على "أن لا رجعة عن الوفاق والتوافق بين الليبين وعن مهمته في التمهيد للانتقال السلمي إلي دولة مدنية ديمقراطية دولة المؤسسات والقانون".
وقال مصدر في طرابلس إن الحواجز الامنية انتشرت في مداخل العاصمة طرابلس خاصة الشرقية منها والجنوبية بعد تحريك مجموعات مسلحة مناوئة للاتفاق السياسي قواتها في مناطق وادي الربيع وصلاح الدين وقرب مطار طرابلس وهناك خشية حقيقية من وقوع صدام بين التشكيلات العسكرية المؤيدة لحكومة الفاق والأخرى الرافضة لها، حيث يسمع سكان بعض أحياء العاصمة من حين لاخر أصوات اطلاق نار لفترة قصيرة.
ووسط التحضيرات المصرية لعقد قمة بين رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، اندلعت في طرابلس اشتباكات بين قوات تابعة لحكومة "الوفاق"، وأخرى موالية لحكومة "الإنقاذ" برئاسة خليفة الغويل. وتركّزت المواجهات التي استُخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة في حيَي الهضبة وبوسليم.
ونشرت قوات حكومة الإنقاذ التي تعارض اتفاق الصخيرات للحل السياسي في ليبيا، مدرعات وسيارات عسكرية على طول طريق صلاح الدين المؤدي إلى الهضبة وبوسليم استعداداً لمعارك مقبلة. وأفاد شهود بأن إطلاق نار بدأ في طرابلس فجر الخميس واستمر حتى المساء، مشيراً إلى بدء صراع مسلح جديد بين ما يعرف بقوات الأمن المركزي في حي بوسليم التي يشرف عليه غنيوة الككلي، ومسلحين معظمهم من مصراتة تمركزوا في مشروع الهضبة. وذكرت مصادر أن صلاح بادي، القيادي البارز في القوات الموالية لحكومة الإنقاذ، هو مَن أعطى إشارة انطلاق عملية أطلق عليها اسم "فجر ليبيا 2" أو "فخر ليبيا" كما سماها. وأضافت المصادر أن "بادي أمر عبر شبكات التواصل الاجتماعي سكان حي بوسليم بإخلاء المنطقة لمدة 72 ساعة، وهو الزمن المقرر للعملية.
وأعلن جهاز الأمن الرئاسي التابع للمؤتمر العام في بيان له عن قيام قواته وقوات الحرس الوطني وقوات رئاسة الأركان وبالتعاون مع مديرية أمن طرابلس بتكليف من “القائد الأعلى للجيش” في اشارة منه لنوري أبو سهمين، بعملية تفعيل قرار المؤتمر رقم 27 لسنة 2013 من أجل إخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة الخارجة عن الشرعية وتأمين مؤسسات الدولة وكافة المرافق الحيوية.
وطالب الأمن الرئاسي في بيانه، جميع المنتسبين للكتائب المنضمة للجنة الترتيبات الأمنية التابعة لاتفاق الصخيرات ويشرف عليها باولو سيرا، بالتواصل مع رئاسة الأركان ومديرية أمن طرابلس للترتيب للإنضمام تحت غرفة العمليات الموحدة لقطع الطريق عن تجاذبات وأطماع السياسيين والأحزاب غير القانونية. وحث الجهاز المنتسبين على الانسحاب فوراً من هذه التشكيلات وعدم الانصياع لأي أوامر من قادتها بهدف الحفاظ على سلامتهم وذلك في حال إمتناع قادة هذه الكتائب من الإنضمام، محملاً كل من يمتنع تلبية النداء مسؤولية نفسه.
وأعلنت حكومة الإنقاذ أن هدف العملية هو تطبيق قرار المؤتمر الوطني العام الليبي بإخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة. ويأتي ذلك في أعقاب زيارة قام بها الغويل برفقة رئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين إلى العاصمة الغينية كوناكري حيث أجريا محادثات تناولت حل الأزمة الليبية مع الرئيس الغيني عمر ألفا كوناري، الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي.
وسبق انطلاق العملية بيان وزعه المكتب الإعلامي لحكومة الإنقاذ جاء فيه أن الغويل أكد في اجتماع مع رئيس المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين، استعداد الحكومة وجاهزيتها لمباشرة أعمالها من مقراتها الرسمية في العاصمة فور استكمال قوات رئاسة الأركان والحرس الوطني تنفيذ قرار إخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة. وأشار البيان إلى أن بوسهمين بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، عقد سلسلة اجتماعات لإصدار تكليف للكتائب الرسمية التابعة لرئاسة الأركان وقوات جهاز الحرس الوطني لتفعيل القرار 27 لعام 2013، بإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة، وأن القرار سيُطبَّق على كل الكتائب الموجودة في العاصمة من دون استثناء، سواء كانت عناصرها تتحدر من طرابلس أو آتية من خارجها. وأكد بيان حكومة الغويل أن حمل السلاح سيقتصر على الجيش والشرطة النظاميين. ورجح مراقبون أن يكون هدف العملية إخراج السرّاج نهائياً من المشهد السياسي الليبي بعد تقاربه مع حفتر.
وهاجمت "كتيبة ثوار طرابلس" أول من أمس، مقر وزارة الخارجية التابع لـ "حكومة الوفاق"، وأخلته تماماً قبل أن تعلن تعليق العمل في الوزارة إلى حين استقالة محمد سيالة وزير الخارجية، بعدما أثار جدلاً بتصريحات أكد فيها أن حفتر هو قائد الجيش الليبي.
والتقى السراج في طرابلس عدداً من أعضاء مجلس النواب الداعمين لاتفاق الصخيرات الموقع برعاية دولية، لتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا.
أرسل تعليقك