أعلنت إيران نقل أجهزة طرد مركزي مستخدمة في تخصيب اليورانيوم من منشأة كرج إلى ورشة تحت الأرض في منشأة نطنز النووية التي تقع على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة طهران.وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إنه "بسبب العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها في مجمع كرج، اضطررنا إلى تشديد التدابير الأمنية إلى حد ما، ونقلنا قسماً هاماً من المعدات، أما المعدات المتبقية فتم نقلها إلى نطنز وأصفهان".
وأضاف المتحدث، بحسب ما نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية: "بعبارة أخرى نقلنا معدات إنتاج قطع أجهزة الطرد المركزي إلى مكان أكثر أمناً، نظراً لأهميتها، والآن تواصل هذه المعدات عملها".وكان مجمع "تسا" في مدينة كرج الواقعة غرب طهران، تعرّض في يونيو 2021 لعملية تخريبية وصفتها طهران بـ"العملية الإرهابية"، واتهمت إسرائيل بالوقوف وراءها.
وتأتي تصريحات كمالوندي لتؤكد تقريراً سرياً للوكالة الدولية للطاقة الذرية نقلته رويترز، الخميس الماضي، وكشف أن إيران بدأت تشغيل ورشة جديدة في منشأة نطنز النووية، لصنع قطع غيار لأجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، لافتة إلى أن الماكينات نُقلت في الآونة الأخيرة إلى هناك من كرج.وكانت تقارير إسرائيلية أفادت في فبراير الماضي بأن إيران كانت تبني خلال الفترة الأخيرة ورشة نووية تحت الأرض في أعماق جبل بمنطقة نطنز، ستكون "غير قابلة للقصف".
وجاء في تقرير كتبه رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، ديفيد أولبرايت، أنه "كان يُنظر إلى منشأة فوردو على أنها بعمق كبير تحت الأرض، ما يصعب تدميرها بواسطة هجوم جوي، لكن تدمير موقع نطنز الجديد سيكون أكثر صعوبة".وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سري للدول الأعضاء، إنه "في 12 أبريل 2022 استكملت الوكالة تركيب كاميرات مراقبة في هذا الموقع، ثم أزالت الأختام من على الماكينات".
وأضاف التقرير: "في 13 أبريل 2022، أبلغت إيران الوكالة أن الماكينات ستبدأ العمل في الورشة الجديدة في اليوم نفسه". ولم تذكر الوكالة إن كانت قد تأكدت من بدء تشغيل الماكينات.
تلويح بحذف المعلومات السرية
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية "بموعد نقل هذه الأجهزة" إلى منشأة نطنز، حيث تضع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاميراتها لمراقبة مستويات التخصيب.
لكن بهروز كمالوندي حذّر من أن إيران "لن تسلّم تسجيلات كاميرات المراقبة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق في محادثات فيينا" لإحياء الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن إيران "قد تحذف تلك المعلومات".
وقال المتحدث: "بسبب الغموض الذي أثير، قدمنا شروحات (للوكالة الدولية للطاقة الذرية) بأن هذه الإجراءات المتخذة تأتي في إطار الاتفاقيات وأن هناك رقابة أيضاً، ولكن حتى يتم التوصل إلى اتفاق، ستبقى المعلومات لدينا وربما يتم حذفها".
المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رفاييل جروسي يعرض كاميرات المراقبة التي تستخدمها الوكالة في المنشآت النووية الإيرانية - جنيف - 17 ديسمبر 2021 - AFP
المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رفاييل جروسي يعرض كاميرات المراقبة التي تستخدمها الوكالة في المنشآت النووية الإيرانية - جنيف - 17 ديسمبر 2021 - AFP
وأضاف: "كما في السابق، فإن كاميرات المراقبة تخزّن المعلومات، وإذا تم التوصل إلى اتفاق فإن الوكالة الدولية ستحصل على هذه المعلومات، ولكن إن لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإن المعلومات ستبقى لدينا، ومن المحتمل أن يتم حذفها".
وبمقتضى اتفاق مع إيران أبرم قبل أكثر من عام، لا تستطيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الوصول إلى البيانات التي تم جمعها بواسطة الكاميرات ومعدات المراقبة الأخرى من بعض المواقع، مثل ورش قطع أجهزة الطرد المركزي.
وقبل نقل أجزاء من منشأة كرج إلى نطنز، أبلغت إيران الوكالة أيضاً أنها ستنقل أنشطة ورشة كرج إلى موقع آخر في أصفهان، وركّبت الوكالة كاميرات هناك. وإذا دخل موقع أصفهان حيز التشغيل، فسيمثل زيادة كبيرة في قدرة إيران على إنتاج أجزاء أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
طريق مسدود
وبعد عام من المفاوضات، تم الانتهاء بشكل أساسي من مسودة اتفاق بشأن استعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، ولكن الولايات المتحدة وإيران وصلتا إلى "طريق مسدود" بشأن قضية غير نووية، إذ تطالب إيران بإزالة الحرس الثوري الإيراني، المتهم بتنفيذ وتمويل العديد من العمليات الإرهابية والتخريبية في عدة دول، من القائمة السوداء لـ"التنظيمات الإرهابية الأجنبية"، التي تضعها وزارة الخارجية الأميركية.
وكان مصدر مطلع كشف لـ"الشرق"، الخميس، أن الاتصالات الأخيرة وغير المباشرة بين طهران وواشنطن بشأن تذليل آخر العقبات التي تقف أمام إنجاز الاتفاق الشامل بشأن الملف النووي "وصلت إلى طريق مسدود".
وتوقع المصدر أن تتم الاستعاضة عن الاتفاق النووي الشامل بين الجانبين الأميركي والإيراني، بما وصفه بـ"اتفاقات وتفاهمات بينية جزئية".ورأى أن اتفاقات مماثلة "قد تكون أقل وطأة على الجانبين، كونها تتيح نوعاً من الانفراج، وتلقى قبول الطرفين من دون أن يُقدما على تقديم تنازلات كبرى أمام الرأي العام في كلا البلدين".
أرسل تعليقك