أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن قمة إسطنبول الرباعية التي عقدت أمس السبت، "كانت مثمرة وتناولت سبل الحل السياسي في سورية"، فيما رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ " دمشق تتبنى نهج الحل العسكري وهذه مقاربة لا تسهم في تحقيق الاستقرار في سورية والمنطقة".
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي تلا القمة الرباعية حول سورية في مدينة إسطنبول، حيث أعرب أردوغان عن تمنياته بأن تحمل قرارات قمة اسطنبول الخير للشعب السوري. وأشار الرئيس التركي إلى أن هدفهم هو تحقيق وقف اطلاق نار تام في سوريا وترسيخه ووقف نزيف الدماء بأسرع وقت. وشدد على أن عدم إيلاء المجتمع الدولي الأهمية اللازمة للأزمة السورية من أهم أسباب تحوّلها لأزمة عالمية.
ولفت أردوغان أنه بحث مع زعماء الدول الثلاث، سبل الوصول إلى حل سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري وتحقيق الاستقرار في البلاد. وقال: "أجرينا مباحثات مثمرة في أجواء ودية خلال القمة، ورأينا أنه بمشاركة ألمانيا وفرنسا بإمكاننا تعزيز التعاضد الذي حققناه في أستانة". وأشار إلى تفاهم الدول الأربع على وجوب استمرار إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
وفي ما يتعلق بمكافحة تركيا للتنظيمات "الإرهابية"، قال الرئيس التركي إن بلاده "ستواصل القضاء على مهددات أمننا القومي في شرق نهر الفرات في سورية على النحو الذي فعلناه في غربه"، في إشارة إلى عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون". وأضاف أن "تركيا لن تسمح للمجموعات الإرهابية بتعزيز وجودها قرب حدودها أو في أي منطقة بسورية".
أكد أردوغان أن الزعماء الأربعة اتفقوا خلال قمة إسطنبول حول سورية على زيادة التعاون سواء بين الدول الأربع أو على صعيد المجتمع الدولي. وأوضح أن زعماء تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا دعوا في قمتهم للانتهاء من تشكيل لجنة صياغة الدستور في سوريا بأسرع وقت. وأضاف أنهم بحثوا أيضا في قمتهم عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وأعرب عن ثقته بأن المشاركين في القمة سيعززون جهودهم لتحقيق تقدم في المسار السياسي بسوريا. وقال أردوغان: "عازمون على إيجاد حل للأزمة السورية سواء عبر منبر أستانة أو في مختلف المنابر مثل قمة اليوم" وأشار الرئيس التركي أنهم سيطلعون إيران على الخطوات التي أقدمت عليها الدول المشاركة في قمة إسطنبول الرباعية.
وفي ما يتعلق بمصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، قال أردوغان :"الشعب السوري هو من سيقرر وضع الرئيس". وأضاف: "بالتأكيد بالنسبة لنا فإن الأسد شخص قتل قرابة مليون إنسان من مواطنيه، لذا فإنه ليس جديرا بالاحترام بالنسبة لنا". وبيّن أن 60 ألف سوري عادوا إلى إدلب منذ الاتفاق الروسي التركي حول المحافظة في 17 أيلول/ سبتمبر الجاري. وأعرب أردوغان في هذا الإطار عن شكره لنظيره الروسي وكل من سعى للاتفاق من الأصدقاء.
ماكرون ليس مع عودة النازحين السوريين قبل الحل السياسي
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد أعلن السبت، إنّ (الرئيس) بشار الأسد يتبنى نهج الحل العسكري وهذه مقاربة لا تسهم في تحقيق الاستقرار. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقب قمة إسطنبول الرباعية التي شارك فيها إلى جانب نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وأوضح ماكرون إنه من غير المقنع والمنطقة، عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم دون تحقيق حل سياسي ينهي الأزمة في هذا البلد. وأضاف أنّه من الواجب منح الشعب السوري حق تقرير مستقبله، مشيرا إلى أهمية إنشاء سوريا جديدة تحتضن كافة فئات المجتمع.
وشدد الرئيس الفرنسي في هذا السياق على أهمية تحقيق وقف إطلاق نار شامل ودائم في محافظة إدلب. وتابع قائلاً: "لا يمكن القبول بأي استخدام للأسلحة الكيميائية سواء في المنطقة أو في مختلف مناطق العالم". وشكر ماكرون نظيره التركي على عقد القمة الرباعية في إسطنبول، مبيناً أنها كانت مثمرة ومفيدة جدا.
ودعا ماكرون إلى تهيئة الظروف الملائمة التي تسمح للسوريين بإجراء انتخابات شفافة وتحت رقابة دولية، ورسم مستقبلهم عبر وضع إطار دستوري. ولفت إلى أن الأسد لا يمثل جميع السوريين، مجددا في الوقت نفسه تأكيده على أن الشعب السوري هو المخول الوحيد بتحديد مصيره.
واعتبر ماكرون أن مكافحة التنظيمات الإرهابية في سورية، تأتي في مقدمة المسائل التي يهتم بها المجتمع الدولي. وأعرب عن ثقته بإمكانية ممارسة روسيا ضغوطا على نظام بشار الأسد فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية. وتابع قائلاً: "هناك حربان في سوريا، إحداها محاربة التنظيمات الإرهابية، وفيها نتشارك جميعنا ضد هدف واحد، أما الحرب الثانية، فهي حرب النظام ضد معارضيه، ونتيجة هذه الحرب هي ملايين اللاجئين، بالطبع لا يمكن قبول استمرار هذه الحرب، وعلينا إيجاد حل سياسي ينهي هذه الأزمة". وبالنسبة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين، شدد ماكرون على أهمية استمرار العمل مع روسيا وتركيا في هذا السياق.
وتطرق الرئيس الفرنسي إلى قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، قائلاً: "ينبغي أن يأخذ التحقيق مجراه حتى النهاية وفي مثل هذه القضايا يتوجب فرض عقوبات". وأضاف أن الجهود التي تبذلها تركيا في هذا الصدد، مهمة جداً، وأنّه تباحث في تداعيات هذه الجريمة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وتابع قائلاً: "نتبادل معلومات استخباراتية في هذا الشأن، وندين هذه الجريمة، وأود أن أقول أن هناك بعض الأدلة الملموسة في حادثة مقتل خاشقجي، ويجب الكشف عن الفاعلين وعدم تمرير الجريمة دون عقوبات تتخذ على مستوى أوروبي".
أرسل تعليقك