بيروت - العرب اليوم
قبل نحو 10 أيام من موعد الانتخابات النيابية اللبنانية المقررة في 15 مايو (أيار) الحالي، يبدو أن «الشارع السني» بدأ ينخرط في العملية الانتخابية بعد الإرباك الذي تركه قرار رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري تعليق العمل السياسي، وانعكس في فترة معينة توجهاً لدى البعض للمقاطعة.
وبعد الدعوات المتتالية التي تقوم بها دار الفتوى وشخصيات سنية تصنف في دائرة المعارضة لـ«حزب الله»؛ على رأسها قيادات سابقة في «المستقبل»، بدأ «الشارع السني» يتفاعل إيجاباً باتجاه المشاركة والابتعاد عن المقاطعة، وهو ما بدأت تلمسه الجهات السياسية التي تخوض المعركة في المناطق ذات الغالبية السنية.
وكان لدعوة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الحاسمة في خطبة عيد الفطر وقعها في «الشارع السني»؛ لا سيما أنها ليست الأولى من نوعها، حيث حذر من خطورة الامتناع عن الاقتراع في الانتخابات، وكذلك من انتخاب الفاسدين السيئين، داعياً إلى المشاركة الفعلية الكثيفة، حتى إن البعض رأى فيها خلافاً مع الحريري، وهو ما نفاه المسؤول الإعلامي في «دار الفتوى»، خلدون قواص، مؤكداً أن هناك تواصلاً مستمراً بين الطرفين، واصفاً العلاقة بينهما بالمتينة، وأوضح أن الحريري هنأ المفتي دريان بالعيد بعد إلقاء الخطبة.
ومع تأكيد قواص أن المزاج السني يتبدل بين يوم وآخر مع بدء العد العكسي للانتخابات والدعوات المستمرة لعدم المقاطعة، يلفت إلى أن دعوة المفتي للاقتراع ليست الأولى من نوعها؛ «إنما هي تأكيد المؤكد الذي سبق أن شدد عليه منذ أكثر من شهر»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن ميل البعض للمقاطعة لا يتحمل وزره الحريري. ويضيف: «(دار الفتوى) لا يمكنها أن تفرض على الناس الاقتراع؛ إنما هي تقوم بمهمتها لجهة التأكيد على أن هذا الأمر واجب وطني وأخلاقي».
ومع بدء العد العكسي للاستحقاق الانتخابي، يؤكد نائب رئيس «تيار المستقبل» السابق مصطفى علوش الذي قدم استقالته لخوض المعركة الانتخابية في طرابلس، تنفيذاً لقرار حزبه، أن ما كان مستحيلاً قبل شهر بات ممكناً اليوم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك في أن الشارع الذي كان نائماً وغير مكترث قبل شهر تبدل وضعه اليوم، وبدأنا نلمس تغير مزاج الشارع السني الذي بات يطرح علامة استفهام حول نتائج المقاطعة؛ خصوصاً بعدما لمس أنه ليس متروكاً مع عودة سفراء دول خليجية إلى بيروت وكلام مفتي الجمهورية الذي ترافق أيضاً مع ما تؤكد عليه الشخصيات التي تخوض المعركة في وجه (حزب الله)».
لكن في الوقت عينه، ينتقد علوش ما وصفه بـ«العناد المرضي عند بعض الناس الذين يزايدون على الحريري نفسه ويروجون لفكرة أنه يؤيد مقاطعة الانتخابات أو أن قرار اعتكافه عن خوض المعركة يعني المقاطعة»، ويؤكد أن خروج الحريري عن صمته من شأنه تقوية اللوائح التي تصنف في خانة المواجهة مع «حزب الله»، مضيفاً: «تبقى القضية في ضمير الحريري الذي لا شك في أنه يدرك أن لديه مسؤولية وطنية، وأن العزوف هو خطر على ناسه لا سيما في مواجهة (حزب الله)». وعن المعلومات التي أشارت إلى تواصل يسجل بين شخصيات سنية تخوض المعركة، مع الحريري لدفعه باتجاه القيام بهذه الخطوة، ينفي علوش علمه بهذا الأمر؛ لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن ذلك إذا حدث، فإن من شأنه أن يمنح بعض الإيجابية الإضافية لهذه اللوائح.
وفي انتظار ما ستفرزه صناديق الاقتراع في 15 مايو الحالي، يؤكد علوش أن «الجهود تبذل لعدم السماح لـ(حزب الله) بالحصول على أكثر من عدد النواب السنة المحسوبين عليه في البرلمان اليوم، على أن يكون الهدف الأساسي هو الفوز بأكبر عدد من النواب السنة الذي يدورون في فلك مواجهة الحزب وليسوا بعيدين عما يعرف في لبنان بـ(الحريرية السياسية)».
مع العلم بأن المشاركة السنية في انتخابات عام 2018 كانت 49.2 في المائة، وتتمثل الطائفة في البرلمان بـ27 نائباً؛ بينهم 15 نائباً ضمن (كتلة المستقبل)، و6 نواب في «اللقاء التشاوري» المحسوب على «حزب الله».
ويرتكز خطاب العديد من الشخصيات السنية التي تخوض المعركة الانتخابية هذا العام لا سيما في بيروت وطرابلس، على حث الناخب السني على المشاركة في الانتخابات، وهو ما عبر عنه رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والوزيران السابقان خالد قباني وأشرف ريفي، حيث يخوض قباني الانتخابات في بيروت بدعم من السنيورة وريفي في طرابلس بالتحالف مع حزب «القوات اللبنانية».
وقال السنيورة في حديث تلفزيوني: «الموقف الذي اتخذه سماحة المفتي ودار الفتوى كان موقفاً جيداً ليضع حداً لهذا الضياع واليأس الذي أحاط باللبنانيين بشأن المشاركة بكثافة في الاقتراع»، مشدداً على أن «الاندفاعة نحو المشاركة هي التي يجب أن نحرص عليها في الأيام المتبقية قبل 15 من الشهر الحالي، وهي أن يصار إلى تزخيم هذه الإرادة الوطنية الجامعة للبنانين من أجل النزول والمشاركة في الاقتراع».
كذلك قال قباني في حديث تلفزيوني: «نقدر ظروف الحريري، وهو لم يدع أبداً إلى مقاطعة الانتخابات، ولن يكون هناك مقاطعة»، نافياً في الوقت عينه وجود تباين بين رئيس «المستقبل» و«دار الفتوى». وأكد قباني: «لن نتخلى عن طريق الإنقاذ، وكل ما قاله الحريري هو تعليق العمل السياسي؛ أي إن هذا التعليق سيكون مؤقتاً، ونحن نكمل مسيرة عودة لبنان إلى حالته الطبيعية».
في المقابل، انتقد ريفي ما عدّها دعوة لمقاطعة الانتخابات من قبل الحريري، وقال في حديث تلفزيوني: «الحريري ارتكب (خطيئة) حين دعا لمقاطعة الانتخابات النيابية، وهي إذا حصلت؛ فستصب في خانة محور (حزب الله)»، مثنياً على دعوة «دار الفتوى» إلى عدم المقاطعة، عادّاً «المشاركة الكثيفة في الانتخابات هي المقاومة الحقيقية في وجه الاحتلال الإيراني».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الانتخابات النيابية اللبنانية في أيار المقبل ووزير الداخلية يُصدر مرسوماً وينزع فتيل أزمة
الانتخابات النيابية اللبنانية تكشف عن أحجام جديدة للكتل الرئيسية في الدولة
أرسل تعليقك