موسكو ـ ريتا مهنا
توعّدت موسكو وطهران واشنطن بردّ مؤلم، بعدما أقرّ مجلس النواب الأميركي بغالبية ساحقة مشروع قانون يشدّد عقوبات على روسيا وإيران وكوريا الشمالية، ويقوّض مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب للانفتاح على الكرملين. وكان لافتاً اعتبار فرنسا أن العقوبات تبدو مخالفة للقانون الدولي، إذ إن نطاقها الجغرافي يمتد خارج الأراضي الأميركية، مشيرة إلى وجوب تعديل القوانين الفرنسية والأوروبية لكي تلائمها.
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من أن هذه الخطوة قد تمسّ أمن الطاقة بالنسبة إلى الاتحاد، وقال: "إذا لم تؤخذ مخاوفنا بالاعتبار بما فيه الكفاية، فإننا مستعدون للتصرّف على نحو ملائم في غضون أيام". وقال شعار "أميركا أولاً" لا يمكن أن يعني أن تأتي مصالح أوروبا في المرتبة الأخيرة.
وصوّت 419 نائباً على مشروع القانون، فيما عارضه 3 نواب. وكان مجلس الشيوخ أقرّ مشروع القانون في 15 حزيران/يونيو الماضي، إذ أيّده 98 من أعضائه المئة، في مقابل اعتراض اثنين. وسيصوّت المجلس مجدداً على المشروع الذي مرّره مجلس النواب، قبل إحالته على ترامب للتوقيع عليه أو نقضه.
ووصف الناطق باسم الكرملين العقوبات بـ "أنباء سيئة" بالنسبة إلى العلاقات مع واشنطن، وبخطوة غير ودية، لافتاً إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين سيقرّر كيفية الردّ عليها حين تصبح قانوناً. وكان سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، اعتبر أن الخطوة الأميركية الجديدة لا تترك أي مجال لتطبيع العلاقات في المستقبل المنظور، واتهم مَن خطط هذا المشروع ونفذه، بإعداد خطوة ضخمة لا تتوافق مع العقل السليم نحو تدمير آفاق تطبيع العلاقات مع روسيا.
ورأى أن تبنّي المشروع كان متعمداً من أعداء روسيا الذين أطلقوا لأنفسهم العنان نهائياً، وانطلاقاً من ذلك سننظر إلى أميركا بعد الآن. ونبّه إلى أن واشنطن هي مصدر الخطر، ويجب أن نفهم ذلك وأن نعمل انطلاقاً من هذا الفهم، في شكل متزن وعقلاني. وتابع: لا يمكن إلا أن نقلق من وضع قنبلة خطرة جداً في قاعدة العلاقات بين بلدينا. وحذر من أن العلاقات الأميركية- الروسية تدخل منطقة مجهولة، سياسياً وديبلوماسياً، مستدركاً: لن ننساق للعواطف، بل سنبحث عن وسائل للتوصل إلى تسويات في شأن مسائل مهمة، مثل مكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. وأعلن قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، أن بلاده تُعدّ رداً رسمياً وقوياً»، مشدداً على أنه «لن يكون متكافئاً، بل مؤلماً بالنسبة إلى الأميركيين. ودعا إلى تقارب مع الأوروبيين الذي سيتأثرون بالعقوبات الأميركية على روسيا.
إلى ذلك، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده ستتخذ رداً مناسباً على العقوبات، وزاد: إذا داس العدو جزءاً من الاتفاق النووي أو إذا داس الاتفاق برمته، فسنفعل الشيء ذاته. وأضاف: العقوبات لن تغيّر سياساتنا أبداً. وإذا أراد الأميركيون أن يكون الشرق الأوسط الحساس منطقة مستقرة وآمنة، وأن تكون المنافذ المائية الحساسة آمنة للعالم، عليهم التخلّي عن سياساتهم العدائية والاستفزازية.
ووصف عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، مشروع الكونغرس بـ"العدواني"، متعهداً مواجهته برد حاسم. واعتبر الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن المشروع غير قانوني ومهين، منبهاً إلى أنه يعرّض التنفيذ الناجح للاتفاق النووي لخطر. أما علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد علي خامنئي، فرأى في العقوبات انتهاكاً سافراً للاتفاق، مؤكداً أن طهران سترد في شكل قاطع على هذا الإجراء العدواني.
وكان ترامب قال إنه سيشعر بدهشة إذا التزمت إيران الاتفاق، عندما يحين موعد تقويم الأمر في غضون ثلاثة أشهر، وزاد: إذا لم يتماشَ الاتفاق مع ما يُفترض أن يتماشى معه، فستكون هناك مشكلات ضخمة جداً بالنسبة اليهم. اعتقدتم بأنهم سيقولون: شكراً للولايات المتحدة، نحبكم كثيراً، لكنهم باتوا أكثر جرأة. ذلك لن يحدث لفترة أطول كثيراً.
أرسل تعليقك