كشفت أحزاب مشاركة في الحكومة السودانية، وأخرى مشاركة في الحوار الوطني الحكومي، أبرزها "حزب الأمة القومي"، بقيادة مبارك المهدي، وحركة "الإصلاح الآن"، تقديمها مذكرة إلى الرئيس السوداني عمر البشير، تطالب فيها بتنحيته وحكومته بشقيّها التنفيذي والتشريعي، استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد، والتي تطالب بإسقاط النظام وجاء ذلك في وقت تعهد محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير، بحلّ أزمة السيولة التي تعاني منها البلاد منذ أشهر، خلال أسبوعين. كما تعهد بحلها جذرياً بحلول أبريل/نيسان المقبل.
ووقّعت أحزاب الجبهة الوطنية للتغيير، وكتلة التغيير، وحزب الأمة، البالغ عددها 22 حزباً، مذكرة معنونة لرئيس الجمهورية، تطالب بنظام جديد، استناداً إلى أن النظام بتركيبته الحالية وعزلته السياسية والاقتصادية والإقليمية والدولية، ليس في مقدوره تجاوز أزمته ودعت المذكرة التي تُليت على الصحافيين في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لتدارك ما أسمته الانهيار السياسي الوشيك، تتضمن تشكيل مجلس سيادة انتقالي يتولى أعمال السيادة، وتشكيل حكومة انتقالية تجمع بين الكفاءات والتمثيل السياسي، ولا تستثني أحداً، وحل المجلس الوطني "البرلمان" ومجالس الولايات، وتكوين برلمان انتقالي من 100 عضو.
وطلبت المذكرة من رئيس الجمهورية حلّ الحكومة الاتحادية والحكومات الولائية، وتحديد موعد إجراء انتخابات وفقاً للتقدم في ملف السلام، بالتشاور مع القوى السياسية، وتنفذ الإصلاح الدستوري وإصلاح أجهزة الدولة، وإعداد قانون الانتخابات، وتكوين لجنة قومية للدستور بالتوافق مع القوى السياسية، واعتماد خريطة الطريق الأفريقية للسلام والحل السياسي في السودان وقرارات مجلس الأمن الدولي والسلم والأمن الأفريقي بشأن السودان وحذّرت المذكرة من رفض الانتقال إلى نظام سياسي جديد، وقالت إن عواقبه ستكون وخيمة تودي بالأمن الاجتماعي، وتزيد معاناة المواطنين، وتورد البلاد موارد الهلاك وبحسب متحدث باسم التحالف الحزبي، فإن الأحزاب المنضوية تحت لوائه، فشلت في تسليم المذكرة المعنونة للرئاسة، إذ قال: كان من المفروض تسليمها أمس (اليوم)، لكن للأسف لم نتمكن من تسليمها، ونأمل في تسليمها غداً.
من جهته، حيّا رئيس "حزب الأمة" مبارك الفاضل المهدي المحتجين، وترحّم على أرواح شهداء الانتفاضة السودانية، ودعا لإطلاق سراح المعتقلين وتمكينهم من حقوقهم الدستورية. وقال المهدي للصحافيين، إنهم قبلوا مبادرة رئيس الجمهورية للحوار الوطني للوصول لحلول سلمية والانتقال من حكومة حزب واحد إلى دولة الوطن، بحسن نية، بيد أنه اكتشفوا عدم وجود جدية أو إرادة سياسية لدى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وإنهم "وصلوا إلى قناعة أن الحكومة ليست لديها قدرة على تجاوز الأزمة الاقتصادية، لأنها أزمة سياسية، وحلولها سياسية، قبل انتفاضة الشعب"، وتابع: "الشعب قال كلمته في الشارع بصورة واضحة. إنه يطلب تغييراً ونظاماً جديداً".
وكان المهدي قد كشف الأسبوع الماضي، تقديم وزير ولائي يمثل حزبه في حكومة الرئيس البشير استقالته، تضامناً مع الاحتجاجات الشعبية، ونتيجة لوصوله إلى قناعة أن الحزب الحاكم لا يملك إرادة أو رغبة في الانتقال السلمي لوضع جديد وأعلن رئيس حركة "الإصلاح الآن" غازي العتباني للصحافيين سحب حركته ممثليها في المجالس التشريعية، وقال: المكتب السياسي لحركة "الإصلاح الآن" قرر سحب ممثلي الحركة من المجالس التشريعية كافة، تضامناً مع الجماهير، واستجابة لنبض الشارع.
اقرأ ايضًا :
الحكومة السودانية توقع اتفاق سلام مع المتمردين في برلين
وقالت إشراقة سيد محمود، التي تتزعم أحد أجنحة "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، إن الجبهة التي تعمل ضمنها تكونت نتيجة ثورة الشعب، وإنها تمثل سنداً ودعماً لها. وقالت: جماهير هذه الأحزاب موجودة في صفوف الثورة، من أجل الديمقراطية والاستقرار»، مؤكدة على المضي قدماً مع ثورة الشعب لتغيير النظام، وأضافت: «لا إصلاح دون تغيير النظام، وتجاربنا تقول إذا لم يحدث تغيير جذري وجراحة عميقة بتغيير النظام فلن يحدث استقرار في البلاد، ويذهب حزب المؤتمر الوطني أولاً ثم نتحدث عن إصلاح، نحن مع الشارع وسنقود هذه الثورة.
بدوره أعلن محمد طاهر عسيل عن "كتلة التغيير"، وهي كتلة برلمانية تتكون من 45 نائباً برلمانياً، إن الطريقة التي يدير بها "المؤتمر الوطني" البلاد ليست الطريقة الصحيحة، وإن الطريقة الصحيحة هي قبول الآخر وليس إقصاءه، ودعا إلى تحويل الحراك إلى حراك مجتمعي يتحدث للشعب، ويدعم ثورته بصورة كاملة ومتكاملة.
أما حسن السماني عن حزب الإصلاح القومي فقال إنهم يسعون لتجميع أكبر قوة ممكنة في "مواجهة العدو"، وأضاف: "الثورة موجودة في الصدور التي تغلي بها كالمراجل والقدور، إذا لم تتم فهذا خزي وعار علينا كلنا كسياسيين أمام الشعب" وشدّد السماني على دور الشباب في تفجير الثورة بقوله: "الشباب واقف في الميادين، ونحن نستمد قوتنا من قوة ثورة الشباب، نحن معها لأنها رفعت شعار (ارحل وبس)".
وتشهد البلاد منذ الأربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي مظاهرات شعبية عمت معظم مدن السودان، نددت بداية الأمر بغلاء الأسعار، بيد أنها تطورت لتطالب بإسقاط نظام الحكم، وواجهتها أجهزة أمن نظام الرئيس البشير بعنف مفرط، مستخدمة الرصاص الحي، وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، والهراوات، فيما نشرت قوات عسكرية كبيرة في معظم مدن البلاد، بما فيها العاصمة الخرطوم.
وبحسب إقرار رسمي، قتل في الأحداث 19 شخصاً، وجرح 406. بينما قال حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي في بيان أمس، إن أكثر من 45 شخصاً لقوا مصرعهم، فيما جرح أكثر من 100 شخص في الأحداث، وإن أجهزة الأمن اعتقلت أكثر من 2000 شخص، فيما قالت منظمة العفو الدولية إنها تملك معلومات موثوقة أن 37 شخصاً قتلوا بواسطة أجهزة الأمن السودانية.
قد يهمك أيضًا:
الحكومة السودانية ترحب بتعديل خريطة الطريق الأفريقية
مقتل 8 أشخاص في مظاهرات احتجاجية على الأوضاع الاقتصادية في السودان
أرسل تعليقك