طرابلس - العرب اليوم
أعاد الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا حالياً خطاب الكراهية إلى واجهة الأحداث، وذلك على خلفية الصراع الذي تعيشه البلاد حول السلطة، ودعوات منظمات محلية ودولية إلى الأجهزة الأمنية بضرورة الإفراج عن الصحافيين والحقوقيين المعتقلين والمختفين قسراً.وتزامنت هذه المطالب مع ذكرى إحياء «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، أول من أمس، حيث تحدث محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، عن دور الصحافة في هذه المهمة، وقال إن «إنجاز مصالحة وطنية ناجعة في ليبيا يحتاج إلى خطاب سلام وتصالح بأقلام مهنية واعية».
ولا يقتصر خطاب الكراهية في ليبيا على وسائل التواصل الاجتماعي، بل يتعداها إلى البرامج السياسية في الفضائيات المتعددة، بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي أنشئت لترويج أفكار وبرامج على أساس جهوي. وسبق للمجلس الرئاسي تدشين المفوضية العليا للمصالحة في ليبيا، بهدف العمل على إزالة الاحتقان والخصومات بين المدن الليبية، المترسبة منذ إسقاط الرئيس الراحل معمر القذافي قبل 11 أعوام، كما دعا القوى السياسية والاجتماعية كافة إلى «الانخراط في مسارات المصالحة الوطنية لإخراج البلاد من أزمتها، وتذليل الصعاب التي تعترض هذه العملية من خلال الجهود الجماعية». ومع تولي السلطة التنفيذية (المجلس الرئاسي والحكومة الوحدة) في فبراير (شباط) من العام الماضي، تراجعت حدة خطاب الكراهية بين الأوساط السياسية، لكنه سرعان ما تصاعد ثانية مع وجود حكومتين متنازعتين على السلطة.
ويقف الصحافيون في ليبيا حسب انتماءاتهم على خط الدفاع الأول في مواجهة حملات التحريض والتشكيك وبث الكراهية، مما يجعلهم مستهدفين بالاعتقال، لذا سارع المنفي بالمطالبة بـ«الحرية لكل المحتجزين منهم قسراً». وفي هذا السياق قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أمس، إن الصحافيين الليبيين «يتعرضون هذا العام لحملة متصاعدة من الاعتداءات والانتهاكات تصل لدرجة الخطف والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري من قبل الجماعات والتشكيلات المسلحة بعموم البلاد»، لافتة إلى استمرار «حالة الإفلات من العقاب نتيجة انهيار الأجهزة الأمنية، وضعف منظومة العدالة التي باتت عاجزة عن ملاحقة الجُناة ومحاسبتهم».
وعادة ما تتهم ميليشيات مسلحة بارتكاب مثل هذه الجرائم، لكنها تقيد ضد جماعات مجهولة الهوية، وذلك لعدم قدرة الأجهزة الأمنية الوقوف أمام سطوة الجماعات المسلحة ذات التوجهات الراديكالية أو السياسية أو القبلية.
وأضافت اللجنة الوطنية أن «عدم تدخل السلطات التشريعية والتنفيذية في إصدار التشريعات والقوانين، التي تكفل حماية حرية الصحافة والإعلام، عزز سياسة الإفلات من العقاب، وأعطى دافعا للمتورطين بالانتهاكات في استمرار ارتكاب مزيد من الانتهاكات». وطالبت مكتب النائب العام بفتح تحقيقات شاملة في «الجرائم المرتكبة» ضد الصحافيين والإعلاميين، ومحاسبة الجناة، وعدم إفلاتهم من العقاب.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أوضحت في 19 من أبريل (نيسان) الماضي أن عناصر جهاز الأمن الداخلي العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة القيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، احتجزت بشكل تعسفي تسعة متظاهرين سلميين وصحافياً، بعد مشاركتهم في مظاهرة جرت في مدينة سرت. ولا يزال علي الريفاوي، مراسل قناة «218» الليبية، رهن الاعتقال منذ أن اقتاده مسلحون في 26 من مارس (آذار) الماضي إلى مكان لم يكشف عنه إلى الآن. كما تحدثت خمس منظمات حقوقية ليبية عن «حملة منهجية»، تشنها بعض الأجهزة الأمنية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن سبعة نشطاء تعسفياً، و«التحريض ضدهم والتشهير بهم» على مواقع التواصل الاجتماعي.
بدوره أكد فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» المكلفة من مجلس النواب، على الدور الوطني للصحافيين في «بناء ثقافة السلام والوئام المجتمعي، ومواجهة خطاب الكراهية والتحريض على العنف». ووجه «التحية والتقدير» إلى كل الصحافيين الذين قال إنهم «يبذلون جهوداً مضاعفة لترسيخ حق المواطن في الوصول للمعلومة، وترحم على من قضوا نحبهم بحثا عن الحقيقة وفداء لرسالة القلم». متعهدا بأن حكومته «ستولي اهتماماً لإصلاح الصحافة والإعلام، وستوفر البيئة الآمنة للعمل الصحافي؛ لإيمانها بأن حرية الصحافة تمثل ركيزة أساسية للديمقراطية، وحجر زاوية في منظومة حقوق الإنسان».
وتحتل ليبيا المرتبة 143 عالمياً في مؤشر حرية الصحافة للعام الجاري، لكنها تراجعت إلى 165 في الترتيب الذي أعدته منظمة «مراسلون بلا حدود».
ودخلت السفارة الأميركية على خط الأزمة، وقالت إن «اعتقال الريفاوي؛ أو قتل المدون الطيب الشريري خارج نطاق القانون، يعتبر من الأمثلة الحديثة التي تظهر أنه لا يزال هناك عمل يتعين القيام به لضمان حرية الصحافة».
وقتل المدون الشريري مطلع مارس الماضي على يد «قوة أمنية» أثناء احتجازه، بعد أن اعتقل لمدة 25 يوماً. ودعت السفارة الأميركية في بيانها، مساء أول من أمس، إلى ضرورة حماية الصحافيين وحرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها، في ليبيا أو في أي بلد آخر.
وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» قد طالبت في فبراير الماضي، بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا بالتحقيق في «الوضع المقلق للغاية للصحافيين ووسائل الإعلام» في البلاد، وتحدثت عن تهديدات قالت إن 12 صحافيا و11 وسيلة إعلامية تعرضوا لها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك