انتشر دخان الغاز المسيل للدموع، أمس، مجدداً في مدينة عقارب بولاية صفاقس التونسية (وسط شرقي البلاد)، ليختلط بالروائح الكريهة المنتشرة من أكوام النفايات الموجودة في المنطقة. كما شهدت المدينة تعزيزات أمنية مشددة بعد منع دخول الشاحنات المحملة بالنفايات من دخول المكب، وفي ظل إضراب عام أوقف كل الأنشطة في القطاعين العام والخاص.
ووصلت وحدات من الجيش منذ أول من أمس إلى مدينة عقارب لحماية وتأمين المؤسسات العمومية بعد انسحاب الأمن، في ظل تجدد الاشتباكات وعمليات الكر والفر التي دارت بين وحدات الأمن والمحتجين في محيط مكب النفايات.وأفاد شهود عيان بأن القوات الأمنية استعملت الغاز المسيل للدموع بكثرة لتفريق المحتجين، وأكدوا أن مواجهات دارت بين المحتجين وقوات الأمن على خلفية استفزازات من الطرفين.
وتعيش مدينة عقارب منذ ليلة الاثنين الماضي على وقع احتجاجات شعبية رافضة لقرار إعادة استغلال مكب النفايات «القنة». وكشفت تقارير إعلامية محلية عن اعتقال 5 أشخاص بمدينة عقارب، بعد حرق مقر مركز الحرس الوطني بالجهة.
وتأتي هذه التطورات إثر دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) إلى إضراب عام بالقطاعين العام والخاص، وتنظيم يوم حداد، بعد الوفاة المثيرة للجدل للشاب عبد الرزاق الأشهب، رداً على التدخل الأمني في المدينة خلال الاحتجاجات، وعلى قرار السلطات إعادة فتح مكب النفايات.
وعاشت المدينة، أمس، على وقع إضراب تام شل الخدمات العامة، وأوقف مظاهر الحياة اليومية، بعد إضراب كل المؤسسات والمرافق الإدارية العمومية والخاصة عن العمل، مع غلق كل المحلات والمقاهي.
وخرج المحتجون في مظاهرات عارمة، نددوا خلالها بقرار السلطات استئناف نشاط المكب، وذلك بعد ليلة ساخنة من المواجهات بينهم وبين قوات الأمن. واستعمل المتظاهرون الحجارة لسد الطريق أمام الشاحنات المحملة بالنفايات، فيما لجأت قوات الأمن إلى القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وقال نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل، إن «عجز الدولة اليوم عن استنباط الحلول يعود لإهدار 10 سنوات دون العمل على إيجاد حلول بيئية سليمة، ودون الاشتغال بعمق على مثل هذه الملفات»، مؤكداً أن ما حدث في مدينة عقارب، وما عانته مدينة صفاقس «يعتبر وصمة عار على التونسيين، بعد أن كانت القلب النابض اقتصادياً، لتصبح جهة منكوبة بيئياً»، على حد تعبيره.
وأوضح الطبوبي أن مشكلة الوضع البيئي وتداعياته الخطيرة على السلم الاجتماعي «ستتبعها مشكلة أخطر، وهي أزمة شح المياه والتغيرات المناخيات التي ستنعكس سلباً على غلاء الأسعار».
وبدوره، أكد عدنان بوعصيدة، رئيس الجامعة التونسية للبلديات، أن ما يحدث في عقارب «يعتبر جريمة بكل معنى الكلمة»، واتهم «لوبيات الفساد والشركات المتنفذة وعدة إدارات ومسؤولين في المجال البيئي» بأنها هي التي أوصلت المنطقة إلى هذه الدرجة من التوتر الاجتماعي.
وفي سياق ذلك، أعربت 14 جمعية ومنظمة حقوقية تونسية عن اعتقادها بأن «المحاكمات السياسية تضرب عرض الحائط بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وتُضعف ثقة التونسيين في مؤسسات الدولة، وقدرتها على إيجاد حلول ناجعة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تزداد تدهوراً»، موضحة أن هذه المحاكمات «تسيء بشكل كبير إلى سمعة تونس على الساحة الدولية».
وأدانت هذه المنظمات كذلك ما عدته «تجريم حرية التعبير، وتخوين خصوم ومنتقدي الرئيس قيس سعيّد، خاصة سلفه الأسبق منصف المرزوقي»، قائلة إن الأخطاء السياسية والاتصالية التي ترتكبها رئاسة الجمهورية منذ أكثر من 3 أشهر يستفيد منها خصومه.
ونددت منظمة العفو الدولية أيضاً أمس بـ«استهداف المدنيين بشكل متزايد (من قبل القضاء العسكري)... وفي بعض الحالات، بسبب انتقادهم العلني للرئيس» الذي تولى السلطات في البلاد منذ 25 من يوليو (تموز) الماضي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تونس على صفيح ساخن بعد مقتل متظاهر في احتجاجات
الجيش التونسي يدخل مدينة عقارب بعد تجدد المواجهات وانسحاب الأمن منها
أرسل تعليقك