أسف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبدء حملته الانتخابية في وقت متأخر، بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدّمه بفارق ضئيل على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن التي حذر من أنها ستخيف المستثمرين في فرنسا؛ غير أنها نفت ذلك وأبرزت أهمية أن تكون أول امرأة تُنتخب رئيسة في تاريخ الجمهورية.
ارتفعت نسبة التأييد للوبن في استطلاعات الرأي الأخيرة، ويُرجّح أن تواجه ماكرون في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة المرتقبة في 24 الشهر الجاري. ولا يزال ماكرون متقدماً في استطلاعات الرأي حول الدورة الثانية، علماً أن فوزه كان يُعتبر محسوماً، قبل أسابيع من الدورة الأولى المقررة الأحد المقبل ويخوضها 12 مرشحاً.
وأظهر استطلاع للرأي أعدّه معهدا "أوبينيون واي" و"كيا بارتنرز" لحساب صحيفة "لي زيكو" الاقتصادية وإذاعة "راديو كلاسيك"، أن ماكرون سينال نسبة 26% من الأصوات في الدورة الأولى، مقابل 22% للوبن، و17% لمرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون، و9% لمرشح اليمين الراديكالي إريك زمور، و9% لمرشحة حزب "الجمهوريين" اليميني فاليري بيكريس. وأشار الاستطلاع إلى أن ماكرون سيفوز في الدورة الثانية بنسبة 54% من الأصوات في مواجهة لوبن، كما أفادت وكالة "رويترز".
وتنتهي الحملة الانتخابية عند منتصف ليل الجمعة بتوقيت باريس، وسيُحظر بعد ذلك على المرشحين تنظيم اجتماعات عامة وتوزيع منشورات والقيام بدعاية عبر الإنترنت، ولن تُنشر أي مقابلة أو استطلاع للرأي أو تقديرات قبل صدور النتائج يوم الأحد.
وقال ماكرون لإذاعة "آر تي إل": "مَن كان يمكن أن يدرك قبل 6 أسابيع أنني سأبدأ فجأة (بتنظيم) تجمّعات سياسية، وسأركز على ملفات محلية عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا. دخلتُ (الحملة) في وقت متأخر عمّا كنت أتمناه". واستدرك أنه يحتفظ بـ"روح الانتصار لا الهزيمة".
وفي مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان"، نبّه ماكرون إلى أن البرنامج الاجتماعي للوبن سيبعد المستثمرين الدوليين، إذا انتُخبت رئيسة لفرنسا. وقال: "البرنامج الاجتماعي لمارين لوبن هو كذبة لأنها لا تموّله... إنها تكذب عندما تقول: سأزيد معاشات التقاعد، ولن تفعل ذلك".
واعتبر أن "برنامجها سيوجد بطالة هائلة، إذ سيُبعد المستثمرين الدوليين ولن يدير الموازنة بحكمة. أساسياتها لم تتغيّر: إنه برنامج عنصري يستهدف تقسيم المجتمع، وهو متشدد جداً".
في المقابل، قالت لوبن لإذاعة "فرانس إنفو"، الجمعة، إنها "صُدمت" من اتهام ماكرون لها بالعنصرية، مشيرة إلى أن برنامجها يستهدف إعطاء الأولوية لحقوق الفرنسيين، بصرف النظر عن أصلهم. وأضافت: "إيمانويل ماكرون لا يعرف برنامجي... لا بد أنه يعتقد أنه برنامج جان لوك ميلانشون".
لوبن التي ركّزت حملتها على القوة الشرائية، ونجحت في تلطيف صورتها والاستفادة من الهموم الأساسية للناخبين، من خلال تعهدها بخفض الضرائب، نظمت تجمّعاً انتخابياً في بيربينيان، وهي مدينة جنوب غربي فرنسا على الحدود مع إسبانيا، وأكبر مدينة في البلاد يرأس بلديتها عضو في حزب "التجمّع الوطني" الذي تتزعمه لوبن. وزارت في المدينة نصب الفرنسيين المفقودين في الجزائر، بحسب وكالة "فرانس برس".
وقالت لوبن: "لم يحدث قط في تاريخ الجمهورية أن شغلت امرأة منصب رئيس الدولة. امرأة في (قصر) الإليزيه". وشددت على أنها ستكون رئيسة لفرنسا بأكملها، علماً أنها خسرت أمام ماكرون في الدورة الثانية من انتخابات 2017.
وحضت الناخبين الذين يفكرون في الامتناع عن التصويت، على الاقتراع، في ظل تكهنات بأن عدداً قياسياً من الناخبين سيمتنع عن التصويت.
وأبرزت لوبن تمايزها عن ماكرون، فتحدثت عن اقتراحها السماح للأشخاص الذين يبدأون العمل في سنّ مبكرة بالتقاعد في وقت مبكر، عكس ماكرون الذي جعل رفع سنّ التقاعد من 62 إلى 65 سنة ركيزة أساسية لبرنامجه الانتخابي، وفق "رويترز".
لكن لوبن تمسكت بمواقفها القديمة بشأن الهجرة والقانون والنظام، ودعت إلى توسيع السجون. وأشارت إلى وجوب أن يحظى الفرنسيون بالأولوية في الوظائف والسكن، ورفضت تنظيم وضع المهاجرين غير الشرعيين. وأضافت: "الحكومة التي تعمل ضد مصالح الشعب الفرنسي انتهت".
وتساءلت "فرانس برس" هل سيتكرر سيناريو فوز ماكرون على لوبن في الدورة الثانية، واحتمال تفكك "الجبهة الجمهورية" التي قطعت الطريق أمام مرشحة "التجمّع الوطني"، في ظل تيار "مضاد للماكرونية" نشأ في صفوف الرأي العام خلال ولايته.وأضافت أن مستوى المقاطعة سيكون أحد المفاتيح لتفسير نتائج الانتخابات، فيما يُرجّح أن يبلغ أو حتى يتجاوز النسبة القياسية المسجلة في عام 2002، ومقدارها 28.4%.
أرسل تعليقك