بغداد ـ نهال قباني
شنُّ زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، هجوماً لاذعاً على الحكومة العراقية على خلفية قيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيارة قاعدة "عين الأسد" في محافظة الأنبار غرب العراق. وفي بيان له أمس الجمعة قال الصدر: "أسفاً، أسفاً لحكومة العراق وسياسييها من الرضوخ لممارسة كهذه، فهي بهذا الخنوع إنما تضيع المواقف البطولية والتاريخية لهذا البلد العريق".
ولوحظ أن زيارة ترامب إلى العراق، وحّدت مواقف الكتل والأحزاب والقوى الشيعية حيالها، مقابل صمت الكرد والسنة، لكن بيان الصدر أكد وجود تباين واضح في مواقف تلك الكتل من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. ففي الوقت الذي ثمن فيه كثير من كتل وقيادات تحالف "الفتح" ما عدوه موقفاً شجاعاً من عبد المهدي بسبب ما قيل عن رفضه لقاء ترامب في قاعدة "عين الأسد"، واشتراطه أن يجري اللقاء في بغداد، فإن الصدر عد سلوك الحكومة والسياسيين العراقيين بمثابة "خنوع للسياسة الأميركية".
أقرا أيضًا: سُنّة العراق يتنازلون عن وزارة الدفاع لعسكري "شيعي" شارك في الحرب على "داعش
وطبقاً لسياسي عراقي مطلع، فإن "المواقف من زيارة ترامب إلى العراق لا تعبر في الواقع عن وحدة موقف وطني حقيقي، بل بدا أن قسماً منها اعتبرها محاولة لتصفية حسابات مع الولايات المتحدة الأميركية، والقسم الآخر رآها مجرد عملية ركوب موجة، بينما القسم الثالث يتمثل في محاولة إرضاء أطراف خارجية بما تتخذه من مواقف تجاه أميركا". وأضاف السياسي المطلع لـ"الشرق الأوسط"، أن "تباين المواقف حيال مسألة من هذا النوع أمر طبيعي، شريطة أن تكون ذات بعد سياسي بينما العنوان الواضح لهذه المواقف هو الاصطفافات العرقية والمذهبية"، مبيناً أنه "في الوقت الذي يوجد فيه الآن الشيعة والكرد والسنة في تحالفين سياسيين كبيرين يكادان يشكلان الغالبية العظمى من أعضاء البرلمان العراقي، فإن زيارة ترامب أثبتت تبايناً عميقاً في مواقف هذه الكتل من أهم القضايا التي يفترض أن لا خلاف عليها؛ وهي السيادة الوطنية والوجود الأجنبي في البلاد". وأوضح أن "السنة ما زالوا يرون أنهم بحاجة إلى الولايات المتحدة الأميركية رغم دخول قسم منهم في تحالفات واضحة مع جهات مقربة من إيران".
وأكد عضو البرلمان العراقي السابق عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، ماجد شنكالي لـ"الشرق الأوسط"، أن "الضجة التي أثيرت حول زيارة ترامب إلى العراق مفتعلة إلى حد كبير، ذلك أن الزيارة طبيعية لأكثر من سبب؛ الأول أنها كانت بعلم الحكومة العراقية كما قالت الحكومة، وكذلك البيت الأبيض، والثاني أن زيارات كبار المسؤولين الأميركيين منصوص عليها في الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين بغداد وواشنطن، وثالثاً أن ترمب زار قاعدة أميركية في ألمانيا بالطريقة نفسها التي زار فيها قاعدة عين الأسد دون أن يتحدث أحد عن انتهاك سيادة ألمانيا".
وأضاف شنكالي، أن "ما يحصل أمر غريب حقاً، إذ إن من يستنكر يحسب على المعسكر الإيراني، ومن يصمت يحسب على المعسكر الأميركي، وهذا بحد ذاته تعبير واضح عن عدم وجود قرار وطني عراقي بعيداً عن الأجندات الخارجية".
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور خالد عبد الإله في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن "السنة والأكراد ليست لديهم مواقف متشنجة حيال الولايات المتحدة الأميركية، وهذا انسحب على الموقف من زيارة ترامب"، مبيناً أن "الأهم أن هذه الزيارة كشفت في الواقع حقيقة الأمراض التي تعاني منها العملية السياسية، ومن بينها عدم عبورها الطائفية والعرقية في المسائل الأساسية".
وأضاف عبد الإله أن "هناك مطالبات ليست جديدة بشأن إلزام البرلمان بإصدار قرار أو تشريع يلزم الحكومة بانسحاب القوات الأجنبية من البلاد". وأوضح أن "السياسة العراقية ما زالت هشة، حيث لا يوجد واقع داخلي قوي ينتج سياسة خارجية موحدة، والدليل على ذلك وجود القوات التركية في مناطق شمال العراق، حيث كثرت المطالبات بإخراجها عندما كان هناك توتر بين بغداد وأنقرة، بينما اليوم حيث الأمور جيدة لم يعد أحد يتحدث عن وجود تلك القوات"، مؤكداً أن "الحديث عن السيادة بات يرتبط بإرادات خارجية وليست منهجاً وطنياً موحداً".
وقد يهمك أيضًا:
السعودية تبدو ضعيفة أمام تخطيط إيران لمسك زمام الأمور في المنطقة
أزمة صامتة بين كتلتي الصدر والعامري حول تمرير الفياض لمنصب وزير الداخلية
أرسل تعليقك