بغداد ـ نهال قباني
حثَّت المرجعية الدينية العليا في النجف، رجال الطبقة السياسية العراقية، على تغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الضيقة سواء أكانت حزبية أم خاصة أم عشائرية أم قومية أم مذهبية. وفيما فشلت المفاوضات بين كتلتي "الإصلاح" و"الإعمار" التي تضم مقتدى الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي وإياد علاوي، و"البناء" التي تضم هادي العامري ونوري المالكي والمحور الوطني في استبدال المرشح للداخلية فالح الفياض، أبلغ قيادي في تحالف البناء "الشرق الأوسط" أنه لم يعد بوسع "البناء" سوى المضي في التصويت على الفياض داخل قبة البرلمان وفقا للأطر الديمقراطية.
وكان عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، دعا أمس خلال صلاة الجمعة في كربلاء السياسيين العراقيين إلى مراعاة المصالح العامة التي ستنعكس بانبساط الخير والمصلحة على الجميع وكل عنوان شخصي أو ضيق بانتماء عشيرة أو قومي أو مذهبي يقوم بتقديم مصالحه على الآخرين دون مبالاة بتضرر مصلحة الأخير حينئذ سينعكس الضرر على الجميع وسيؤدي إلى تشتيت الطاقات والإمكانات ويجب التعاون لخدمة الجميع.
وأضاف: "حينما يسود المجتمع ظواهر مثل أن تطالب بالامتيازات من دون حساب وبلا مقابل يوازي الامتيازات المالية أو المنصبية أو الاجتماعية أو السياسية وأن تنتفع من موقعك الوظيفي أقصى ما يمكن من تحقيق الأهداف الشخصية أو لا تقدم الخدمة إلا بمقابل ومن يعطي أكثر سيكون معه وسيعطيه ومن يقف بوجهه وبمصالحه سيبحث عما يوقفه ويحد من مخططاته أو ما يقمعه ولا يهمه تضرر الوطن والعشيرة والمدينة طالما تحققت المصلحة الشخصية وعلى هذا سيصبح البلد ومؤسساته سوقا لمزايدات وساحة للصراعات".
يأتي ذلك في وقت لا توجد مؤشرات على الوصول إلى حل نهائي بشأن أزمة الوزارات الخمس المتبقية من كابينة عادل عبد المهدي وفي المقدمة منها الداخلية والدفاع. وفي هذا السياق أكد قيادي في تحالف البناء وعضو برلمان لـ"الشرق الأوسط"، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن "البناء ليس أمامه سوى الاحتكام إلى البرلمان خصوصا أنه لم تحصل أي تسوية بشأن الفياض مع كتلة الإصلاح". وأضاف القيادي والبرلماني أن هذا بمعزل عما يمكن أن يقرره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حيث إننا لا نعرف حتى الآن إن كان سيغير الفياض من جانبه أم لا لكن كل ما نعرفه أن عبد المهدي نفسه متمسك بالفياض حتى هذه اللحظة.
وردا على سؤال بشأن ما أعلنه عبد المهدي من أنه ينتظر فيما إذا كانت الكتل السياسية سوف تقدم له مرشحين جددا وهو ما يعني استعداده لتغيير الفياض أو سواه من المرشحين، يقول القيادي في "البناء" إن "كتلته متمسكة بالفياض وبالتالي فإنه في حال تم طرحه خلال جلسة اليوم السبت، فإننا سوف نطلب التصويت عليه داخل قبة البرلمان الذي سيكون له الرأي الأول والأخير في تمريره من عدمه"، مبينا أن "هذا هو الحل الأمثل لهذه القصة التي أخذت من الجميع وقتا طويلا وتحولت إلى نوع من كسر الإرادات بينما لدينا سابقتان في البرلمان وهما التصويت على رئيسي البرلمان والجمهورية بالأغلبية داخل قبة البرلمان دون أن يترتب على ذلك أي ضرر لأي طرف".
وكشف سياسي سني لـ"الشرق الأوسط"، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، أن المحور الوطني السني داخل كتلة البناء بات منقسما على نفسه مرتين... مرة ضد التصويت على فالح الفياض من قبل عدد من نواب المحور الوطني برغم الكلام المعلن أنهم ملتزمون بموقف الكتلة بالضد من موقف كتلة الإصلاح الذي لا يزال أكثر تماسكا مما جعلها تكسر النصاب مرتين، ومرة أخرى بالضد من أي مرشح لزعيم المشروع العربي خميس الخنجر رغم أنه ينتمي إلى نفس المحور ونفس الكتلة، مبينا أن الخلاف بين قادة المحور الوطني السني في كتلة البناء ينسحب على جزء من خلافهم مع السنة المنضوين في كتلة الإصلاح وهم ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي والقرار بزعامة أسامة النجيفي وهو ما ينعكس بالضرورة على ما تبقى من وزارات للسنة وهما الدفاع والتربية.
وأكد حمد الله الركابي الناطق الرسمي باسم كتلة "سائرون" لـ"الشرق الأوسط"، أن "المسألة بالنسبة لنا لا تتعلق بالأشخاص، الذين هم جميعا محترمون بالنسبة لنا، بقدر ما تتعلق بالمبدأ وهو استقرار العراق"، مشيرا إلى أن "العراق يبقى أكبر من أي اسم وبالتالي فنحن طرحنا مبادئ وأسسا يجب الالتزام بها على صعيد ترشيح الوزراء وهو ما ينبغي السير عليها". وأوضح أن "الوزارات والمناصب الأمنية مهمة جدا لاستقرار البلد وبالتالي لا بد من أن نحسن الاختيار وقد قلنا إن أفضل من يمكن أن يتولى هذه المناصب هم القيادات التي تحملت عبء المسؤولية داخل الأجهزة الأمنية وهي قادرة على إدارة هذه الوزارات".
أرسل تعليقك