طرابلس - العرب اليوم
حل محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أمس، ضيفاً في باريس، بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون، مصحوباً بنائبه موسى الكوني، في «زيارة عمل» قصيرة، ينتظر أن يتوجه في وقت لاحقاً إلى أنقرة، ما يمثل،دبلوماسياً، محاولة منه لإقامة علاقات متوازنة مع جهتين تخاصمتا في ليبيا، وتبادلتا أعنف الاتهامات.لكن العلاقات بين فرنسا وتركيا ولجت مرحلة جديدة، في إطار توجهات سلطات أنقرة، التي تعمل جاهدة لتهدئة نزاعاتها مع الاتحاد الأوروبي، بدءاً من باريس، قبل موعد القمة الأوروبية يومي الخميس والجمعة المقبلين.
لكن ماكرون هاجم في حديث مسجل، بثته قناة تلفزة فرنسية مساء أمس، تركيا، مجدداً لدورها في ليبيا، معتبراً أنها تتسبب في إيجاد «وضع بالغ الخطورة»، متهماً إياها بأنها «لم تحترم تعهداتها»، التي التزمت بها في مؤتمر برلين بداية العام الماضي. كما انتقد ما اعتبره «ميوعة» الأوروبيين في التعامل مع أنقرة، علماً بأن باريس طالبت الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا. لكن ما حصلت عليه كان مجرد عقوبات «رمزية». وسيبحث الملف التركي في القمة الأوروبية غداً وبعد غد.زيارة المنفي، التي تعد الأولى من نوعها لبلد أجنبي، لا تشكل أول اتصال بينه وبين الرئيس ماكرون، ذلك أن هذا الأخير اتصل به في السابع من فبراير (شباط) الماضي، أي بعد يومين فقط من انتخابه. كما أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أجرى معه محادثة هاتفية، وكذلك مع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في 25 من الشهر الماضي.
ووفق الموجز الذي صدر عن وزارة الخارجية، فإن لودريان طرح ما يمكن اعتباره «خريطة طريق» للسياسة الجديدة لباريس إزاء ليبيا. فيما عبرت فرنسا عن «دعمها الكامل» للسلطات الجديدة، وعن تمسكها بأن تستعيد ليبيا «كامل سيادتها ووحدتها واستقرارها». وعملياً، دعت باريس إلى التنفيذ الكامل لاتفاق وقف النار، الموقع في 23 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحت إشراف الأمم المتحدة، وإعادة فتح الطريق الساحلية، إضافة إلى حل الميليشيات ورحيل القوات الأجنبية والمرتزقة سريعاً عن ليبيا، مع التأكيد على أهمية إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وبالطبع، أعربت باريس عن استعدادها لمواكبة السلطات الليبية الجديدة.وكان منتظراً أن يبحث الطرفان ملف الإرهاب والهجرات والتعاون الاقتصادي والدفاعي، وأيضاً الملف النفطي.
وتنهج باريس، التي كانت متهمة بدعم المشير خليفة حفتر على حساب حكومة فائز السراج، سياسة جديدة أكثر «توافقية»، خصوصاً بعد قيام السلطة الجديدة التي تحظى بدعم عربي ودولي. وتقول مصادر دبلوماسية في باريس إن ليبيا ستكون خلال الأشهر والسنوات المقبلة «ساحة تنافس» بين الدول، التي تعتبر أن لها مصالح في هذا البلد المتوسطي القريب من أوروبا وبوابة أفريقيا، سواء كانت نفطية أو اقتصادية أو سياسية أو دفاعية، وأخيراً أمنية.ولذلك لا تريد باريس، الموجودة بقوة وعلى مختلف الصعد في بلدان شمال أفريقيا ودول الساحل، أن يتراجع حضورها في ليبيا إزاء إيطاليا أولاً، التي زار وزير خارجيتها طرابلس قبل ثلاثة أيام، أو إزاء روسيا، وبالطبع إزاء تركيا. ومن هنا تبرز أهمية زيارة المنفي إلى باريس ولقائه ماكرون في قصر الإليزيه.
وباختصار، فإن باريس تريد أن تحجز مكاناً متميزاً لها في ليبيا ما بعد الحرب، عندما تنطلق مرحلة إعادة بناء الدولة، وإعادة الإعمار والاستجابة للحاجات الليبية في كافة المجالات. وقد كتبت صحيفة «جون أفريك»، أمس، أن محمد المنفي لم يكن مرشح فرنسا التي راهنت على رئيس البرلمان عقيلة صالح، وعلى وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا. فيما جاء انتخاب الثنائي المنفي والدبيبة بمثابة مفاجأة لكثيرين بينهم فرنسا.وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه عقب اللقاء، أكد ماكرون أن بلاده ستعيد فتح سفارتها في طرابلس يوم الاثنين المقبل، بهدف إظهار الدعم للسلطات الجديدة، علماً بأن البعثة الدبلوماسية الفرنسية أغلقت عام 2014، رغم أنها بقيت ناشطة.
وأضاف ماكرون، الذي كان يتحدث وبجواره رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، أن فرنسا ستدعم مع شركائها الأوروبيين الجهود السياسية الليبية، مشدداً على ضرورة «انسحاب القوات التركية والروسية من ليبيا بأسرع ما يمكن، ومؤكداً العمل مع الشركاء للدفاع عن السيادة الليبية».من جانبه، ثمن المنفي القرار الفرنسي بإعادة فتح سفارتها في ليبيا، وقال إنه يأمل في تقوية أواصر التعاون بين ليبيا وفرنسا في مختلف المجالات.تأتي هذه الزيارة بدعوة رسمية من قصر الإليزيه، وتعد أول زيارة خارجية يجريها المنفي بعد توليه زمام رئاسة المجلس الرئاسي، حسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي. ومن المقرر أن يلتقي المنفي والكوني، الرئيس الفرنسي، على مائدة عشاء، قبل أن يتوجها إلى القاهرة؛ للاجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
قد يهمك ايضا:
رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد يوجه كلمة للشعب من مطار بنغازي
رئيس المجلس الرئاسي الليبي يعلن مشاورات تشكيل الحكومة بدأت وستكون جاهزة خلال 10 أيام
أرسل تعليقك