تجددت الغارات الروسية صباح اليوم الخميس على العاصمة الأوكرانية كييف، حيث دوت صفارات الإنذار، بعد ليلة وصفت بالأعنف، بحسب ما أكد مسؤولون محليون.فيما توقع العديد من المراقبين وحتى السياسيين ورؤساء دول بأن تشهد المدينة التي باتت محاصرة إلى حد بعيد من مختلف الجهات، أياما صعبة.أما جنوب شرقي البلاد، فقد أعلن ممثل قوات دونيتسك الانفصالية محاصرة مدينة ماريوبول، جنوب شرقي البلاد، على بحر آزوف.
لكن التطور الميداني الأبرز، تمثل خلال الساعات القليلة الماضية بسقوط خيرسون، المدينة الكبيرة في الجنوب الأوكراني. فقد أكّد مسؤولون أوكرانيون ليل الأربعاء-الخميس أنّ الجيش الروسي سيطر على خيرسون، التي كانت موسكو أعلنت منذ صباح أمس سقوطها في قبضة قواتها في أعقاب معارك ضارية. وقال رئيس الإدارة الإقليمية غينادي لاخوتا في رسالة على تطبيق تلغرام إنّ " الروس موجودون في كلّ شوارع المدينة وهم خطرون جداً".
وهذا يعني أن القوات الروسية بات بإمكانها الآن عبور نهر دنيبر ، الذي يقسم أوكرانيا إلى قسمين، والاتجاه غربًا وشمالًا لمهاجمة كييف من الاتجاه الثاني.
وكان إيغور كوليخاييف رئيس بلدية المدينة البالغ عدد سكانها 290 ألف نسمة كشف أنّه تحدث في مقرّ البلدية مع "مسلّحين"، في إشارة إلى عسكريين روس لم يسمّهم.
كما قال في منشور على فيسبوك "لم تكن لدينا أسلحة ولم نكن عدوانيين. أظهرنا أنّنا نعمل لتأمين المدينة ونحاول التعامل مع عواقب الغزو". إلى ذلك، أكد أن المدينة "تواجه صعوبات كبيرة في جمع الموتى ودفنهم، وتوصيل الطعام والأدوية، وجمع القمامة، وإدارة الحوادث، وما إلى ذلك". وتابع قائلا "لم أقدّم أيّ وعود" للروس وطلبت ببساطة عدم إطلاق النار على الناس".
كما أعلن رئيس البلدية أنّ القوات الروسية فرضت حظر تجوّل ليلياً في المدينة وقيوداً على حركة السيارات. إلا أنه أوضح في الوقت عينه أن "كلّ شيء على ما يرام حتى الآن"، مضيفاً أن "العلم الذي يرفرف فوقنا هو علم أوكرانيا، ولكي يبقى كذلك يجب علينا أن نحترم المطالب التي فرضتها القوات الروسية".
ومن جانبها دعت الخارجية الأميركية إلى وقف ما وصفته بـ "حمام الدم" . كما حثت في بيان، اليوم الخميس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والحكومة الروسية على "وقف إراقة الدماء فورا" والانسحاب من الأراضي الأوكرانية
فيما حذّر وزير الخارجية أنتوني بلينكن من أنّ الحصيلة "المروّعة" للضحايا المدنيين الذين سقطوا قبل أسبوع ستواصل الارتفاع. وقال خلال مؤتمر صحافي مساء أمس الأربعاء، إنّ "عدد القتلى والجرحى المدنيين والعواقب الإنسانية لن تنفكّ تزداد سوءاً في الأيام المقبلة".
كما اتهم القوات الروسية باستهداف البنى التحتية التي لا تشكل أهدافاً عسكرية، الأمر الذي نفاه الروس مرارا خلال الأيام الماضية. لكنّ الوزير الأميركي امتنع عن اتّهام موسكو باستهداف المدنيين عمداً، مكتفياً بالقول إنّ واشنطن تدرس الوضع من كثب.
من جهته قال مسؤول كبير في البنتاغون إنّه يخشى ارتفاعاً كبيراً في حصيلة الضحايا خلال الأيام المقبلة، لأنّ الجيش الروسي عازم على ما يبدو على قصف المدن الكبرى وحصارها لإجبار الأوكرانيين على الاستسلام.
وقال المسؤول للصحافيين طالباً عدم نشر اسمه "نتوقّع استخداماً مضطرداً للمدفعية عندما سيقتربون من المراكز الحضرية ويحاولون تطويقها".كما اعتبر أن "هذا نموذجي لتنفيذ حصار: عندما تريد تطويق مركز حضري وإخضاعه، وإجباره على الاستسلام، تصبح المدفعية سلاحاً مفيداً للغاية".
وأعلنت الأمم المتحدة الأربعاء أنّها سجلت مقتل نحو 230 مدنياً في أوكرانيا بينهم 15 طفلاً منذ بدء العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا قبل أسبوع، مرجّحة أن تكون الحصيلة الحقيقية أعلى بكثير.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنّها سجلت 752 ضحية مدنية في أوكرانيا يتوزعون على 227 قتيلاً و525 جريحاً، منذ بدء الحرب في 24 فبراير وحتى منتصف ليل الثلاثاء. وأضافت في بيان أنّ "المفوضية تعتقد أنّ الأرقام الحقيقية أعلى بكثير".وأشارت إلى أنّ "تلقّي المعلومات من بعض المواقع التي دارت فيها أعمال قتالية مكثّفة قد تأخّر وأنّ العديد من التقارير لا تزال تنتظر التأكيد".
وأوضحت الهيئة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة أنّ معظم الأضرار البشرية "نجمت عن استخدام أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق، بما في ذلك قصف مدفعي ثقيل وأنظمة إطلاق صواريخ متعددة، وضربات جوية". ولفتت المفوضية إلى أنّ هذه الحصيلة "أعلى من العدد الإجمالي للضحايا المدنيين الذي سجّلته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في منطقة النزاع بشرق أوكرانيا" من عام 2012 إلى عام 2018.
كما تتجاوز هذه الحصيلة ضعف عدد القتلى الذي أبلغت عنه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الاثنين والبالغ 102. وكانت وزارة الصحة الأوكرانية قد أعلنت الأحد عن مقتل 352 مدنيا، وقالت الثلاثاء إن 16 طفلا لقوا حتفهم.
ووفق إحصاءات الأمم المتحدة، فإنّ من بين القتلى جرى التعرّف على 31 رجلاً و25 امرأة وستة صبيان وثلاث فتيات. وأوضحت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنّه لم يعرف بعد جنس ستة أطفال و156 بالغاً.
يذكر أن العملية العسكرية الروسية كانت انطلقت في 24 فبراير (2022) بعد أيام على اعتراف موسكو باستقلال منطقتي دوغانتسيك ولوغانسك الانفصاليتين في الشرق الأوكراني، وذلك بعد أشهر من التوتر المتصاعد بين الكرملين والغرب.
ما دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فضلا عن بريطانيا وأستراليا وكندا واليابان وغيرها إلى فرض عقوبات قاسية وموجعة على الروس، كما أدى إلى تدفق السلاح الغربي والدعم العسكري لكييف، من أجل مواجهة الهجوم الروسي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
مسؤولون أوكرانيون يؤكّدون سيطرة الجيش الروسي على مدينة خيرسون
قوات روسيا على مقربة من أكبر محطة نووية في أوكرانيا وحشود بالطريق لكييف
أرسل تعليقك