الملفات الأمنية المفتوحة في تونس تعمّق الأزمة بين رئاسة الجمهورية والنهضة
آخر تحديث GMT07:35:08
 العرب اليوم -

معركة سياسية حامية يقودها "التنظيم السري" تنهي تحالف السبسي والغنوشي

الملفات الأمنية المفتوحة في تونس تعمّق الأزمة بين رئاسة الجمهورية و"النهضة"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الملفات الأمنية المفتوحة في تونس تعمّق الأزمة بين رئاسة الجمهورية و"النهضة"

الجبهة الشعبية التونسية
تونس ـ كمال السليمي

أطلق عدد من المحامين والحقوقيين اليساريين وزعماء "الجبهة الشعبية التونسية"، التي تضم أكثر من عشرة أحزاب يسارية وقومية تونسية، والتي يتزعمها حمة الهمامي، معركة إعلامية وسياسية غير مسبوقة مع قيادة حركة "النهضة الإسلامية"، بزعامة راشد الغنوشي. ولذلك يتوقع عدد من المراقبين أن تؤثر هذه الحملة بقوة في المشهد السياسي التونسي، وفي سير الاستعدادات للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة لخريف العام المقبل. ورغم انتماء غالبية هؤلاء المحامين واليساريين إلى المعارضة، فإن تزامن إطلاقهم هذه المعركة وفتح ملفات أمنية سياسية خطيرة ضد قيادة حركة النهضة، مباشرة بعد إعلان الرئيس التونسي القطيعة مع الحركة الإسلامية، أثار نقاط استفهام كثيرة حول مستقبل العملية الانتخابية والتطورات السياسية في تونس برمتها.

ومن بين أبرز القضايا التي تثير الانتباه في هذا الملف، هي أن الحرب الإعلامية الواسعة ضد قيادة حركة النهضة، وبخاصة بعد اتهامها بتشكيل "تنظيم سري" تورط في ممارسة أعمال عنف، والتجسس على الدولة وبعض السفارات الأجنبية، انفجرت بعد أسبوع واحد فقط من إعلان الرئيس الباجي قائد السبسي وقياديين في حزبه "نداء تونس"، مثل الوزير السابق رضا بالحاج، والبرلمانية أنس الحطاب، القطيعة بين رئاسة الجمهورية و"النهضة" التي يتهمونها بالانحياز إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحلفائه في معركتهم الضروس مع قصر قرطاج.

وحاولت تصريحات بعض قادة حركة "النهضة"، بينهم رئيسها راشد الغنوشي ونواب الرئيس الثلاثة عبد الفتاح مورو وعلي العريض ونور الدين البحيري، والوزير السابق رفيق عبد السلام، طمأنة رئاسة الجمهورية ومؤسسات الدولة، وبخاصة المؤسسة الأمنية والعسكرية، بالتأكيد على الطابع المدني والسلمي للحركة، وتمسكها بخيار التوافق والشراكة السياسية. لكن أطرافاً إعلامية وحقوقية وسياسية يسارية كثيرة حملتها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، واستخدمت مجدداً ورقة الملفات الأمنية، وتهمة تورط النهضة في اغتيال المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد الإبراهمي عام 2013، إلى جانب إعادة اتهامها بتنظيم محاولات انقلابية في 1987 و1991.

ورغم تواصل الحملات ضد قيادة النهضة بشكل يومي تقريباً في القنوات التلفزيونية والإذاعية والاجتماعية، فإن المحامين اليساريين وقيادة الجبهة الشعبية، الذين فجّروا هذه المعركة السياسية الجديدة، فشلوا في تحقيق هدفهم المعلن أول الأمر، أي دفع غالبية الأحزاب والمنظمات والسياسيين نحو الانخراط في حملة تشهير وطنية بحركة النهضة، وزعمائها بتهم العنف والإرهاب، مع الدعوة إلى إصدار قرار بإلغاء الترخيص القانوني الذي حصلت عليه عام 2011. لكن التصعيد الإعلامي، الذي يقوده محامون وزعماء اليسار الراديكالي وحلفاؤهم داخل حزب الرئيس الباجي قائد السبسي، لم يقف عند هذا الحد، بل تطور إلى حملات خطيرة منظمة، حيث جرى اتهام بعض زعماء "النهضة"، استناداً إلى ملفات أمنية وقضائية، باختراق المؤسستين الأمنية والعسكرية، وتشكيل تنظيم سري داخل مؤسسات الحزب القانوني.

ولم يصدر عن الرئيس الباجي قائد السبسي أو مستشاريه ما يفيد انخراطاً مباشراً في حرب الملفات الأمنية ضد قيادة «النهضة»، التي يتهمونها بإنهاء التوافق من جانب واحد مع رئاسة الجمهورية. لكن الناطقة الرسمية باسم الرئاسة، المستشارة والناشطة اليسارية والحقوقية السابقة سعيدة قراش، أدلت بتصريح أعلنت فيه عن بدء النيابة العامة التحقيق في صحة الملفات الأمنية، والاتهامات التي وجت إلى حركة النهضة.

وفي حين التزمت رئاسة الحكومة الصمت اتجاه هذا الملف، أعلنت وزارة العدل فتح تحقيق قضائي. لكن يظل المسكوت عنه في نظر كثير من السياسيين والإعلاميين هو مدى وجود إرادة سياسية لدى عدد من صناع القرار للقطع مع مرحلة الحصانة السياسية، التي منحها قائد السبسي إلى صديقه راشد الغنوشي، ورفاقه في حزب النهضة منذ 2011، كما يعتبر كثيرون أن الهدف الأكبر من وراء هذه الحملة الإعلامية هو إيقاف المصالحة بين الدولة وحزب النهضة، التي بلغت أوجها في صيف 2016 عندما حضر رئيس الجمهورية المؤتمر العاشر للحركة، وذلك بحضور أبرز كوادر الدولة، وحزب النداء ورؤساء البعثات الدبلوماسية. كما يرى عدد من المراقبين أن العودة مجدداً إلى اتهام قيادة حزب النهضة بالتطرف والإرهاب من طرف كبار الفاعلين السياسيين داخل قصر الرئاسة، والحزب الحاكم، وداخل وسائل الإعلام والنقابات، يعمّق بشكل أكبر وأوضح أزمة الثقة داخل النخب والمجتمع والطبقة السياسية.

وفي الوقت الذي يسعى فيه مجلس شورى حركة النهضة إلى احتواء الأزمة مجدداً، يتابع النشطاء والمحامون والإعلاميون اليساريون حملتهم ضد ما أسموه بالتنظيم السري للحركة، وتبعيتها إلى التنظيم الدولي لـ"الإخوان المسلمين". كما لم تسفر لقاءات رئيس الحركة بالرئيس التونسي، ثم برئيس الحكومة يوسف الشاهد عن بلاغات رسمية باسم الرئاسة والحكومة تبرئ النهضة، المشاركة في الائتلاف الحاكم خمسة وزراء، من تهم التطرف والإرهاب والتجسس على السياسيين، وعلى أجهزة الدولة والسفارات الأجنبية في تونس. كما لم يصدر أي مسؤول من قصر الرئاسة تصريحاً يفصل بين إعلان القطيعة بين الرئيس وقيادة النهضة من جهة، والاتهامات الخطيرة التي وجهها لها مؤخراً محامون وسياسيون محسوبون على اليسار وأقصى اليسار، من جهة ثانية.

في هذا المناخ المشحون، تسير الأوضاع في تونس، حسب كثير من المراقبين السياسيين، نحو دعم حركة النهضة للجبهة البرلمانية والسياسية، التي بدأت تتشكل منذ أشهر حول رئيس الحكومة الشاب يوسف الشاهد، الذي رفضت "النهضة" الإطاحة به، رغم الضغوط التي تمارسها رئاسة الجمهورية وقيادات كثيرة من النقابات والأحزاب منذ مطلع العام. فهل تؤدي حرب الملفات الأمنية والإعلامية إلى استفحال القطيعة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وقيادة "النهضة"، رغم الوساطات التي يقوم بها بعض الساسة؟ أم تتغير الأجندات بعد مصادقة البرلمان على قانون المالية وميزانية الدولة لعام 2019 بعد أسابيع؟ كل السيناريوهات تظل واردة، وبخاصة بعد أن نشرت وسائل إعلام محلية تصريحات لمسؤولين بارزين في قيادة "النهضة"، مثل الوزير السابق لطفي زيتون، وعضو المكتب السياسي سيد الفرجاني، تعارض الاصطفاف وراء رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وترشيحه لرئاسيات 2019.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملفات الأمنية المفتوحة في تونس تعمّق الأزمة بين رئاسة الجمهورية والنهضة الملفات الأمنية المفتوحة في تونس تعمّق الأزمة بين رئاسة الجمهورية والنهضة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
 العرب اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية

GMT 09:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 15:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

توتنهام يتأخر بهدف أمام أستون فيلا في الشوط الأول

GMT 11:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 21:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab