تتجه الحكومة العراقية إلى إعادة هيكلة وانتشار القوات الأمنية في مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى التي سيطر تنظيم داعش على معظمها في يونيو /حزيران 2014، ثم أعادت القوات الحكومية والقوى المتحالفة معها السيطرة عليها بحلول يوليو /تموز 2017.
وأبلغ مصدر عسكري رفيع إلى جريدة "الشرق الأوسط"، أن "الحوادث الأمنية والخروقات التي وقعت مؤخرًا في الموصل والشكاوى المتواصلة من الفوضى في القوى الأمنية، إلى جانب التجاوزات التي ترتكبها بعض فصائل الحشد، دفعت القيادات العليا إلى التفكير الجدي في إعادة النظر في طبيعة القوات المسؤولة عن الأمن في عموم نينوى".
ويؤكد المصدر "تفكير القيادات الأمنية العليا في إخلاء الموصل من فصائل الحشد والقوى الأخرى، والاعتماد على عمليات نينوى المؤلفة من الجيش والشرطة"، وكانت خلايا تنظيم "داعش" قتلت أربعة مدنيين بهجوم مسلح نفذوه، مساء أول من أمس، على قرية شكيج التابعة لقضاء الحضر جنوب المحافظة.
وتشتكي جماعات غير قليلة في مدينة الموصل من التجاوزات التي تقوم بها عناصر من "الحشد الشعبي" وبقية الأجهزة الأمنية وقيامها بحالات قتل وابتزاز للمواطنين، وإرغامهم على دفع إتاوات على شكل مبالغ مالية.
وفي الأسبوع الماضي، أوقف شرطي في منطقة الغابات في الموصل مجموعة أفراد تقلهم عجلة دفع رباعي سوداء اللون؛ للتأكد من وجهتم ووثائقهم الرسمية، ذلك أن الغابات منطقة سياحية ترتادها بشكل معتاد العوائل الموصلية، فحدث شجار بين الطرفين أدى إلى مقتل الشرطي الذي ينتمي إلى الطائفة الشبكية في نينوى وهرب المجموعة.
وتؤكد جهات أمنية وسياسية انتماء المجموعة إلى "عصائب أهل الحق" المنتمية إلى "الحشد الشعبي" المتواجد في الموصل ومناطق نينوى، في حين أعلن قائد عمليات نينوى نجم الجبوري، أن المجموعة المنفذة لحادث القتل "تنتمي إلى جهات محسوبة على الحشد الشعبي".
ويؤكد عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى محمد البياتي "سريان خبر انتماء المجموعة التي قتلت الشرطي إلى (عصائب الحق)"، لكنه يقول "لا أستطيع أن أجزم بذلك لعدم توفر معلومات كافية عن الحادث بالنسبة لي؛ إذ كنت خارج الموصل حين وقوع الحادث"
وكشف البياتي إلى جريدة "الشرق الأوسط"، عن اجتماع كان مقررًا أن تعقده اللجنة الأمنية مساء أمس للتباحث بشأن مجمل الأوضاع والخروقات الأمنية في المحافظة. وحول شكاوى السكان من التجاوزات التي تقوم بها عناصر من الحشد، يقول "نعم، توجد تجاوزات، لكنها غير مرتبطة بعناصر الحشد فقط وتمارسها عناصر من مختلف القوى الأمنية، هذه قضية مقلقة بالنسبة لنا ونسعى إلى معالجتها".
وأكدت المصادر على الرغم من إصدار الحكومة الاتحادية في يناير /كانون الثاني الماضي أوامر بانسحاب الحشدين العشائري والشعبي من داخل الموصل وتمركزهما خارج المدينة، بقاء مقرات تلك الفصائل وانتشارها في أحياء كثيرة من الموصل، وعند هذه النقطة يعتقد البياتي أن "بقاء قوات الحشد داخل المدينة ضروري في هذه المرحلة لمنع عودة عناصر (داعش)؛ فهم يخشون جماعات الحشد كثيرًا ، ثم إن نينوى عمومًا في حاجة إلى 32 ألف شرطي، ولا يوجد اليوم إلا بحدود الـ12 ألف عنصر، وهو عدد غير كافٍ للسيطرة على ملف الأمن".
ويؤكد عضو مجلس محافظة نينوى حسام العبار "حاجة المحافظة إلى توحيد القرار في صفوف قواتها الأمنية وزيادة عدد عناصر الشرطة"، وعن الأنباء التي تتحدث عزم القيادات الأمنية القيام بهيكلة لقواتها في الموصل وعموم نينوى، قال العبار في حديث إلى "الشرق الأوسط"، "نعم، سمعنا بذلك، لكن لم تصلنا حتى الآن كتب رسمية بشأن هذه الموضوع".
كشف العبار بشأن التصاريح الأمنية المشددة التي تضعها الجهات الأمنية لترويج معاملات المواطنين ويعاني منها سكان نينوى، أن "مجلس المحافظة أصدر قررًا قبل أيام بأن يكون هو الحلقة الوحيدة المشرفة على التصاريح بهدف تقليل معاناة الناس، وهذا القرار صدر بالتنسيق مع خلية الأمن الوطني".
ويعترف العبار بالخروقات الأمنية التي تحدث بين فترة وأخرى، والتجاوزات التي ترتكبها بعض جماعات الحشد، ويرى أن عودة الجيش والشرطة من أبناء المحافظة مسألة في غاية الأهمية، وغالبًا ما تحدث إشكالات بين المواطنين وبعض القوات من الحشد وغيره، وكان آخرها مقتل الشرطي في اشتباك مع عناصر من (عصائب أهل الحق).
وأعلن الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن، أمس، تمكن استخبارات الشرطة الاتحادية العاملة ضمن وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية من إلقاء القبض على "عنصرين من عصابات (داعش) الإرهابية في محافظة نينوى"، وذكر بيان أصدرته خلية الإعلام الحربي، أن العملية أتت بعد ورود معلومات دقيقة عن تواجد الإرهابيين، وهما مشتركان في القتال ضد قواتنا الأمنية فيما تسمى (غزوة قراج مخمور) وهما من المطلوبين على لائحة الإرهاب".
أرسل تعليقك