تقترب القوات العراقية من السيطرة على المضاف الأكبر لتنظيم "داعش"، الواقعة في أطراف سلسلة جبال حمرين شمال بغداد، في وقت تقترب مهلة تسجيل الأحزاب السياسية، الراغبة بخوض الانتخابات، على الانتهاء، في وقت مازال حزب الدعوة لم يكمل إجراءات التسجيل وفي مقدمتها عقد مؤتمره العام.
لكنّ مفوضية الانتخابات أبقت الباب مفتوحاً أمام الاحزاب التي تعجز عن إقامة مؤتمرها التأسيسي في حال استكملت بقية الإجراءات، وتحولت منطقة"مطيبيجة"، ذات الجغرافية المعقدة، خلال السنوات الماضية، الى محطة استراحة لمقاتلي التنظيم والهاربين من المدن التي حررتها القوات الاتحادية، وبعد عدة عمليات عسكرية نفذتها القوات المشتركة خلال الاعوام الماضية،ولم تسفر عن مسك الارض، قررت هذه المرة تنفيذ حملة حاسمة.
والتقت القطعات العسكرية القادمة من محافظتي ديالى وصلاح الدين، يوم أمس، في مطيبيجة، بعد 24 ساعة من انطلاق العملية.
وبدأت القوات بعمليات تفتيش وتدقيق، في ما يعتقد أن أغلب مسلحي التنظيم لجأوا الى الجبل، وأعلنت قيادة العمليات المشتركة، السبت، انطلاق عملية تحرير"مطيبيجة"من ثلاثة محاور. وقالت القيادة في بيان لها ان"قواتنا البطلة من تشكيلات قيادات عمليات صلاح الدين وسامراء ودجلة قامت بحملة مداهمة وتفتيش في منطقة مطيبيجة والمناطق والقرى المحيطة بها لملاحقة المجاميع والمطلوبين للقضاء".
بدوره يؤكد مروان الجبارة، القيادي في الحشد الشعبي، أن"أغلب مسلحي داعش الذين هربوا من ناحية العلم والدور (شرق تكريت)، ومن الحويجة (جنوب غرب كركوك) والموصل، لجأوا الى مطيبيجة"، وتقع المنطقة، التي تضمّ مجموعة كبيرة من القرى، أسفل جبل حمرين، وتربط بين محافظني صلاح الدين وديالى.
ويقول الجبارة، قائد لواء 88 في حشد صلاح الدين، ان"مطيبيجة بدأت تهدد الضلوعية وسامراء وقضاء الدور، كما كانت تعد ممراً مهماً الى الحويجة عبر منطقة الفتحة جنوب كركوك"، وعندما انطلقت عملية تحرير مناطق غرب كركوك من سيطرة داعش، في أيلول الماضي، قررت القيادة العسكرية منع مقاتلي التنظيم من العودة الى المخابئ السابقة في الجبال الوعرة.
ووضعت القيادة خطة لمهاجمة المواقع التي كان يعتقد أنّ المسلحين سيلجأون إليها في وقت المعركة، وشنت هجوما، متزامنا مع عملية الحويجة، للسيطرة على سلسلة جبال حمرين الممتدة من ديالى الى كركوك، وتمكنت القوات المشتركة، التي ضمت قطعات من الحشدين الشعبي والعشائري، من قتل عشرات المسلحين في الهجوم الاخير، وعثرت على مخازن سلاح، ومخابئ بمواصفات"فندقية"داخل الجبال.
ويقول الجبارة"بعد ان تحررت الحويجة ضاقت المساحة على المسلحين، وانقطعت الامدادات، وصار القضاء عليهم أسهل من قبل"، وبعد تحرير الحويجة، قررت القوات تخصيص أعداد كبيرة من القوات، أغلبها من حشد العشائر، لمسك السلسلة الطويلة التي تمتد لنحو 200 كم.
ويؤكد القيادي في حشد صلاح الدين أنّ"القوات في عملية التطهير الجديدة لمطيبيجة فجرت عددا من المضافات والعبوات الناسفة، كما قتلت عددا من المسلحين"، لكنه يعترف بهروب بعض المسلحين الى الجبل.
وفي 21 أيلول الماضي، حينما هاجمت القوات ساحل الشرقاط الأيسر، أصدر داعش أوامر الى مقاتليه بالانسحاب الى الجبال، ومنذ آب الماضي، وقبل خسارة التنظيم للموصل بشكل كامل، أعلن التنظيم عن تشكيل (ولاية الجبل)، أو (حمرين)، وقدر حينذاك، عدد المسلحين في تلك المناطق بنحو 200 مقاتل. وكانت أعدادهم قد تضاعفت بعد تحرير الموصل.
ويعتقد الجبارة أن داعش ربما اختفى ايضا داخل أنفاق في المنطقة الوعرة، التي تضم مبازل ومستنقعات كبيرة وبعض المرتفعات.
وأكد القيادي في الحشد أن"طيران الجيش والقوة الجوية، ضربا عدة أنفاق، كما كانت هناك غارات قبل بدء العمليات البرية"، وأعلنت قيادة القوات البرية، أمس الأحد، تطهير 25 قرية وتفجير 15 عبوة ناسفة ومعالجة خندقين اثنين، وثلاثة أنفاق، ومعبر يستخدمه العدو ووكر مفخخ، فضلا عن تدمير دراجتين ناريتين مفخختين من قبل طيران الجيش".
وكانت قيادة عمليات دجلة قد أعلنت، السبت، عن تدمير ست مضافات لتنظيم داعش، وتفجير خمس عبوات ناسفة تحت السيطرة في عملية التطهير، ومن المفترض أن تنهي العملية الاخيرة التهديد الواسع الذي كان يأتي من تلك المنطقة.
إذ يتعرض طريق تكريت- الطوز الى هجمات دائمة انطلاقاً من مطيبيجة، وعلى مدى العامين الماضيين، نفذت القوات الامنية في المحافظتين بالاضافة الى الحشد الشعبي، حملات عسكرية كان أغلبها لمطاردة ما يشبه الأشباح، إذ لم تسفر العمليات عن إنجاز ملحوظ.
وكان "داعش" يتحرك بحرية في تلك القرية، مستغلا خلافا عسكرياً بين 4 قيادات عمليات تتواجد في محيط المنطقة. وكانت تلقي كل قيادة مسؤولية الامن في"مطيبيجة"على الجهات الاخرى، لكنّ عضو اللجنة الامنية في ديالى عبد الخالق العزاوي، أكد ان"قوات من الشرطة والجيش من المحافظة وصلاح الدين ستمسك المنطقة بعد تحريرها".
وهجر سكان المنطقة مساكنهم قبل 3 سنوات، عندما سيطر "داعش"، على أجزاء من ديالى وصلاح الدين وأعلن بعد ذلك ولاية (الجبل)، وأضاف العزاوي ان "القوات المقبلة من المحافظتين التقت اليوم (أمس) في المنطقة وبدأت عمليات تفتيش للـدور، خوفا من وجود مسلحين أو عبوات". وأكد"وجود خطة لملاحقة المسلحين الذين فروا الى الجبال".
وفي غضون ذلك تقترب مهلة تسجيل الأحزاب السياسية، الراغبة بخوض الانتخابات، على الانتهاء، في وقت مازال حزب الدعوة لم يكمل إجراءات التسجيل وفي مقدمتها عقد مؤتمره العام. لكنّ مفوضية الانتخابات أبقت الباب مفتوحاً أمام الاحزاب التي تعجز عن إقامة مؤتمرها التأسيسي في حال استكملت بقية الإجراءات.
وكشفت، في نيسان الماضي، أنّ الخلافات أجبرت الدعوة الى تأجيل عقد مؤتمر الحزب لأكثر من عامين بعد أن كان مقرراً في 2015. وأشارت المصادر وقتها الى "تخوف كبير بين قيادات الحزب من أن يؤدي عقد المؤتمر الانتخابي إلى انشقاقات متعددة بسبب خلافات المالكي والعبادي والأديب".
وألقى هذا الخلاف ظلاله على استعدادات الحزب لخوض الانتخابات المقبلة. إذ يقترب من تبنّي خيار النزول بقائمتين يقود كلّاً منها المالكي ورئيس الوزراء حيدر العبادي، حلّاً لتنافس الرجلين.
ويقول قيادي بارز في حزب الدعوة إنّ "المؤتمر العام لحزب الدعوة تأخر لمدة عامين بسبب الخلافات والمشاكل بين أمين عام الحزب نوري المالكي وحيدر العبادي، التي ساهمت بتأجيل عقده لأكثر من مرة"، وبالرغم من الخلافات التي منعت انعقاد مؤتمره العام، إلّا أنه حصل على إجازة تأسيس من مفوضية الانتخابات تسمح له بخوض الانتخابات المحلية والبرلمانية المقبلة.
ويوضح المصدر الوثيق الاطلاع، طالباً عدم كشف هويته، أن "حزب الدعوة حسم أزمة مشاركته في الانتخابات المقبلة وقرر الدخول بقائمتين، تكون إحداهما بزعامة نوري المالكي وأخرى بقيادة حيدر العبادي، حلاً للتقاطعات التي حدثت بين الرجلين على التسلسل رقم واحد".
ويؤكد القيادي في حزب الدعوة أن "قيادة الحزب ستنقسم إلى قسمين، أحدهما سيكون مع المالكي، والآخر مع العبادي، مع منح الحرية للمرشحين ضمن الدعوة بالانضمام إلى أي من القائمتين"، مشيراً إلى أن "غالبية دعاة الحزب مع المالكي".
ويضيف المصدر الواسع الاطلاع بأن "العبادي كان متمسكاً بالحصول على رقم واحد في قائمة حزب الدعوة الانتخابية"، معتبراً أن "المشاركة بقائمتين انتخابيتين لحزب الدعوة تندرج ضمن الحلول للخلافات بين قيادة الحزب".
ويعترف النائب السابق بأن "الخلافات بين المالكي والعبادي انعكست على شخصيات في داخل حزب الدعوة تم إبعادها"، متوقعاً "استمرار إقصاء وإبعاد بعض الشخصيات من داخل حزب الدعوة بسبب التقاطعات داخل الحزب"
ويرجح القيادي في حزب الدعوة أن "يتم إبعاد مزيد من أعضاء الحزب قبل عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الدعوة في حال انعقاده هذا العام بهدف منعهم من الوصول إلى الهيئة القيادية الجديدة". وكشف عن "وجود ضغوطات من جناحي العبادي والمالكي لعقد مؤتمر تأسيسي للحزب خلال الفترات المقبلة".
ويلزم قانون الاحزاب وتعليمات مفوضية الانتخابات، الاحزاب والكيانات السياسية، التي حصلت على إجازة تأسيس، بعقد مؤتمر تأسيس خلال فترة لا تتجاوز التسعين يوماً كشرط أساس لخوض غمار الانتخابات.
وحول خيار تعدد القوائم الذي لجأ إليه حزب الدعوة، يقول النائب خلف عبدالصمد، رئيس كتلة الدعوة البرلمانية إن "الحزب ناقش المشاركة في قائمة واحدة أو قائمتين، وهناك من يرى الدخول بقائمتين وقسم آخر يفضل المشاركة في قائمة واحدة ولكل منهما أسبابه".
ويؤكد عبد الصمد ، أن "القرار رفع إلى الهيئة القيادية لحزب الدعوة التي ستحدد خلال الفترات المقبلة قرار الدخول بقائمة واحدة أو قائمتين"، معتبرا ان "الخلافات التي تحصل هي عامل قوة في كل حزب وليس ضعفا".
وينفي القيادي في حزب الدعوة وجود خلافات داخل حزب الدعوة سوى ما يتعلق بأداء الحكومة، مؤكداً "لا وجود لمشاكل في التنظيم أو بالفكر أو العقيدة"، وبشأن تأخر عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الدعوة رغم حصوله على إجازة تأسيس، يقول خلف عبدالصمد إن "تأخير عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الدعوة ليس المرة الأولى"، وقلل من أهمية الحديث عن خلافات داخل الحزب عرقلت انعقاد مؤتمره العام لأكثر من مرة.
ويردف النائب عن البصرة "هناك مشاكل طبيعية أسهمت بتأخر عقد المؤتمر، تتمثل بوجود دعاة خارج العراق"، مستبعداً إجراء مؤتمر عام لحزب الدعوة في الوقت الحالي"، مرجحاً تأجيله إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، وبشأن تحالفات حزب الدعوة، يقول عبدالصمد خلف "هناك مفاوضات لحزب الدعوة مع عدد من الأطراف لكن لم تصل إلى مستوى التحالفات".
وكان المتحدث باسم مجلس مفوضية الانتخابات كريم التميمي قد قال الأسبوع الماضي، إن"المفوضية حددت 21 من كانون الأول كموعد نهائي لغلق باب التسجيل أمام الأحزاب الراغبة بالمشاركة في الانتخابات المقبلة".
وفتحت المفوضية باب تسجيل التحالفات السياسية في 19 تشرين الثاني الماضي على أن يتم إغلاق التسجيل يوم 28 كانون الأول، وفي السياق ذاته، تؤكد مفوضية الانتخابات أنها "أصدرت أنظمة ولوائح وتعليمات تنظم العمل في قانون الأحزاب رقم 36 الذي صوت عليه مجلس النواب عام 2015 تشترط على الحزب السياسي بعد حصوله على إجازة التأسيس، إقامة مؤتمر للهيئة العامة خلال فترة تسعين يوما من منحه الترخيص".
وأوضح رياض البدران، مدير الدائرة الانتخابية، ان "مؤتمر الهيئة العامة يتخلله إقرار النظام الداخلي والبرنامج السياسي. في حال تم تثبيت آلية انتخاب الهيئة القيادية في المؤتمر العام يصار إلى انتخاب الهيئة العامة".
وأضاف البدران "في حال حصول تقاطعات وخلافات داخل الحزب، الذي منح إجازة تأسيس، تعيق إجراء المؤتمر بإمكانه تقديم تقرير مفصل إلى دائرة الأحزاب في مفوضية الانتخابات للمطالبة بتأجيل المؤتمر التأسيسي لفترة محددة تحددها الظروف الموجبة".
وتابع عضو مجلس المفوضية "بعد منح الحزب السياسي إجازة من يحوّل ملف الحزب إلى قسم المتابعة، الذي يقوم بالتنسيق مع هذه الأحزاب لعمل مؤتمرات تأسيسية لإنجازها في التوصل لاختيار الهيئة القيادية الجديدة".
ويؤكد البدران أن "مشاركة أي حزب جديد في الانتخابات المقبلة مشروطة بحصوله على إجازة التأسيس المقيدة بإجراء مؤتمر تأسيسي للحزب خلال تسعين يوما، التي تتضمن انتخاب رئيس وهيئة قيادية جديدة للحزب". ويشدد بالقول "لا يحق للحزب الذي حصل على إجازة تأسيس خوض غمار الانتخابات المقبلة من دون عقد مؤتمر تأسيسي". لكنّ عضو مجلس المفوضية يؤكد أن "الأحزاب القديمة غير مطلوب منها إجراء مؤتمرات تأسيسية على اعتبار أنها عقدت هذه المؤتمرات في وقت سابق، ولديها رئيس للحزب وهيئة عامة وإدارة للمالية"، مؤكدًا أن "الاحزب القديمة قدمت أنظمتها الداخلية إلى دائرة الأحزاب التي صادقت عليها "
ويلفت البدران إلى أن "الأنظمة الداخلية لهذه الأحزاب، التي صادقت عليها دائرة الأحزاب، مثبت فيها مواعيد إجراء انتخاب الهيئة القيادية وكذلك تحديد عمر هذه الرئاسة قد تكون لخمس سنوات أو أقل أو أكثر"، كاشفاً عن "قيام بعض الأحزاب بتغييرات وتعديلات في أنظمتها الداخلية بما ينسجم مع قانون الأحزاب الجديد".
أرسل تعليقك