حظي الرئيس اللبناني ميشال عون بتأييد دولي لافت في اليوم الأول لبدء نشاطه في قصر بعبدا الجمهوري . فقد أجرى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، اتصالاً هاتفياً، الثلاثاء، بالرئيس اللبناني ميشال عون، عبر فيه عن تهنئته بانتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية. وأكد الملك سلمان على وقوف المملكة العربية السعودية مع لبنان ووحدته، متمنياً للرئيس عون التوفيق، وللجمهورية اللبنانية وشعب لبنان الشقيق الرخاء والاستقرار.
وقد عبر الرئيس اللبناني عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على التهنئة وعلى مشاعره تجاه لبنان وشعبه.
كما حظي انتخاب الرئيس عون بمباركتين دوليتين الأولى من مجلس الامن الدولي والثانية من وزير الخارجية الاميركية جون كيري الذي هنأه في اتصال بانتخابه وأعرب له عن "وقوف الولايات المتحدة الاميركية الى جانب لبنان والتزامها دعم الجيش اللبناني في مواجهته للارهاب وسعيه لتعزيز الاستقرار". وأشار كيري الى ان بلاده "كما المجتمع الدولي، يتطلعان الى تشكيل حكومة جديدة في اقرب وقت ممكن".
وحض مجلس الأمن الزعماء اللبنانيين على البناء على انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية للإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية والإستعداد لإجراء الإنتخابات النيابية بحلول أيار المقبل. بيد أن رسالته الأهم تمثلت في مطالبته كل الأطراف بـ"إعادة التزام سياسة النأي بالنفس" عن الأزمة السورية، بما يتفق و"بيان بعبدا".
وأوضح البيان الذي أعدت مشروعه فرنسا وأجمع عليه سائر الأعضاء، بكل القرارات والبيانات الرئاسية لمجلس الأمن حول الوضع في لبنان، بما فيها بيان 22 تموز 2016، مشدداً على "دعمه القوي لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي، بالتطابق مع القرارات 1701 و1680 و1559. ورأى المجلس أن "صون استقرار لبنان مهم للأمن والإستقرار الإقليميين"، مستعيداً "مطالباته السابقة لكل الأطراف اللبنانيين بإعادة التزام لبنان سياسة النأي بالنفس والإمتناع عن أي تورط في الأزمة السورية، بما يتفق والتزامهم بيان بعبدا".
وعبر عن تقديره لمجموعة الدعم الدولية للبنان، ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك المنظمات الدولية، الى ضمان استمرار الدعم للبنان في معالجة التحديات الاقتصادية والأمنية والإنسانية التي تواجه البلاد. كما جدد دعمه للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وشجعها على "مواصلة مساعيها الحميدة في هذه الفترة الحرجة بالنسبة الى لبنان، بالتنسيق الوثيق مع مجموعة الدعم الدولية".
واليوم يبدأ رئيس الجمهورية ميشال عون الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة العهد الأولى العتيد، على أن يستكملها غداً والتي بات من المؤكد أن نتيجتها ستكون تسمية الرئيس الاسبق سعد الحريري بتأليف الحكومة الجديدة خلفًا لحكومة الرئيس تمام سلام المستقيلة دستوريًا. وقد حدّد الرئيس عون آخر موعد في الاستشارات للرئيس نبيه بري، وتم هذا الامر بالتنسيق بين بروتوكول مجلس النواب والدوائر المعنية في القصر الجمهوري.
وأفادت مصادر رئيس المجلس أن بري طلب ان يكون في آخر المواعيد، لئلا يضطر الى زيارة القصر الجمهوري ثلاث مرات، بحكم موقعه رئيسا للمجلس، ثم رئيساً لكتلة "التنمية والتحرير"، وأخيراً ليطلعه الرئيس ميشال عون على حصيلة الاستشارات.
وسيعقد بري اجتماعاً لكتلته اليوم لاتخاذ القرار المناسب. وكان الرئيس فؤاد السنيورة أبلغه في اتصال أمس اعلان كتلة "المستقبل" تسميتها الرئيس سعد الحريري لرئاسة الوزراء. ونقل زوار بري عنه ان لا قرار لديه و"حزب الله" حتى الآن بتسمية الذي سيختارانه لرئاسة الحكومة. وعزا كل ما يتردد عن توحيد موقفه والحزب في هذه النقطة الى انه "في كل الاستحقاقات لتأليف الحكومة كان موقفنا واحداً". وسئل عن امكان اقدام كتلته على تسمية الحريري، فأجاب بسؤال: "هل هناك مرشح آخر؟ من هو؟"
وفي آخر المعطيات المجمعة والتي توافرت لـ"النهار" عن الاستشارات الآتي:
أعلن "تكتل التغيير والاصلاح" (20 صوتاً) أمس دعمه ترشيح الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، كذلك فعلت "كتلة المستقبل" النيابية (33 صوتاً). ومن المتوقع ان يحصل أيضاً على تأييد كل من "كتلة القوات اللبنانية" (8 نواب) وكتلة الكتائب" (5). ورجحت المصادر المتابعة لـ "النهار" ان تحذو كتلة "لبنان الحر الموحد" (4) برئاسة النائب سليمان فرنجية حذوها، اضافة الى "اللقاء الديموقراطي" (11)، وقال النائب عاصم قانصوه إنه "قد تكون للضرورة أحكام".
أما بالنسبة الى الثنائية الشيعية، فلا تتوقع المصادر أصلاً ان يتجه "حزب الله" الى تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة وهو لم يفعل ذلك سابقاً سواء مع الحريري الاب أو الابن منذ العام 1992، الا انها ترجح ان يمضي الرئيس بري، على رغم التباعد الحاصل، بتسمية الحريري لعدم تعميق الشرخ الحاصل معه واظهار موقف الثنائية الشيعية كأنه موجه ضد الطائفة السنية وخصوصاً بعد الكلام السابق عن "العودة الى ميثاق العام 1943 والثنائية" المارونية السنية. وأكدت المصادر ان بري سيحصل على حصة وازنة في الحكومة المقبلة، وينوي "حزب الله" كما دوماً التنازل من حصته لارضاء بري والمحافظة على التضامن الشيعي.
وأكدت المصادر المتابعة ان طلب بري عدم حضوره أول الاستشارات ثم حضوره مع كتلته في اليوم الاول، لا يعود الى مواعيد سابقة أو أسباب أمنية كما قالت مصادره، بل يدخل في سياق الموقف المعترض، ولعدم اعلان موقفه في الترشيحات باكراً، افساحاً في المجال لمزيد من الاتصالات. وعلمت "النهار" ان نواب "كتلة الوفاء للمقاومة" لم يتبلغوا حتى مساء أمس قرار الحزب، لكنهم على الارجح لن يعلنوا أمام الاعلام قرارهم، بل سيتركونه في عهدة الرئيس عون حتى مساء الخميس في انتظار بلورة موقف بري.
أرسل تعليقك