واشنطن ـ يوسف مكي
عندما تم تعيين المحامي روبرت مولر لقيادة تحقيق خاص بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016 قبل 13 شهرًا، كان الذعر يشع من الجناح الغربي، وهذا ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" جيمس كومي، والذي قال إن الرئيس طلب منه وقف التحقيق بشأن مستشاره السابق مايكل فلين وعلاقاته بروسيا المتهمة بالتدخل في الانتخابات الرئاسية.
ووسط الشكوك في أن ترامب حاول عرقلة العدالة، بدا أن رئاسته الصغيرة - في هذا التوقيت - خرجت عن السيطرة. لتدفع بالتساؤل هل كان حقا هناك تعاون بينه وبين الروس؟ وما الذي كان سيجده مولر عندما كان يتجول في إمبراطورية ترامب؟ هل تعد هذه فضيحة "ووترغيت" جديدة؟.
ولقد أدت رئاسة ترامب إلى استقطاب البلاد، لكن الموقف الذي يتقاسمه اليسار واليمين يقول ويتحدث عن كيفية تعرض تحقيق مولر لخطر فقده وانتهائه. ويتفق الجناح الشعبوي للحزب الجمهوري وقيادة الحزب الديمقراطي على أمر واحد: إذا كانت مسألة الإطاحة بترامب من منصبه ستسيطر على المشهد السياسي لبقية العام، إلا أنه سيستفيد بشكل كبير".
وقال ستيف بانون، الاستراتيجي السياسي السابق لترامب، لصحيفة "نيويوركر"، إنه ينبغي على الجمهوريين أن يخوضوا الانتخابات النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر)، والتي ستقرر من الذي يسيطر على الكونغرس، وعلى إثر ذلك سيقود إلى استفتاء بشأن الإقالة، وفيما قالت نانسي بيلوسي، القائدة الديمقراطية في مجلس النواب، "لا أحب أن أتحدث عن الإقالة"، مضيفة "العزل ليس أداة سياسية. يجب أن يقوم على أساس القانون والحقائق"، وأشارت "كانت الظروف السياسية خاطئة. لا توجد وسيلة لمساءلته بالتعاون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الوقت الحال".
وعملية العزل في أميركا تأخذ إجراءات عدة، حيث ينص الدستور الأميركي على أنه يمكن للكونغرس عزل الرئيس أو نائبه أو القضاة الفيدراليين في حال الخيانة أو الفساد أو أي جرائم أخرى وجنح كبري، وتتضمن إجراءات عزل الرئيس مرحلتين: فيصوت مجلس النواب في البدء بالأغلبية البسيطة على مواد الاتهام التي تفصل الأفعال المنسوبة إلى الرئيس، وفي حال توجيه التهمة للرئيس الأميركي يتولى مجلس الشيوخ محاكمته، وتجرى المحاكمة برئاسة القاضي الأعلى في المحكمة العليا ويكون مجلس الشيوخ هيئة المحلفين، وبعدها توجه السلطة التشريعية التهم للرئيس استنادا إلى تحقيق خاص تطلبه، ويتطلب توجيه الاتهام وبدء المحاكمة موافقة مجلس النواب بأغلبية الثلثين. فيما تتطلب الإدانة وخلع الرئيس من منصبه، موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ، وفي حال حدوث ذلك يصبح العزل تلقائيا ولا رجعة فيه .
في الوقت الحالي، على الأقل، فشل تحقيق مولر في تحقيق هذا النجاح، وقد وجه الفريق اتهامات جنائية ضد أربعة رجال مرتبطين بحملة ترامب، فاتُهم بول مانافورت، رئيس الحملة السابق، ورفيقه التجاري ريتشارد غيتس بجرائم مالية كانت تسبق في الغالب دخول ترامب في السياسة، فيما اعترف مايكل فلين مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب السابق للأمن القومي الجمعة، بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن اتصالات أجراها في كانون الأول/ديسمبر الماضي مع السفير الروسي لدى واشنطن آنذاك سيرغي كيسلياك، كما أقر أيضا بالذنب جورج بابادوبولوس وهو مستشار سابق في السياسة الخارجية في حملة ترامب.
ويوجه مولر الاتهام إلى 19 شخصًا وثلاث شركات كجزء من تحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، وتشير صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أنه في كل مرة يوسع نطاق تحقيقاته، فإن جوقة الجمهوريين تطالبه بالتصعيد أو الصمت. ومع مرور كل أسبوع، يبدو أن تحقيق مولر بدأ ينحرف أكثر من مزاعم التواطؤ مع روسيا وباتجاه مواجهة مع ترامب، ومن الممكن أن يقع بنفسه ويعترف ومن ثم تحدث إقالته، مثلما انتهى تحقيق "ستار"، الذي تم تشكيله في البداية للتحقيق في فضيحة الممتلكات في وايت ووتر، وأدى إلى إقالة الرئيس بيل كلينتون بسبب كذبه بشأن علاقته مع متدرب في البيت الأبيض.
أرسل تعليقك