لا يوجد سوى القليل من السرية بشأن اجتماع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إذ قطعت ماي عطلته الصيفية في وقت لاحق الجمعة، للاجتماع بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في فورت بريغانسون، وكما هو متوقع في الاجتماعات الخاصة يمكن أن يتوقع من السيدة ماي أن تكرر تصريحاتها العلنية بأن المملكة المتحدة قدمت عرضا جوهريا بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والآن حان الوقت لأوروبا أن تردّ بالمثل.
وتعتقد السيدة ماي بأن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو تحويل المحادثات من المسار التقني الذي تديره المفوضية الأوروبية التي سبب وجودها الصادق هو الدفاع عن قواعد الاتحاد الأوروبي إلى مسار سياسي، حيث رؤساء الاتحاد الأوروبي واتخاذ قرارات في العالم الحقيقي، وبالتالي السيد ماكرون هو مفتاح ذلك، إذ بعد أن تحررت من الهراءات التي ترافق الزيارة الرسمية، من المأمول أن يتمكن الزعيمان من الدخول في بعض الكلام المباشر.
وفي الحقيقة، الموقف البريطاني واضح، ستقول السيدة ماي إنها حققت قفزة عملاقة بعرضها لقبول المعاهدة، وهو كتاب مشترك حول لوائح السلع الأوروبية، وقوانين المنافسة والمعونة الحكومية، مما يبقي المملكة المتحدة في المدار التنظيمي للاتحاد الأوروبي إلى الأبد، ولا شك أنها ستذكر ماكرون، أنها تخلت عن بعض وزرائها، وتركت إدارتها تترنح على حافة الهاوية، لذلك إذا لم ينحنِ الاتحاد الأوروبي قليلا عن "الحريات الأربع"، فستنكسر بالتأكيد.
وفقا إلى مصادر دبلوماسية رفيعة في باريس، من المرجح أن يتبع انهيار حكومة السيدة ماي شيء أقل قبولًا لأوروبا، وسواء أكان الاستحواذ بعد الانهيار من قبل الأوروبيين المتشددين الذين كانوا يرون سرا أن الاتحاد الأوروبي يتفكك كليا أو حكومة متشددة يسارية بقيادة جيريمي كوربين الذي يريد أن يتحرر من قواعد المساعدات الحكومية للاتحاد الأوروبي، ينبغي على ماكرون أن يكون حذرا للغاية.
والملخص هو الورقة البيضاء هي نقطة البداية، حيث يعالج بشكل مباشر العديد من قضايا التباعد التنافسية التي أثارها الاتحاد الأوروبي، والآن تخرج الخطوط الحمراء الصارمة، وغير ذلك سينتهي الأمر بالخروج دون صفقة، وهو أمر كارثي لجيل كامل في بريطانيا وأوروبا.
لكن ماذا عن التفكير الفرنسي؟ أولاً، المسؤولون في باريس أقل ميول درامية بكثير حول عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعلى حد قول أحدهم، "غير عاطفين" بشأن القرار البريطاني بالمغادرة، ولكن يدركون أنه سيكون كارثيا للمملكة المتحدة على المدى القصير.
ويجب على البريطانيين قبول قرارهم بالمغادرة والرحيل دون محاولة التمسك في نفس الوقت بجميع منافع العضوية، كما تفهم أوروبا مشاكل السيدة ماي، ولكنها لا تستطيع حلها من خلال خلق مشاكل جديدة لنفسها، وثانيا، هناك قضية رئيسية تتمثل في الثقة أو عدم وجودها، مما يجعل من الصعب على ماكرون قبول عرض ماي، ومن وجهة النظر هذه فإن الورقة البيضاء في المملكة المتحدة ليس مناسبة، لكنها مجرد خلفية "لسوق منفرد للبضائع"، حيث تتمتع المملكة المتحدة بحرية الاختلاف في الخدمات بينما لا تتأثر بوصولها إلى الأسواق الأوروبية إلى حد كبير، مما يخيف الاتحاد الأوروبي من تبني إيطاليا النهج نفسه.
وماذا عن القوى ذات العقلية المستقلة في كاتالونيا أو كورسيكا؟ أو حتى لو انشقت أوروبا يوما ما أيديولوجيا، مثل المجر أو بولندا؟ فلا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعمل في بناء المنحدرات.
ويقول البريطانيون إن هذه المخاوف مبالغ فيها، لكن فرنسا تقول إنها غير متأكدة منها، ولا يقتصر الأمر على الترتيبات الجمركية المعقدة التي وضعتها السيدة ماي في شهر مايو/ أيار، بل أيضا على العرض الأساسي للمملكة المتحدة للبقاء على نفس الخط مع أوروبا.
وتنظر فرنسا إلى المملكة المتحدة على أنها بلد كبير للغاية، ولديها الكثير من المفاوضات التي تنطوي على قدر كبير من المخاطرة من أجل وضع ترتيبات معقدة، ومن ثم، فإن المنطق يقول: إذا وافقت المملكة المتحدة حتى على إبرام معاهدة على "كتاب القواعد المشتركة"، فعندئذ من الناحية النظرية فإن الانقلاب البريطاني سيؤدي إلى انهيار كلي في الترتيب، لكن هل سيحدث ذلك عمليا؟
ويمكن للفرنسيين رؤية أنه سيكون من الصعب جدًا فرضها، إذا كانت المملكة المتحدة اتخذت خطوة تدريجية بعيداً عن ذلك، فلنفترض أن اللوائح التنظيمية الكيميائية ستفقد جميع الرهانات؟ ولكن في الممارسة، لا، فهناك الكثير على المحك في العلاقة التجارية، إذا، خطوة بخطوة تدريجية، تحت غطاء آليات تسوية النزاعات التي لا تحل النزاعات حقا، فإن البريطانيين يحصلون على كعكاتهم ويأكلونها.
وإذا كان الشكل الماضي هو الوضع الراهن، فإن ماكرون سيقترح على السيدة ماي أن تركز على إبرام "صفقة طلاق" ضيقة، بما في ذلك الدعم الأيرلندي المرعب، وفتح الباب لاتفاقية التجارة الحرة، وكلها ستكون أسهل بكثير إذا انضمت المملكة المتحدة أيضًا إلى اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، وستحتج السيدة ماي على ذلك، وفي نهاية المطاف، هذه هي خيارات المملكة المتحدة، لذلك ربما يكون ماكرون أكثر مرونة من نظرائه، ولكن لا ينبغي على داونينغ ستريت أن تراهن على ذلك، ومن المرجح أن تخرج السيدة ماي من اجتماعها وتفهم أن حسابات ماكرون حول تكاليف "عدم التوصل إلى اتفاق" تتم معايرتها في النهاية بشكل مختلف نوعًا ما عن حساباتها الخاصة.
أرسل تعليقك